الرئيسيةتقارير-و-تحقيقاتعرب-وعالم

أوروبا تعترف بفلسطين في نيويورك.. وقانوني دولي لليوم: العزلة تخنق إسرائيل

تقرير: سمر صفي الدين

في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتزايد جرائم الحرب الموثقة دوليًا، تتصاعد موجة أوروبية وغربية غير مسبوقة لدعم الاعتراف بدولة فلسطين، بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتسعى هذه الدول إلى تكريس موقف قانوني وسياسي يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية ويضع إسرائيل في عزلة دبلوماسية متنامية، حيث يرى خبراء القانون الدولي أن هذه الخطوات تمثل تحولًا نوعيًا يمنح الفلسطينيين شرعية إضافية ويزيد من الضغوط لمساءلة الاحتلال أمام المحافل القضائية الدولية.

مؤتمر نيويورك الحاسم

في هذا الصدد، أعلنت فرنسا والبرتغال وبريطانيا وأستراليا وكندا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وأندورا وسان مارينو نيتها الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين.

وينتظر أن يتم الإعلان الرسمي خلال مؤتمر دولي يعقد في نيويورك يوم الاثنين المقبل، الموافق 22 سبتمبر، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، في خطوة وصفت بأنها مفصلية على طريق الاعتراف الدولي الشامل بالدولة الفلسطينية.

ويؤكد منظمو المؤتمر أن الهدف ليس فقط إظهار الدعم المعنوي. بل الشروع في مسار قانوني وسياسي واضح يعيد صياغة التوازنات داخل النظام الدولي بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

الاعترافات الأوروبية تمثل تحولًا جوهريًا

أكد الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن هذه الاعترافات الأوروبية المتسارعة تمثل تحولًا جوهريًا في النظام القانوني الدولي.

وأوضح في تصريحات خاصة لـ”اليوم”، أن الاعتراف لا يقتصر على كونه خطوة سياسية أو رمزية. بل يترتب عليه التزامات قانونية واجبة. منها عدم الاعتراف بضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية وتجريم التعامل مع المستوطنات واعتبار وجود الاحتلال غير شرعي.

وشدد مهران على أن الاعترافات الأوروبية تحمل وزنًا قانونيًا مضاعفًا لكونها صادرة من دول مركزية في النظام الدولي. وليس من دول هامشية أو صغيرة، ما يعزز أثرها العملي والسياسي.

نحو عضوية كاملة بفلسطين

وأشار الخبير إلى أن وصول عدد الدول المعترفة بفلسطين إلى أكثر من 150 من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة يضعف الموقف الأمريكي والإسرائيلي داخل المنظمة.

ولفت إلى أن هذه التطورات تضع ضغطًا حقيقيًا على الولايات المتحدة وحلفائها الذين يعرقلون منح فلسطين العضوية الكاملة، مؤكدًا أن استمرار الزخم الحالي قد يجعل هذا الهدف قاب قوسين أو أدنى.

انضمام البرازيل وتداعياته

وحول أهمية انضمام البرازيل إلى الدعوى القضائية، أكد مهران أن هذه الخطوة تقوي موقف جنوب إفريقيا وتمنح الدعوى مصداقية أوسع أمام محكمة العدل الدولية.

وبين أن البرازيل كقوة إقليمية في أمريكا اللاتينية تجلب دعمًا سياسيًا ودبلوماسيًا واسعًا من دول المنطقة. ما يعزز الضغط الدولي على إسرائيل ويضاعف عزلة حكومة نتنياهو.

أدوات ضغط جديدة

وأوضح الخبير أن التحركات الأوروبية والقضائية بدأت تتحول إلى أدوات ضغط ملموسة. إذ انسحبت شركات دولية من السوق الإسرائيلية. وارتفعت حملات المقاطعة الشعبية والقيود على تحركات المسؤولين الإسرائيليين.

وأضاف أن هذا الضغط المتنامي يعيد إلى الأذهان تجربة العقوبات الدولية ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. حين قادت الضغوط المتراكمة إلى انهيار النظام وتحرير الشعب.

سيناريوهات قادمة

وأكد مهران أن تجاهل إسرائيل لهذه الاعترافات والأوامر الدولية قد يؤدي إلى فرض عقوبات شاملة. تشمل الحظر الاقتصادي وحظر الأسلحة والعزلة الدبلوماسية الكاملة.

كما أضاف أن إسرائيل تواجه اليوم أصعب وضع دولي منذ عقود. مع تراجع الدعم التقليدي حتى من بعض الحلفاء الغربيين، مشددًا على أن العدالة للشعب الفلسطيني باتت أقرب من أي وقت مضى.

فرنسا تقود المسار الأوروبي

وفي تصريحات لافتة، شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن بلاده لم تعد تستطيع الاكتفاء بإدانة الاستيطان أو التعبير عن القلق إزاء جرائم الحرب.

وأوضح ماكرون أن الاعتراف بفلسطين جزء من “خطة سلام شاملة” تضمن أمن الفلسطينيين والإسرائيليين معًا. محذرًا من أن التوسع الاستيطاني والعمليات العسكرية في غزة يقوضان أي أمل بحل الدولتين.

كما لفت الرئيس الفرنسي إلى أن استمرار إسرائيل في سياسات الضم من شأنه أن “يدمر صورتها عالميًا” ويزيد من عزلتها حتى بين أقرب الحلفاء الأوروبيين.

البرتغال تمهد الطريق

وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الخارجية البرتغالية أن لشبونة ستعترف رسميًا بدولة فلسطين يوم الأحد، أي قبل يوم من المؤتمر المرتقب.

كما أكدت الوزارة أن القرار يعكس “تفاقم النزاع بشكل مقلق للغاية” إلى جانب التهديدات الإسرائيلية بضم المزيد من الأراضي الفلسطينية. مشيرة إلى أن الاعتراف يأتي دعمًا لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم على حدود 1967.

تحذيرات من الضم

وفي إطار متصل، حذرت الرئاسة الفرنسية من خطط إسرائيل لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية. واصفة هذه الخطوة بأنها “خط أحمر” يمثل أخطر انتهاك للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة.

وشددت باريس على أن أي مساس بحدود 1967 سيقوض جهود التسوية بالكامل. مؤكدة أن التوجه الأوروبي الجديد يقوم على الدفع نحو السلام لا الانخراط في صدامات مفتوحة مع إسرائيل.

انضمام البرازيل قضائيًا

وفي موازاة المسار الأوروبي، أعلنت محكمة العدل الدولية انضمام البرازيل إلى الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة.

وأوضحت المحكمة أن البرازيل قدمت طلبها استنادًا إلى المادة 63 من النظام الأساسي. باعتبارها طرفًا موقعًا على اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، ما يضيف ثقلًا جديدًا للتحرك القانوني ضد الاحتلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights