
في واحدة من أكثر القضايا إثارة في بريطانيا خلال الشهور الأخيرة، لفتت المحامية البريطانية المسلمة فاطمة شهيد الأنظار، بعدما ظهرت بالحجاب داخل قاعة المحكمة العليا بلندن، وهي تمثّل الأمير هاري في نزاعه مع وزارة الداخلية البريطانية، في قضية تتعلق بحقّه في الحصول على حماية أمنية خلال زياراته للمملكة المتحدة.
ولم يكن ظهور شهيد،البالغة من العمر 48 عامًا، لافتًا فقط بسبب حجابها في بلد يعيش نقاشًا طويلًا حول الهوية والتنوع، بل لأنها أثبتت أنها محامية من طراز رفيع، بخبرة ممتدة في القانون الدولي وحقوق الإنسان، جعلت البعض يقارنها بالفعل بمحاميات عالميات مثل أمل علم الدين كلوني وكاميل فاسكيز.
من حلم الفن إلى قاعات القانون
رغم أنها فكرت في ترك دراسة القانون مبكرًا والتفرغ للفن، إلا أن فاطمة شهيد اختارت الاستمرار، لتتخرج في جامعة غلاسكو، وتحصل على بكالوريوس في القانون من جامعة أكسفورد، ثم ماجستير من جامعة هارفارد الأميركية، لتشق طريقها لاحقًا في عالم المحاماة بثبات وتألق.
وعملت شهيد في عدد من القضايا الكبرى، أبرزها الدفاع عن عائلات عراقية تعرضت لانتهاكات من قوات بريطانية، وتمثيل رئيس الهيئة الليبية للاستثمار عبد المجيد بريش، وكذلك الترافع عن نادي نيوكاسل يونايتد في نزاع مع رابطة الدوري الإنجليزي.
معركة الأمير هاري
تتولى شهيد حاليًا تمثيل الأمير هاري أمام المحكمة العليا، في قضية يطالب فيها بإعادة حمايته الأمنية، التي تم إيقافها بعد انسحابه وزوجته ميغن ماركل من المهام الملكية عام 2020.
وقالت شهيد أمام القضاة إن “سلامة الأمير هاري حق أساسي لا يجوز التهاون فيه”، مشيرة إلى تهديدات جدية من تنظيم القاعدة، ورأت أن موكّلها يتعرض لمعاملة “غير مبررة وأدنى” مقارنة بأفراد آخرين في العائلة الملكية، رغم التهديدات الواضحة لحياته.
مستشار الملكة
ليست هذه القضية الأولى التي تبرز فيها فاطمة شهيد؛ فقد حصلت عام 2016 على لقب Queen’s Counsel، الذي أصبح اليوم King’s Counsel، لتكون أول محامية محجبة في بريطانيا تحصل على هذا اللقب الرفيع.
وفي 2019، كرّمتها جمعية Theirworld بجائزة تقديرية عن جهودها في الدفاع عن الأطفال المتأثرين بالحروب، كما صنّفتها مجلة The Lawyer وموقع Times ضمن أبرز المحاميات تحت سن الثلاثين، وتوقعت لها مستقبلًا كبيرًا في سلك القضاء.
أمل علم الدين.. وكاميل فاسكيز.. وفاطمة شهيد؟
مع تصاعد الاهتمام الإعلامي بقضية الأمير هاري، بدأ الحديث يتزايد عن إمكانية أن تحظى فاطمة شهيد بنفس الشهرة التي وصلت إليها محاميتان بارزتان في السنوات الأخيرة: أمل علم الدين كلوني، التي مثّلت قضايا دولية كبرى وظهرت على منابر الأمم المتحدة، وكاميل فاسكيز، التي تحولت إلى نجمة خلال دفاعها عن النجم الأميركي جوني ديب.
لكن ما يميز شهيد عن غيرها، هو أنها تمثّل شريحة لا تزال تواجه تحديات كبيرة داخل المجتمعات الغربية، وهي المسلمات المحجبات.
في حين لا يمكن لمحامية محجبة أن ترافع في فرنسا مثلًا، تمكّنت شهيد من الوقوف داخل المحكمة العليا البريطانية بكل احترام، لتكسر بذلك الصورة النمطية وتقدّم نموذجًا ملهِمًا.

