عبدالله تمام يكتب: مصر تصنع التاريخ من جديد عبر المتحف المصري الكبير

يشكل المتحف المصري الكبير أحد أهم الإنجازات الوطنية في تاريخ مصر الحديث، فهو ليس مجرد مشروع أثري أو معلم سياحي ضخم، بل يعد أيقونة ثقافية عالمية تعكس رؤية الدولة المصرية لبناء “الجمهورية الجديدة” القائمة على المعرفة، والهوية، والابتكار.
فهذا الصرح العملاق القابع على أعتاب الأهرامات، يجسد قدرة مصر على تحويل تاريخها العريق إلى قوة ناعمة مؤثرة تتحدث للعالم بلغة الإبداع، وتعيد رسم مكانتها كمنارة للحضارة الإنسانية.
حلم الوطن يتحول إلى واقع
لم يكن إنشاء المتحف المصري الكبير وليد اللحظة، بل هو حلم راود أجيالاً من المصريين، حتى أصبح اليوم مشروعاً قومياً يجسد الرؤية الطموحة للقيادة السياسية في تحويل مصر إلى مركز ثقافي عالمي.
إنه مشروع استراتيجي يتجاوز كونه صرحاً معمارياً، ليصبح أداة لترسيخ الهوية الوطنية، وتأكيد أن مصر قادرة على استثمار تاريخها المجيد في بناء مستقبلها بثقة وقوة.
تكنولوجيا تلتقي بالحضارة
ما يميز المتحف المصري الكبير أنه لا يكتفي بعرض الآثار، بل يعيد إحياء التاريخ عبر تجربة تفاعلية فريدة تجمع بين التكنولوجيا الحديثة والعمق الإنساني للحضارة المصرية.
فقد زُوّد المتحف بأحدث تقنيات العرض والإضاءة والوسائط الرقمية، ليعيش الزائر تجربة تعليمية وسياحية متكاملة، وكأنه يسافر عبر الزمن من قلب القاهرة إلى آلاف السنين في عمق التاريخ المصري.
إنه ليس مجرد متحف… بل رحلة معرفية مبهرة تُخاطب العقول وتلامس القلوب.
قاطرة جديدة للاقتصاد والسياحة لا يقتصر دور المتحف المصري الكبير على الجانب الثقافي، بل يمتد ليصبح رافعة اقتصادية قوية تدعم قطاع السياحة وتفتح آفاقاً جديدة للاستثمار.
فالمتحف من المنتظر أن يجذب ملايين الزوار سنوياً من مختلف دول العالم، ما يخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في مجالات السياحة، والخدمات، والتعليم، والبحث العلمي.
بهذا، يتحول المتحف إلى قاطرة للتنمية المستدامة، تسهم في بناء اقتصاد قائم على الثقافة والمعرفة،
حصن الهوية المصرية في ظل العولمة وتسارع التغيرات الثقافية، يأتي المتحف المصري الكبير ليكون درعاً للحفاظ على الهوية المصرية الأصيلة.
فهو يحتضن آلاف القطع الأثرية النادرة التي تحكي قصة الإنسان المصري منذ فجر التاريخ، وتقدم للعالم نموذجاً فريداً عن حضارة لم تنطفئ يوماً.
وما يميز المتحف أنه لا ينظر إلى الماضي كذكرى، بل كمصدر إلهام لبناء مستقبل قائم على الابتكار والاعتزاز بالجذور.
الماضي يلتقي بالمستقبل يرسل المتحف المصري الكبير رسالة واضحة للعالم: أن مصر التي شيّدت الأهرامات وكتبت أول فصول الحضارة، قادرة اليوم على صياغة مستقبلها بنفس روح الإبداع والعزيمة.
فالافتتاح المنتظر لهذا المعلم الثقافي سيكون حدثاً تاريخياً بامتياز، وإعلاناً جديداً بأن مصر لا تزال قلب التاريخ وعقل الإبداع في آن واحد.
ختامًا: مصر تصنع التاريخ من جديد المتحف المصري الكبير ليس مشروعاً عادياً، بل هو رمز لعصر جديد من الريادة الثقافية والحضارية، إنه دليل على أن مصر لا تكتفي بالاحتفاظ بماضيها، بل تواصل صناعة التاريخ وإلهام العالم من خلال الجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وسيبقى هذا الصرح شاهداً على أن مصر ليست حضارة انقضت، بل قوة ثقافية حية تواصل الإبداع والتأثير في الحاضر والمستقبل.



