تقارير-و-تحقيقات

بعد تمديد المهلة 6 أشهر.. هل تنجح الحكومة في إنقاذ ملف التصالح بمخالفات البناء؟

تقرير – آيــة زكــي

رغم التيسيرات الحكومية الأخيرة في ملف التصالح بمخالفات البناء، والتي تضمنت خفضًا بنسبة 25% عند السداد الفوري ومد فترة التقديم لمدة 6 أشهر جديدة تبدأ من 5 نوفمبر المقبل، إلا أن مؤشرات الإقبال لا تزال محدودة، ما يثير تساؤلات حول قدرة هذه الإجراءات على إنعاش أحد أكثر الملفات الشائكة في منظومة الإدارة المحلية.

فبينما تراهن الحكومة على تشجيع المواطنين على تقنين أوضاعهم، يرى خبراء أن المشكلة أعمق من مجرد تخفيض نسبي في المبالغ، إذ ترتبط بثقة المواطنين، ومستوى الأسعار، وآليات التنفيذ داخل الوحدات المحلية.

حمدي عرفه : الإقبال لا يزال ضعيفًا رغم التسهيلات

يؤكد الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، أن قانون التصالح صدر لأول مرة في مارس 2019، بينما بلغ عدد العقارات المخالفة المسجلة أكثر من 3 ملايين و240 ألف عقار، موضحًا أن أي مبنى تم بناؤه قبل عام 2008 لا يدخل ضمن نطاق التصالح لأن قانون البناء الموحد صدر عام 2008.

وأشار عرفة في تصريحاته لـ”اليوم” إلى أن الإقبال الضعيف من المواطنين هو السبب الرئيسي وراء اتجاه الحكومة لتخفيض قيمة التصالح بنسبة 25%، لافتًا إلى أن آلاف المواطنين قدّموا أوراقهم بالفعل، لكن كثيرين لم يسددوا المبالغ المطلوبة أو لم يستكملوا ملفاتهم بسبب التعقيدات الإجرائية أو ضعف المتابعة من الإدارات المحلية،مضيفًا أن بعض الوحدات المحلية “لم تستطع مواكبة حجم المخالفات الضخم”، ما تسبب في بطء الإنجاز داخل الأحياء والمراكز، رغم وجود دعم سياسي وتشريعي لسرعة حسم هذا الملف.

ويرى الخبير في الإدارة المحلية أن الحكومة قدمت تسهيلات غير مسبوقة للمواطنين، من بينها خفض الرسوم وتقسيط المبالغ على 3 سنوات، إلا أن معدلات الإقبال ما زالت محدودة، ويعزو ذلك إلى الضغوط الاقتصادية التي يعيشها المواطنون حاليًا نتيجة ارتفاع أسعار السلع والخدمات والمواصلات، ما يجعلهم غير قادرين على تخصيص مبالغ إضافية للتصالح حتى مع وجود تخفيضات.

وأشار عرفة إلى أن القيمة التي حددتها الحكومة كافية نسبيًا لجذب المواطنين في القرى، حيث يبلغ متوسط سعر المتر في التصالح 50 جنيهًا فقط، لكنها لا تزال مرتفعة في بعض المدن، إذ تتراوح الأسعار بين 100 و1000 جنيه للمتر،بمطالبًا إعادة النظر في تسعير التصالح بالمناطق الحضرية لتشجيع الفئات المتوسطة على الاستفادة من المهلة الجديدة.

إيهاب منصور: القانون فشل وأضاع 200 مليار جنيه على الدولة

من جانبه، انتقد المهندس إيهاب منصور، عضو مجلس النواب، أداء الحكومة في ملف التصالح، مؤكدًا أن القانون الحالي “لم يحقق أهدافه بعد مرور أكثر من ست سنوات على بدايته”.

وقال منصور في تصريحاته لـ” اليوم “: قانون التصالح في مخالفات البناء بنسختيه القديمة والجديدة فشل في التطبيق على أرض الواقع، والدولة خسرت بسببه ما يقرب من 200 مليار جنيه كان من الممكن أن تدخل خزينة الدولة لو تم التعامل مع الملف بجدية واقعية، مضيفًا أن القانون رقم 18 لسنة 2019 بدأ تطبيقه منذ أكثر من 6 سنوات، ثم صدر القانون الجديد رقم 187 لسنة 2023، ومع ذلك لم تتجاوز طلبات التصالح الفعلية 10% من إجمالي المخالفات، رغم كل الإعلانات والمهل والتخفيضات.

وشدد النائب على أن فشل المنظومة لا يرتبط فقط بالمواطن، بل أيضًا بضعف الإدارة المحلية في التعامل مع الملف، مؤكدًا أن بعض المواطنين لجأوا إلى دفع رشاوى أو الالتفاف على القانون لتجنب الغرامات أو الإزالات، وهو ما “يجعل الأزمة أكثر تعقيدًا ويقوض الثقة بين المواطن والحكومة.

وأوضح منصور، نحن بحاجة إلى إعادة صياغة شاملة لمنظومة التصالح، تبدأ من تقييم الأسعار، مرورًا بتبسيط الإجراءات، وصولًا إلى تعزيز الشفافية داخل الأجهزة المحلية، لأن ما يحدث حاليًا لا يحقق الردع ولا يوفر العدالة ولا يخدم التنمية العمرانية التي تستهدفها الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights