العراق يشعل خريطة الطاقة… هل ينجح في إنهاء عقد الظلام الكهربائي؟

حقق قطاع الكهرباء في العراق إنجازًا غير مسبوق هذا الأسبوع، بعدما أعلنت وزارة الكهرباء عن قفزة تاريخية في مستوى الإنتاج، وصفتها بأنها “الأعلى في تاريخ البلاد”، في خطوة قد تُعيد رسم ملامح الطاقة ومستقبل التنمية الاقتصادية في العراق.
فقد كشف وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، أن إنتاج الطاقة الكهربائية تجاوز حاجز 28 ألف ميغاواط لأول مرة، مشيرًا إلى أن هذا الرقم يمثل ذروة جديدة بعد سنوات طويلة من التحديات والانقطاعات التي أنهكت البنية التحتية، وأثرت على حياة المواطنين واقتصاد الدولة.
وأوضح فاضل أن الوزارة تمكنت من الوصول إلى هذا الإنجاز رغم العقبات التي واجهتها، خصوصًا صعوبات تأمين الوقود الغازي لمعظم المحطات، مؤكدًا أن مشاريع التطوير التي نُفذت خلال السنوات الثلاث الماضية – سواء في مجال الإنتاج أو تحديث منظومتي النقل والتوزيع – ساهمت في تحقيق استقرار ملحوظ في الشبكة الوطنية.
تحول استراتيجي نحو الطاقة المتجددة
وأشار الوزير إلى أن تنويع مصادر الطاقة أصبح خيارًا استراتيجيًا لا رجعة فيه، حيث انتقلت مشاريع الطاقة الشمسية من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ الفعلي، وفي مقدمتها مشروع “شمس البصرة”، إلى جانب مشروعات أخرى في كربلاء وبابل افتتحت مرحلتها الأولى مؤخرًا.
ويأتي هذا التحول في إطار رؤية حكومية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الغاز المستورد، وتعزيز أمن الطاقة من خلال الاستفادة من الموارد المحلية والطاقة النظيفة، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والتقلبات في سوق الطاقة العالمي.
بين الطموح والاختبار
يُنظر إلى هذا التطور على أنه اختبار حقيقي لقدرة الحكومة العراقية على تحويل الوعود إلى إنجازات مستدامة، في بلدٍ ظل ملف الكهرباء فيه من أكثر الملفات حساسية سياسيًا وشعبيًا.
فهل يمثل تجاوز حاجز الـ28 ألف ميغاواط نقطة تحول دائمة في مسار الطاقة بالعراق، أم أنه قفزة مؤقتة ستتراجع مع أول أزمة في الوقود أو التمويل؟
كما يفتح هذا الإنجاز الباب أمام تساؤلات أوسع حول التحول الاقتصادي للعراق: هل يسير البلد فعلاً نحو مرحلة جديدة من الاستقلال الطاقي، أم أن الارتباط بالغاز الإيراني سيبقى عاملًا محددًا في مستقبل المنظومة الكهربائية؟
ومع العقود الجديدة التي أعلن الوزير عن توقيعها لإنشاء محطات إنتاجية بالوقود المحلي بطاقة تصل إلى 48 ألف ميغاواط، يبدو أن العراق يسعى إلى تأمين أمنه الطاقي والسيادي معًا — في وقتٍ تتزايد فيه الضغوط الإقليمية والدولية لإعادة رسم خريطة الطاقة في الشرق الأوسط.
 
				 
					 
					 
					



