حصاد رمضان.. الأزهر يعيد رسم خريطة الفتوى والتوعية

في مشهد غير مسبوق من الحراك الديني والتوعوي، كشف “مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية” عن إنجازات نوعية تحققت خلال شهر رمضان المبارك لعام 1446هـ، عبر استخدامه المكثف للأدوات الرقمية والمنصات التفاعلية، إلى جانب مبادرات ميدانية في عمق الشارع المصري لم تكن هذه التحركات مجرد أرقام وإحصاءات، بل تمثل تحولًا حقيقيًا في كيفية توصيل الفكر الإسلامي الوسطي، ومواجهة ما يطرحه الواقع المعاصر من تحديات، على رأسها الفكر المتطرف، والشبهات الدينية، وأزمات المجتمع النفسية والأسرية.
فتاوى إلكترونية بالأرقام: 71 ألف سؤال وجواب من العالم إلى الأزهر
تصدر تقديم الفتاوى الإلكترونية قائمة إنجازات المركز الرمضانية، حيث تعامل مع 71,354 فتوى قدمت إجابات دقيقة على استفسارات دينية واجتماعية من مختلف دول العالم هذا الكم الكبير من الفتاوى، التي وردت عبر المنصات التفاعلية الرسمية للمركز، يعكس حجم الثقة المتزايدة عالميًا في المرجعية الأزهرية، وقدرتها على مجابهة متطلبات العصر بلغة واضحة ومبسطة.
لم تقتصر هذه الفتاوى على الجانب الشرعي فقط، بل شملت قضايا أسرية، ومشكلات اجتماعية، واستفسارات حول المستجدات العلمية والطبية، وهو ما يعزز من مكانة المركز كمنصة شمولية تهدف إلى الربط بين تعاليم الدين وتحديات الواقع.
إصلاح ذات البين: وحدة لم الشمل توحد 500 أسرة
على الأرض، كانت “وحدة لم الشمل” بمثابة اليد التي امتدت لترميم الشروخ الأسرية، حيث نجحت خلال رمضان في حل 500 حالة نزاع أسري ومجتمعي، من خلال تدخل مباشر يوازن بين الحسم والحكمة لم تكن هذه الوحدة مجرد صلح تقليدي، بل جمعت بين الفهم الديني العميق، والتدريب النفسي والاجتماعي المتخصص، لتصبح إحدى أبرز أدوات المركز في الحفاظ على بنية المجتمع المصري.
كما نظم المركز 50 ندوة توعوية في مختلف المحافظات، ركزت على ترسيخ مفاهيم الاستقرار الأسري والتماسك المجتمعي، بالتعاون مع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني.
معركة العقل: مواجهة الإلحاد والفكر اللاديني بـ323 نشاطًا فكريًا
أمام تمدد الأفكار الهدامة، التي وجدت في الفضاء الرقمي تربة خصبة، جاء دور “وحدة بيان لمحاربة الإلحاد والفكر اللاديني”، التي نظمت 323 نشاطًا خلال رمضان، شملت ورش عمل، ولقاءات فكرية، ومناظرات مفتوحة. هذه الوحدة اعتمدت على لغة العقل والمنطق والحوار، في تفكيك شبهات الإلحاد، وتقديم خطاب ديني يرتكز على التأصيل الشرعي دون أن يغفل معطيات العلم الحديث.
في مواجهة الأزمات النفسية: دعم مباشر لـ380 حالة
لم يغفل المركز الجانب الإنساني، إذ قدمت “وحدة الدعم النفسي” خدمات لـ 380 حالة واجهت أزمات نفسية متعلقة بالضغوط الاجتماعية أو فقدان المعنى أو الاغتراب الديني ونجحت الوحدة في تقديم الدعم من خلال استشارات مباشرة ومتابعات عبر الهاتف ومنصات التواصل، مستفيدة من فريق متخصص يضم علماء نفس وشريعة في آنٍ واحد.
محتوى علمي وإعلامي غير مسبوق: من الورق إلى البث المباشر
في سياق متصل، أنتج المركز 243 محتوى علميًا متخصصًا، تم نشره عبر موقعه ومنصاته، إلى جانب أكثر من 2,500 مادة توعوية موجهة للشباب، تسلط الضوء على قضايا معاصرة كالتكنولوجيا، العلاقات، والهوية الدينية.
وعلى الساحة الإعلامية، سجل المركز 1,170 مشاركة إعلامية مرئية، مسموعة، ومقروءة، تناولت أبرز قضايا الدين والمجتمع، إضافة إلى 23 بثًا مباشرًا نوقشت فيها قضايا ملحة مثل التكافل، والتدين الصحيح، والانحرافات السلوكية.
تحليل المحتوى الإلكتروني: 3,560 تقريرًا لرصد الخطاب الديني الرقمي
ضمن جهود المتابعة والرصد، أنجز فريق التحليل بالمركز 3,560 تقريرًا ومتابعة، تهدف إلى مراقبة وتحليل المحتوى الديني المنشور عبر الإنترنت، وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي قد تنتشر بفعل القنوات غير المتخصصة أو التي تتبنى أجندات متطرفة هذه المتابعة المستمرة تساعد المركز على تطوير خطابه وضمان فعاليته في مواجهة حملات التشكيك أو التضليل.
تفاعل ميداني واسع: لقاءات الجامع الأزهر وتوزيع 136 ألف نسخة مطبوعة
لم تقتصر أنشطة المركز على العالم الرقمي، بل امتدت إلى الميدان، حيث نظم 46 لقاءً حواريًا في الجامع الأزهر الشريف، جمعت بين علماء المركز وجمهور المصلين والزائرين، في نقاشات مباشرة تعزز التواصل الشعبي مع المؤسسة الدينية.
كما تم توزيع 136 ألف نسخة من مطبوعات المركز في مختلف المحافظات، تتضمن كتيبات، نشرات، وأدلة توعوية تتناول مفاهيم الوسطية، والاعتدال، وأسس التعايش المجتمعي.
كلمة المدير العام: بين التراث ومتطلبات العصر
في ختام هذا الجهد المؤسسي المتكامل، صرح الدكتور أسامة هاشم الحديدي، المدير العام لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، بأن الأرقام تعكس رؤية الأزهر في توظيف أدوات العصر الحديث لخدمة الإسلام الوسطي. وأكد أن المركز يمثل جسرًا حيويًا بين التراث الإسلامي الأصيل ومتطلبات الحياة المعاصرة، عبر فتاوى معتمدة وبرامج توعوية شاملة.
وأشار الحديدي إلى أن التحدي الأكبر اليوم يتمثل في مواجهة الشبهات الإلكترونية المنتشرة عبر منصات التواصل، مشددًا على أن المركز يسعى لتقديم نموذج ديني حديث، يراعي حاجات الناس المعاصرة دون التخلي عن الأصول.
منبر عالمي يعيد تعريف الخطاب الديني
لقد تحول مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية خلال رمضان 1446هـ من مجرد منصة للفتوى إلى منبر عالمي متكامل يعيد تعريف الخطاب الديني، ويؤكد على دور الأزهر الشريف كمؤسسة رائدة في نشر الفهم الصحيح للإسلام في زمن تتسارع فيه التحديات، تبرز أهمية أن يكون هناك صوت ديني رصين يقف في مواجهة الضجيج الرقمي ويقدم الفهم لا التلقين والحوار لا الصدام.