تباين التصريحات بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن العمليات العسكرية في اليمن يسلط الضوء على اختلاف جوهري في مفهوم العمليات المشتركة والتنسيق.
وكانت قد أعلنت إسرائيل أن ضرباتها الأخيرة، الجمعة 10 يناير، تمت كجزء من عملية مشتركة مع الولايات المتحدة وبريطانيا، وهو ما نفته واشنطن ولندن، مؤكدتين أن ما جرى كان تنسيقًا وليس عملية مشتركة.
فالعمليات المشتركة تعني انخراط عدة دول في تخطيط وتنفيذ هجوم عسكري مع وجود قوات تعمل بشكل متكامل ومباشر تحت قيادة موحدة، أما التنسيق، فيشير إلى تبادل المعلومات والتخطيط المحدود دون تنفيذ مباشر مشترك.
وفقًا للواء محمد عبد الواحد، الخبير في العلاقات الدولية وشؤون الأمن القومي، فإن ما يميز العمليات الإسرائيلية في اليمن هو استهدافها للبنية التحتية الحيوية التي تُعتبر مزدوجة الاستخدام، مثل محطات الكهرباء والوقود والموانئ، وإسرائيل ترى أن هذه الأهداف تُستخدم لدعم الحوثيين اقتصاديًا، مما يجعل ضربها جزءًا من استراتيجية لتعطيل الموارد المالية واللوجستية للمجموعات المسلحة.
من جهة أخرى، تختلف الضربات الأمريكية والبريطانية في طبيعتها، إذ تركز على أهداف عسكرية دقيقة مثل غرف القيادة، ومنصات الصواريخ، ومستودعات الذخيرة. هذه الضربات تهدف إلى تقويض القدرات العسكرية للحوثيين، لكنها لا تستهدف البنية التحتية المدنية، مما يعكس اختلافًا جوهريًا في الاستراتيجيات بين الأطراف، بحسب اللواء عبد الواحد.
وفي تصريحات خاصة لـ”اليوم”، اللواء عبد الواحد أشار إلى أن إعلان إسرائيل عن العملية باعتبارها مشتركة يهدف إلى جرّ الولايات المتحدة وبريطانيا نحو تورط مباشر في الصراع، وهو ما يرفضه الطرفان، واشنطن ولندن تدركان أن أي تورط معلن سيعني ترسيخ فكرة أن الغرب منخرط مباشرة في الصراعات الإقليمية، مما قد يؤدي إلى عواقب دبلوماسية وخيمة ويؤثر على مصالحهما في الشرق الأوسط.
وفي سياق أوسع، يرى عبد الواحد أن هذا التصعيد يعكس محاولات للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، لا سيما أن الدعم الإيراني للحوثيين يمثل تهديدًا متزايدًا للاستقرار الإقليمي.
ويضيف أن إسرائيل تريد استغلال هذا الزخم لتعزيز وجودها في المنطقة من خلال شراكات غير معلنة مع دول غربية، إلا أن الحذر الأمريكي والبريطاني في الإعلان عن مشاركة مباشرة يشير إلى تباينات واضحة في الأهداف والأولويات.
الضربات الأخيرة قد تكون نقطة فاصلة في تطور الصراع، حيث تسعى إسرائيل لتغيير معادلة الدعم الغربي من غير مباشر إلى دعم مباشر. لكن وفقًا لعبد الواحد، فإن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تعقيد المشهد السياسي والعسكري، مما يجعل مستقبل الصراع أكثر غموضًا.





تعليق واحد