رابطة العالم الإسلامي تطلق مبادرة دولية لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة

في حدث عالمي شهدته العاصمة الباكستانية إسلام آباد يوم السبت، أطلقت رابطة العالم الإسلامي مبادرتها الدولية لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة.
هذه المبادرة التي جاءت برعاية دولة رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف، وحضور أمين عام الرابطة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، تهدف إلى معالجة أحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات المسلمة: تمكين الفتيات من حقهن الأساسي في التعليم.
أهداف المبادرة: نحو تمكين شامل للفتيات
المبادرة جاءت استجابة لواقعٍ يعاني فيه ملايين الفتيات في المجتمعات المسلمة من التهميش التعليمي. وتهدف إلى تحقيق التالي:
1. تعزيز الوعي بأهمية تعليم الفتيات من خلال برامج توعوية متكاملة تستهدف الأفراد والمؤسسات.
2. توقيع شراكات استراتيجية مع المنظمات الدولية والإقليمية لضمان استدامة المشاريع التعليمية.
3. إطلاق إعلان إسلام آباد لتعليم الفتيات كوثيقة ملزمة تدعو إلى تخصيص يوم عالمي لتعليم الفتيات في المجتمعات المسلمة.
4. مواجهة الشبهات الفكرية التي تحول دون تعليم المرأة، مع التركيز على النصوص الشرعية التي تحث على طلب العلم للجميع.
رؤية قيادية: كلمات مؤثرة من صناع القرار
في كلمته الافتتاحية، أكد رئيس الوزراء محمد شهباز شريف على أهمية المبادرة، قائلاً: “تعليم الفتيات ليس فقط حقاً إنسانياً، بل هو مفتاح التنمية المستدامة. هذه المبادرة تمثل استجابة عملية لأحد أكثر التحديات إلحاحاً في عصرنا الحالي.”
د. محمد العيسى: خطوة عملية وليست مجرد تسجيل موقف
أوضح الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أن المبادرة لن تقتصر على إطلاق الشعارات، بل ستسعى إلى تحقيق تغيير ملموس في حياة الفتيات. وقال: “نحن هنا اليوم لنؤكد أن تعليم الفتيات ليس خياراً، بل ضرورة. المبادرة ستكون تحولاً نوعياً يضمن لكل فتاة محرومة فرصة التعليم.”
أمين عام منظمة التعاون الإسلامي: التعليم حق شرعي
من جانبه، أشاد أمين عام منظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه بالدور الريادي لرابطة العالم الإسلامي، مؤكداً أن “تعليم الفتيات هو واجب ديني وحق إنساني الإسلام يدعو إلى العلم للجميع دون تمييز، وتمكين المرأة جزء لا يتجزأ من نهضة الأمة.”
جلسات المؤتمر: محاور متعددة لرؤية متكاملة
جلسة كبار العلماء: الأبعاد الشرعية والتعليمية
ناقش كبار العلماء من مختلف الدول الأبعاد الشرعية لتعليم الفتيات، مستعرضين النصوص الإسلامية التي تؤكد على أهمية طلب العلم لكل من الرجال والنساء.
التجارب الناجحة: نماذج مشرقة من الماضي والحاضر
قدمت الجلسة أمثلة لنساء بارزات في التاريخ الإسلامي لعبن دوراً رائداً في مجالات العلم والسياسة، مثل السيدة عائشة رضي الله عنها التي كانت من أبرز رواة الحديث، وابن رشد الحفيد الذي تعلم على يد نساء عالمات.
الشبهات الفكرية: تفكيك العقبات الاجتماعية والدينية
تناولت جلسة خاصة الشبهات الفكرية المرتبطة بتعليم المرأة، مؤكدةً أن المشكلة ليست في الدين الإسلامي، بل في التفسيرات الخاطئة له، التي تؤدي إلى حرمان المرأة من حقوقها الأساسية.
التكنولوجيا ودورها في التعليم
استعرض المشاركون كيف يمكن استخدام التكنولوجيا لتوسيع فرص التعليم، خصوصاً في المناطق الريفية والمجتمعات التي تفتقر إلى البنية التحتية التعليمية.
كلمة ملالا يوسفزي: دعوة للتغيير
ألقت الناشطة الباكستانية ملالا يوسفزي، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، محاضرة ملهمة أكدت فيها أن التعليم هو الأداة الأكثر قوة لتغيير المجتمعات. وقالت: “إذا أردنا عالماً أفضل، يجب أن نبدأ بتعليم الفتيات. الفتاة المتعلمة تبني أجيالاً أكثر وعياً وقوة.”
الإعلان الختامي: إعلان إسلام آباد لتعليم الفتيات
يُعد “إعلان إسلام آباد لتعليم الفتيات” من أبرز مخرجات المؤتمر، حيث يتضمن:
دعوة الدول الإسلامية إلى تبني سياسات داعمة لتعليم الفتيات.
تخصيص يوم عالمي لتسليط الضوء على أهمية القضية،تشكيل منصات تعاون دولية لتنفيذ المبادرة على أرض الواقع.
آفاق مستقبلية: توصيات للمرحلة القادمة
زيادة التمويل المخصص لتعليم الفتيات: حث الدول والمؤسسات الدولية على تخصيص موازنات أكبر لدعم التعليم.
توسيع الشراكات العالمية: تعزيز التعاون مع منظمات الأمم المتحدة، مثل اليونيسكو واليونيسيف،مواصلة التوعية المجتمعية: تصميم حملات إعلامية لتغيير الصور النمطية حول تعليم الفتيات.
نحو مستقبل أكثر إشراقاً للفتيات المسلمات
تشكل هذه المبادرة بداية حقبة جديدة من الجهود الرامية إلى تمكين الفتيات في العالم الإسلامي ومع الدعم الدولي والإقليمي، يمكن لهذه الخطوة أن تتحول إلى حركة عالمية تضمن لكل فتاة فرصة عادلة لتحقيق أحلامها من خلال التعليم.
إنها لحظة تاريخية ستظل محفورة في ذاكرة المجتمعات المسلمة، لتكون نقطة انطلاق نحو غد أفضل وأكثر إشراقاً.