أخبار

الأزهر يوظف الذكاء الاصطناعي لصناعة مفتي العصر

 

كتب: مصطفى على

 

في خطوة تؤكد انفتاحه على مستجدات العصر، شارك وفد رفيع من قطاع المعاهد الأزهرية برئاسة الشيخ أيمن عبدالغني، رئيس القطاع، والدكتور أحمد الشرقاوي، وكيل القطاع للتعليم، في فعاليات المؤتمر الدولي الذي نظمته دار الإفتاء المصرية بعنوان “صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي”.
المؤتمر جمع نخبة من العلماء والمفتين والخبراء التقنيين من العالم الإسلامي، ليشكل منصة استراتيجية تعيد صياغة مفهوم الفتوى في زمن التحولات الرقمية السريعة، حيث تتزايد الحاجة إلى مفتي قادر على الجمع بين التأصيل الشرعي والتمكن التقني.

استهدف المؤتمر معالجة تحديات الفتوى في البيئة الرقمية، ومن أبرز أهدافه:

وضع إطار منهجي لدمج الذكاء الاصطناعي في الإفتاء.

إعداد كوادر مؤهلة لاستخدام التقنية مع الحفاظ على الضوابط الشرعية.

تعزيز التعاون بين المؤسسات الدينية والعلمية لتطوير منصات رقمية موثوقة للفتوى.
هذه الأهداف جاءت استجابة لواقع جديد يتسم بانتشار الفتاوى العشوائية على الإنترنت، والحاجة الملحّة لتقديم إجابات دقيقة تستند إلى مرجعية شرعية راسخة.

الشيخ أيمن عبدالغني: التقنية خادم للشريعة لا بديل عنها

أكد الشيخ أيمن عبدالغني أن الذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة لا يمكن تجاهلها، مشيرًا إلى أن العالم يشهد تحولًا جذريًا في إنتاج المعرفة ونشرها.
وأوضح أن الأزهر، بمرجعيته التاريخية، مؤهل لقيادة هذا التكيف، من خلال تسخير التكنولوجيا لخدمة الفتوى دون الإخلال بالمنهج الوسطي الذي تميّز به عبر قرون.
وحذر عبدالغني من مخاطر توظيف التقنية لنشر الفتاوى المضللة، مؤكدًا أن الحل يكمن في إعداد مفتي مدرّب يجمع بين قوة الفقه ومهارة التعامل مع الأدوات الرقمية.

الدكتور أحمد الشرقاوي: التكامل بين الشريعة والذكاء الاصطناعي

شدد الدكتور أحمد الشرقاوي على أن المؤتمر يمثل فرصة لتبادل الخبرات بين المؤسسات العلمية والشرعية، مؤكدًا أن التأصيل الفقهي العميق هو الأساس الذي يجب أن تقوم عليه الفتوى في العصر الرقمي.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يدعم الإفتاء من خلال:

تحليل وتصنيف الأسئلة المتكررة.

بناء قواعد بيانات فقهية شاملة.

تسهيل الوصول إلى المصادر الموثوقة.

توفير مؤشرات وإحصاءات حول القضايا المجتمعية.
لكنه شدد على أن الفتوى ستظل دائمًا ثمرة اجتهاد بشري، وأن التقنية مهما تطورت لن تحل محل العقل الفقهي المستنير.

تناولت جلسات المؤتمر أبرز مميزات الذكاء الاصطناعي في الفتوى، مثل السرعة في الوصول للمعلومة، والدقة في التصنيف والتحليل، مع التحذير من مخاطر الاعتماد الكامل على التقنية دون مراجعة بشرية، والتأكيد على ضرورة إخضاع البرمجيات لإشراف علمي موثوق يضمن سلامة المحتوى الشرعي.

الأزهر وصناعة المفتي عبر العصور

منذ نشأته، وضع الأزهر أنظمة علمية دقيقة لإعداد العلماء والمفتين، ومع تغير العصور كان يطور مناهجه ليتلاءم مع المستجدات الفكرية والاجتماعية، دون أن يتنازل عن أصالته.
واليوم، مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى مجال الفتوى، يواصل الأزهر هذا الدور التاريخي، مع إضافة البعد الرقمي كأداة جديدة لخدمة رسالته.

من المتوقع أن يوصي المؤتمر بـ:

إنشاء أكاديمية تدريبية رقمية للمفتين.

تطوير منصات إلكترونية تحت إشراف الأزهر ودار الإفتاء.

تصميم برمجيات ذكاء اصطناعي معتمدة على المصادر الشرعية الصحيحة.

تنظيم برامج تدريبية مشتركة لعلماء الشريعة وخبراء التقنية.

مشاركة الأزهر في هذا المؤتمر تؤكد أنه ليس مجرد مؤسسة تراثية، بل مؤسسة حية قادرة على استيعاب أدوات العصر وتوظيفها لخدمة الدين والمجتمع.
ومع تطبيق هذه التوصيات، يمكن للعالم الإسلامي أن يشهد جيلًا جديدًا من المفتين الرقميين القادرين على ضبط الفتوى في الفضاء الإلكتروني، مع الحفاظ على المنهج الأزهري الأصيل الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights