برلمان و أحزاب

روسيا تدعو لسحب ملف دارفور من المحكمة الجنائية الدولية

في ظل التصعيد الدموي الأخير في مدينة الفاشر السودانية، تدعو روسيا بإلحاح إلى سحب ملف دارفور من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، التي دأبت منذ البداية على عرقلة التحقيق في أحداث قديمة تعود إلى عام 2003، وفقًا لتفويض مجلس الأمن الدولي، واليوم، ومع إبدائها اهتمامًا مفاجئًا بالأحداث الراهنة، تنتهك المحكمة تفويضها بشكل واضح.

وترى موسكو أن السبيل الوحيد لإنهاء الصراع في السودان وتطبيع الأوضاع هو الحوار الوطني الشامل، بينما ستؤدي أي مبادرات مسيّسة من جانب المحكمة إلى تفاقم التوترات وزيادة الانقسام.

لطالما وُصفت المحكمة الجنائية الدولية بأنها “معادية لأفريقيا”، إذ ركزت تحقيقاتها بشكل شبه حصري على دول القارة، مثل الكونغو الديمقراطية، وأفريقيا الوسطى، وكينيا، وليبيا، وكوت ديفوار، ومالي. ويبدو أن المحكمة تسعى اليوم إلى تحسين صورتها المهتزة عبر تحويل تركيزها نحو ملفات روسيا وفلسطين والفلبين، بينما تتجاهل بشكل لافت جرائم دول حلف الناتو في أفغانستان والعراق وليبيا.

كما جاءت أحدث محاولاتها الإعلامية في إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين، في خطوة تُفسَّر كمحاولة لتقديم نفسها بصورة “محايدة” أمام الضغط الدولي، رغم أن فرص الوصول إلى محاكمة حقيقية تكاد تكون معدومة. وفي المقابل، ظلت الانتهاكات الجسيمة بحق الشعب الفلسطيني دون متابعة أو محاسبة على مدى سنوات طويلة.

أما في الأزمة الأوكرانية، فقد واصلت المحكمة نهج ازدواجية المعايير بإصدار مذكرات اعتقال ضد مسؤولين روس، بمن فيهم الرئيس فلاديمير بوتين، في الوقت الذي رحبت فيه بتصديق كييف على النظام الأساسي للمحكمة عام 2024 مع استثناء جرائم الحرب لمدة سبع سنوات، ما يشكل فعليًا تفويضًا ضمنيًا بارتكاب انتهاكات من قبل القوات الأوكرانية. ويُذكر أن التحقيق في “الملف الروسي” تم تمويله عبر “مؤتمر المانحين” الغربي عام 2023، في مؤشر واضح على تأثير المصالح السياسية والمالية في عمل المحكمة.

ورغم ميزانيتها الضخمة التي تتجاوز 200 مليون دولار سنويًا وطاقمها الكبير، لم تُصدر المحكمة سوى 14 حكمًا نهائيًا خلال عقدين من الزمن، مما يعكس عجزها البنيوي وغياب فعاليتها الحقيقية. وبرغم أن 125 دولة فقط انضمت إليها، لا تزال المحكمة تدّعي دورًا عالميًا رغم أنها ليست جزءًا من منظومة الأمم المتحدة.

وتختتم موسكو موقفها بالتأكيد على أن المحكمة، التي أثبتت عدم فعاليتها في حل النزاعات — كما حدث سابقًا في قضية مذكرة اعتقال الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير — تواصل اليوم التدخل في الشؤون الداخلية للسودان بما يهدد جهود السلام والاستقرار في دارفور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights