مقالات
محمد كامل العيادي يكتب: السودان بين أنياب الشيطان

هل يأتي يوم ونجد إسرائيل في الخط الأول للحرب في السودان؟ هل سيكون لإيران دور رئيس ومحوري في منطقة الشرق الأوسط؟..
جاءت موجة من اليهود إلى السودان في نهاية القرن التاسع عشر، واتخذوا من أم درمان مكانًا لهم، حيث أقاموا معبدًا يهوديًا في عام 1889م، ومن ثم تشكيل رابطة يرأسها الحاخام اليهودي “بن كوستي”، اندمج هؤلاء في المجتمع السوداني، وبعضهم تنكر لأصوله اليهودية، بل وقاموا بتغيير أسمائهم إلى أسماء عربية، تُشير إلى المغرب مثل “المغربي”، أو إلى بغداد مثل البغدادي، وغيرها من الأسماء، وهي بلدان عاش فيها آباؤهم وأجدادهم لفترة، مما أكسبهم إتقان الحديث باللغة العربية، كما أسسوا مجموعة من شركات المقاولات والتجارة التي يمتلكون فيها خبرة واسعة، ومن أشهر هؤلاء التجار حينئذ هم “أولاد مراد إسرائيل، وليون تمام وإخوانه، وحبيب كوهين، وسيوريس وفيكتور شالوم وآل عبودي”.
استعان الخليفة عبدالله في العهد المهدوي بالحاخام “بن كوستي” لفتح عملية التجارة بين مصر والسودان، ولضمان نجاح هذه العملية وقبول الناس له، قام بتغيير اسمه إلى “عبد القادر البستنيني”، وبعد تفشي ظاهرة اعتناق الأقباط واليهود الإسلام، دأب اليهود على دعوة الحاخام “سلمون ملكا” لتعليم الأطفال اليهود شعائرهم الدينية، حتى لا ينخرطوا مع المسلمين ونسيان عقيدتهم، وبالفعل تم الإعلان الرسمي عن تأسيس جالية يهودية في عام 1908م.
جاء هذا بعد اجتماع “كامبل” رئيس وزراء بريطانيا عام 1907م، الذي وضع خطة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، وبعد حوالي عشر سنوات، تم تأليف بعض الكتب اليهودية منها “بنو إسرائيل في أرض المهدي”، وكتاب “أطفال في بقعة المهدي”، وقاموا بإنشاء نادٍ رياضي تحت مسمى “مكابي” في الخرطوم.
بدأ العداء لليهود في السودان بعد احتلال إسرائيل دولة فلسطين عام 1948، مما أدى إلى خروج بعض اليهود من السودان واستقرارهم في دول أفريقية أخرى، وعودة البعض منهم إلى أوروبا.
وقام الرئيس “النميري” بتأميم ومصادرة ممتلكات اليهود، ولذلك كان لإسرائيل دور مهم فيما حدث في السودان من حروب مدمرة، بالتزامن مع صعود مرتزقة يخدمون مشروع تدمير السودان، وتسليمه على طبق من ذهب لإسرائيل، وتصبح السودان مستوطنة إسرائيلية بين عشية وضحاها.
لذلك نجد هذا الدعم اللامحدود لما يحدث مع أطراف الصراع هناك، وذلك لسببين رئيسيين: الأول هو السيطرة على السودان كمنطقة استرتيجية حيوية نظرًا لكونه منبع مياه النيل، خاصة بعد السيطرة على إثيوبيا، ومحاولة السيطرة على “الفاشر”.
والسبب الآخر هو السعي الدؤوب إلى إعادة إرث اليهود والأخذ بالثأر؛ حسب رؤية اليهود، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي “نتنياهو”، والذي كان من ضمن يهود السودان، حيث كان يقطن في منطقة تُدعي “نوري-مروى”، وكان ينتمي لعائلة “شاؤول الياهو”.
من المتوقع أن تكون الخطوة القادمة هي تواجد إيران على أرض السودان، تحت شعار الدفاع عن السودان واستقلال اراضيه، وتقوم رحى الحرب حتى تتمكن إسرائيل من السيطرة الكاملة على السودان، وسوريا ولبنان، ومعها غزة، في محاولة منهم الحصول على ما يتطلعون إليه؛ وهو الحصول على الجائزة الكبرى “مصر”، والذي يليها إعلان دولة اليهود الكبرى من النيل للفرات.
ولكن ستكون مصر أبية عليهم، قد يفضي هذا عن نشوب حرب عالمية ثالثة، خاصة بعد احتمالية تدخل الصين وروسيا، وذلك للحفاظ على مكانتهم ومصالحهم في الشرق الأوسط، وهو ما قد يؤدي إلى نهاية الكيان الصهيوني، ويُسدل الستار على هذه المسرحية الهزلية وتتحقق؛ وتلك هي اللعنة؛ لعنة الثمانين عامًا التي يخافونها، ويتخلص العالم من قبضة الشيطان. (حفظ الله مصر والعالم الإسلامي من هذه المكائد المتواصلة).


