الأزهر يرسخ قيم الاستخلاف وتكريم الإنسان في ندوة بجامعة الزقازيق

عقد مجمع البحوث الإسلامية بالتعاون مع اللجنة العليا لشؤون الدعوة الإسلامية بالأزهر ندوة بعنوان “الإنسان والقيم في التصور الإسلامي” ضمن فعاليات الأسبوع الدعوي الرابع بجامعة الزقازيق.
تحدث خلالها الدكتور محمد عبدالدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، مؤكدًا أن الاستخلاف الإلهي للإنسان في الأرض يُبنى على تكريمه وصون كرامته، داعيًا إلى استلهام قيم السيرة النبوية للاقتداء بأخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
أشار الجندي إلى أن تكريم الإنسان يتطلب ارتباطًا روحيًا برسول الله عبر القراءة المتأنية في سيرته، مؤكدًا أن هذا التكريم يحمي القلوب من الفتن ويعزز مناعة الشباب أمام مغريات العصر. وأضاف أن الشباب هم عماد الحضارة وأساس النهضة، موصيًا إياهم باغتنام أوقاتهم والابتعاد عن الهوى لتجسيد معاني الاستخلاف في حياتهم.
أهمية السيرة النبوية في تعزيز القيم
استعرض الجندي قصصًا من السيرة النبوية تُبرز القيم الإنسانية العميقة، مثل قصة الصحابي سواد بن غزية يوم غزوة بدر، التي أظهرت حب الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعتهم له.
وأكد أن هذا الحب الصادق يمثل أساسًا لتعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية في نفوس الشباب، داعيًا إلى التمسك بالعقلانية والتفكير السليم كأدوات لتحقيق كرامة الإنسان.
الكليات الخمس: ضمانة لكرامة الإنسان
من جانبه، تناول الدكتور حسن يحيى، الأمين المساعد للجنة العليا لشؤون الدعوة الإسلامية، الكليات الخمس في الشريعة الإسلامية: حفظ النفس، الدين، العقل، العرض، والمال. وأوضح أنها تهدف إلى تحقيق التكريم الإنساني من خلال صيانة حياة الإنسان من المخاطر الجسدية والفكرية والاجتماعية.
وأشار إلى أن الإسلام لم يقتصر على تحريم القتل والمسكرات فقط، بل دعا إلى بناء الوعي الرشيد وحماية العقول من التضليل والتزييف.
كما شدد على أهمية الوازع الديني في تنظيم حركة الحياة ومنع الانحرافات، مؤكدًا أن الإسلام يُمكن العقل من التفكير الإبداعي واستشراف المستقبل، مما يعزز دور الإنسان في الاستخلاف.
ركائز الاستخلاف والتنمية
أوضح الدكتور حسن يحيى أن تحقيق الاستخلاف يرتكز على ست دعائم أساسية هي:
1. دين متبع: الالتزام بتعاليم الإسلام.
2. سلطان قاهر: دولة قوية ذات سيادة.
3. نفوذ وتأثير: قوة الدولة في محيطها.
4. عدل شامل: تحقيق المساواة والعدالة.
5. أمن عام: توفير الاستقرار الاجتماعي.
6. خصب دائم: تعزيز الإنتاج والتنمية.
وأكد أن هذه الركائز تمثل الأساس لتحقيق نهضة شاملة في المجتمع وتمكين الإنسان من أداء دوره كخليفة لله في الأرض.
الشباب في مواجهة تحديات العصر
وفي ختام الندوة، فتح علماء الأزهر باب النقاش مع الطلاب للإجابة عن تساؤلاتهم. دعا الدكتور الجندي الشباب إلى الحذر من السلوكيات والمصطلحات الدخيلة التي تُروج في المجتمع تحت مسمى “الحب”، مؤكدًا أن الإسلام لا يعارض الحب لكنه يضع له ضوابط شرعية تضمن استقامة الحياة.
وشدد على أهمية استثمار الشباب لوقتهم في تطوير إمكاناتهم وتحقيق التقدم للوطن، محذرًا من الانسياق وراء الفتن والمغريات التي تهدد استقرارهم الفكري والاجتماعي.
تعزيز وعي الشباب من مخاطر التطرف
حضر الندوة الدكتور إيهاب الببلاوي، نائب رئيس جامعة الزقازيق، الذي أشاد بجهود علماء الأزهر في توعية الطلاب وتحصينهم من الفكر المتطرف.
كما حضر الندوة عدد من عمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس وعلماء الأزهر، وأدار الحوار الأستاذ محمد الدياسطي من المركز الإعلامي بمشيخة الأزهر.
مبادرة “بداية جديدة”: ترسيخ القيم الأخلاقية
تأتي هذه الندوة ضمن فعاليات أسبوع الدعوة الإسلامية الرابع بجامعة الزقازيق، الذي يُعقد في إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي “بداية جديدة لبناء الإنسان”، تهدف المبادرة إلى إعداد خريطة فكرية شاملة لتناول بناء الإنسان من الجوانب الفكرية والعقدية والاجتماعية، وترسيخ منظومة القيم والأخلاق في المجتمع، بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف.
وأكد الحاضرون أهمية استمرار هذه الفعاليات في تعزيز وعي الشباب وتحصينهم من المخاطر الفكرية، ليكونوا شركاء في بناء مستقبل الوطن.