أخبار

بناء الجسور بين المذاهب.. مؤتمر دولي يعتمد خطة لتعزيز الوحدة الإسلامية

في ختام النسخة الثانية من المؤتمر الدولي “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية”، الذي انعقد في مكة المكرمة يومي 6-7 رمضان 1446هـ، الموافق 6-7 مارس 2025م، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، تبنّى كبار مفتِي الأمة الإسلامية وعلماؤها ومفكروها من مختلف المذاهب والمدارس الإسلامية “موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي”، واعتمدوا الخطة الاستراتيجية والتنفيذية لـ “وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية”، التي تمثل خارطة طريق لتعزيز التعاون والوحدة بين المسلمين.

وشهد المؤتمر حضورًا واسعًا من ممثلي أكثر من 90 دولة، حيث ناقش المشاركون آليات تفعيل العمل الإسلامي المشترك، وتعزيز قيم التآخي والتضامن بين الشعوب الإسلامية، عبر طرح رؤى فكرية ومنهجية عملية تهدف إلى نبذ الفرقة وتعزيز المشترك الإسلامي الجامع.

إعلان البيان الختامي بحضور شخصيات دينية بارزة

في جلسة البيان الختامي، شاركت شخصيات دينية بارزة في تلاوة الإعلان الرسمي للمؤتمر، ومن بينهم:

فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ورئيس هيئة علماء المسلمين.

آية الله الشيخ أحمد مبلغي، عضو مجلس خبراء القيادة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، المستشار في الديوان الملكي وإمام وخطيب المسجد الحرام.

الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي.

الدكتور مصطفى قطب سانو، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي بمنظمة التعاون الإسلامي.

الدكتور يوسف بن محمد بن سعيد، عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.

الشيخ محمد عسيران، مفتي صيدا بالجمهورية اللبنانية.

تدشين “موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي”

شهد المؤتمر تدشين موسوعة المؤتلف الفكري الإسلامي، التي أشرف على إعدادها مركز الحماية الفكرية بوزارة الدفاع السعودية، وشارك في إعدادها 60 عالمًا، وامتدت إلى 1800 صفحة. وخضعت الموسوعة لتحكيم دقيق من قبل الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بالمملكة، إلى جانب عدد من الهيئات العلمية المرموقة مثل مجمع الفقه الإسلامي والمجلس الأعلى لرابطة العالم الإسلامي.

وأجمع المؤتمرون على أن هذه الموسوعة تمثل إضافة نوعية للمكتبة الإسلامية، حيث تشكل مرجعًا فكريًا مهمًا يعزز أسس التفاهم بين المذاهب الإسلامية، ويؤسس لعلاقات قائمة على الاحترام والتعاون والتقارب، وفق مفهوم المشترك الإسلامي الجامع.

“وثيقة بناء الجسور”.. الأساس لمسار العمل الإسلامي المشترك

قرر المشاركون في البيان الختامي اعتبار “وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية” ببنودها الـ 28 الإطار المرجعي الأساسي للعمل الإسلامي المشترك، في بُعديه العلمي والفكري، لتعزيز التآخي والتضامن بين شعوب الأمة الإسلامية.

كما أعلنوا تبنّيهم للموسوعة الفكرية، والعمل على نشرها والتعريف بها عالميًا، لتكون أحد الركائز العلمية والفكرية التي تدعم التعاون بين المذاهب الإسلامية، وتحدّ من خطابات التعصب والانقسام.

واعتمد المؤتمرون “الخطة الاستراتيجية والتنفيذية” للوثيقة، بما يضمن تفعيل مبادئها على أرض الواقع، عبر برامج ومشروعات تعزز مفاهيم الاعتدال والتسامح والتواصل بين المسلمين.

إنشاء “المجلس التنسيقي بين المذاهب الإسلامية”

قرر المشاركون تعديل مسمى “اللجنة التنسيقية” إلى “المجلس التنسيقي بين المذاهب الإسلامية”، واعتماد نظامه وآليات عمله، حيث سيتولى المجلس الإشراف على تنفيذ الخطة الاستراتيجية، والعمل على تفعيل بنود الوثيقة في المجتمعات المسلمة، إلى جانب متابعة البرامج والمبادرات المنبثقة عنها.

دعم القضية الفلسطينية ومناهضة التهجير والتدمير

أكد المؤتمرون في بيانهم الختامي على موقفهم الثابت في دعم صمود الشعب الفلسطيني، ورفضهم القاطع لمشاريع التهجير والتدمير التي تستهدف وجوده على أرضه.

كما شددوا على مطالبة المجتمع الدولي بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، مشيرين إلى أهمية تشكيل وفودٍ من علماء الوثيقة لحشد الجهود العالمية لدعم القضية الفلسطينية واستعادة حقوقه المشروعة.

إطلاق جائزة سنوية لدعم التآخي الإسلامي

أعلن المؤتمرون عن إطلاق جائزة سنوية تُمنح للمؤسسات والأفراد الذين يساهمون في تحقيق أهداف وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية، تقديرًا لجهودهم في تعزيز الوعي الإسلامي المشترك، وترسيخ مفاهيم الاعتدال والوحدة.

دعوة إلى نبذ الفرقة وتعزيز ثقافة التفاهم

شدد البيان الختامي على أهمية احترام التنوع الإسلامي، والتعامل مع مسائل الخلاف وفق أدب الحوار والمنهجية العلمية، محذرين من خطاب التكفير والتناحر الطائفي، وداعين إلى تجاوز السجالات الإعلامية الحادة التي تؤجج الفتن وتثير الفرقة بين المسلمين.

كما أكد المشاركون على اعتزازهم بالهوية الإسلامية الجامعة، وتمسكهم بأصول الإسلام ومحكماته، وضرورة اعتصام المسلمين بحبل الله المتين، مؤكدين أنهم يمثلون أمة واحدة رغم اختلاف مذاهبهم وتعدد مدارسهم.

إشادة بجهود المملكة في تعزيز الوحدة الإسلامية

تقدَّم المشاركون بالشكر الجزيل إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، على رعايتهما الكريمة للمؤتمر، ودعمهما المستمر لجهود توحيد الصف الإسلامي وتعزيز التضامن بين مكونات الأمة.

وثمّن المؤتمرون جهود رابطة العالم الإسلامي في إعادة صياغة العلاقات المذهبية، عبر “وثيقة بناء الجسور”، وفق أسس متينة من الفهم الإسلامي الصحيح، مؤكدين أن هذه الجهود لن تكون مجرد مبادرة آنية، بل مسارًا استراتيجيًا مستدامًا يُثمر عن مشاريع وبرامج عملية تعزز التقارب والتكامل الإسلامي.

نحو مستقبل إسلامي أكثر تلاحمًا

اختتم المؤتمر أعماله بالتأكيد على أن وثيقة “بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية” ليست مجرد إطار نظري، بل مبادرة عملية تتجاوز الحوارات التقليدية، وتسعى إلى تفعيل التعاون الإسلامي المشترك، من خلال مشاريع تعزز الوعي وتدحض خطابات التعصب، في إطار مسيرة التضامن الإسلامي نحو مؤتلف إسلامي فاعل ومستدام.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights