📢 أعلن على موقع اليوم الإخباري الآن – واجهتك المثالية للوصول إلى آلاف الزوار يوميًا 🔥 تواصل عبر واتساب +20 100 244 0441   |   أعلن الآن
عرب-وعالم

ربحي حلوم لـ اليوم: أهلنا بغزة يعانون وتلك ضريبة التحرير

للحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق فالحرية ثمنها الدم

مع سريان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، بين حزب الله والاحتلال، أضحت قصة الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين المعضلة، مع تحييد جبهة الإسناد الأقرب والأقوى في محور المقاومة، لاسيما مع تأكيد رئيس وزراء الاحتلال “بنيامين نتنياهو” أن أهم مكاسب الاتفاق هو فصل جبهة لبنان عن غزة، لتتصاعد طموحاته بانتصار يكسر شوكة المقاومة في غزة ويجبرها على الاستسلام، ليصبح السؤال الأكثر إلحاحًا: هل يمكن أن ترضخ المقاومة للضغوط وتعلن الاستسلام؟

وللإجابة على ذلك السؤال قصدنا أحد مناضلي المقاومة، الذين خاضوا غمارها لعقود مضت، فكان لقاء “اليوم” مع الدكتور “ربحي حلوم”، السياسي والمناضل الفلسطيني، والسفير الأسبق لفلسطين في تركيا، والعضو السابق بالمجلس الثوري لحركة فتح وأحد مؤسسيها القدامى، الذي استقال عام 1993 منها على خلفية احتجاجه على الانخراط في معاهدة أوسلو التي وصفها “بالكارثية”.

دماء أبي

بدايةً فتحنا معه الحوار عن الخلاف وعن جدوى الاستقالة، إن كان يمكن استبدالها بمعارضة تمنع التوقيع على الاتفاقية، فأوضح ملابساتها قائلًا: الاستقالة لم تكن عبثية، إنما جاءت بعد مباحثات مع الرئيس الراحل “ياسر عرفات”، حيث كنت من أقرب الناس إليه، وعقدت لقاءً مطولاً ومصورًا ومسجلًا معه في هذا الشأن، حين علمت من خلال موقعي في الحركة أن ثمة اتصالات تجري في النرويج وبعض العواصم الأوروبية، بين طرف من حركة فتح علمت أن ممثليه كانا السيد “محمود عباس” والسيد “أحمد قريع” مع أطراف إسرائيلية، ثارت ثائرتي ضد ذلك.

وفصل الأسباب الكامنة وراء ثورته على التفاوض مع الاحتلال، في الثورة لدماء أبيه فقال: أنا منذ طفولتي ابن شهيد فتحت عيناي على دماء والدي، ولا أرى من الوطنية في شيء أن نجري مباحثات مع قتلة آباءنا وأجدادنا، ومن هنا كانت صدمتي في إجراء مباحثات مع الاحتلال، في حين أن المبادئ التي تأسست عليها حركة فتح لا تجيز ذلك.

وحسب حديثه كان ذلك الأساس الذي بنى “حلوم” عليه مواقفه السياسية، حيث استرسل قائلًا: هذا العدو جاء ليقتلعني من أرضي انا وأهلي ليحل محلي، ومن هنا أرفض إطلاقًا إجراء مباحثات مع من جاء ليقتلعني من جذوري، وتلك مسألة مبدأ لن أتسامح مع قاتل أبي وجدي وأبناء وطني وأرومتي.

قضية دماء الآباء والأجداد كانت ثورة في حد ذاتها، فبينما انخرط معظم رجال فلسطين وشبابها في تنظيمات المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، راح البعض الآخر ضحية الهجمات المسلحة للعصابات الصهيونية على المدنيين في المدن والقرى الفلسطينية، فكان السؤال “لحلوم” إلى أي الفريقين انتمى والدكم؟ 

أجاب بحماسة مقاتل على الجبهة، وبنبرة يملؤها الفخار: بل كان مقاتلا في المقاومة، واستشهد في معركة اللطرون بينما كان يحمل السلاح، وكنت وقتها أبلغ من العمر تسع سنوات، وفي بلدتي المزرعة الشرقية شمال شرق رام الله، كنت أشهد في كل وقت الرجال يحملون السلاح ويتسابقون للانخراط في المعارك التي يسمعون بوقوعها في أي منطقة سواء في اللطرون أو بيت حانينا أو في القدس.

المقاومة الغزية.. إلى أين؟

بعد وقف إطلاق النار في لبنان، تعالت الأصوات المطالبة بالمضي قدمًا في المفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة، لاسيما في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع، ما يعني أن الضرورات قد تضطرنا للمضي فيما نكره، وهو ما سألنا عنه “حلوم” الذي وقف يومًا بقوة ضد التفاوض مع العدو، بينما اليوم لا يرى غضاضة في ذلك التفاوض، فأوضح وجهة نظره، قائلًا:

التفاوض لا يكون بين أعزل ومن يشهر سلاحه في وجهه، فلا يجوز التفاوض في هذه الحالة، لأن المسلح يكون أقوى، ومن ثم يفرض رأيه على الطرف الضعيف، إنما تكون المفاوضات بين ندين متساويين، وأنا أحمل السلاح، في هذه الحالة تكون المفاوضات مطلوبة، وهذه قاعدة معروفة للعالم كله.

في ظل إمكانيات المقاومة الضعيفة مقارنة بالاحتلال، هل يمكنها أن تستمر؟

دعيني أعيدك للتاريخ: في فيتنام كانوا يقاتلون بالبندقية فقط من على أسطح البنايات، وتمكنوا من هزيمة الولايات المتحدة أعتى قوة استعمارية في العالم؛ حتى هرب السفير الأمريكي من فوق سطح منزله للفرار من المقاومين، هكذا استقلت فيتنام كما استقلت كوريا الشمالية وكوبا؛ وفي الوطن العربي الجزائر التي نالت استقلالها من الاستعمار الفرنسي، وانحنى “شارل ديجول” أمام الثورة الجزائرية، وكثير من بلاد العالم؛ ومن هنا لن نكون نحن استثناء في التاريخ لأنه ملئ بالعبر، وعلى الرغم من أننا الآن في حالة ضعف وهوان وتشتت لكن هذا لن يستمر، وكل الدول التي نالت استقلالها، نالته بالمعارك وبتاريخ نضالي طويل، فالاستقلال يفرض على المستعمر ولا يستجدى منه.

هل بالفعل استطاع نتنياهو استنزاف المقاومة عبر هذه الحرب الطويلة؟

أهلنا في غزة صامدون، ومقاومتهم ضد ثالث قوة عسكرية مدعومة من الإمبراطوريات العسكرية العظمى شرسة، بما يجعل تلك القوة العسكرية عاجزة أمام هذه المقاومة، ولن تتوقف المعركة، حيث أؤمن أن مازال لدى المقاومة من القدرة والإعداد والإرادة ما يمكنها من مواصلة الطريق، ليس على مستوى الجيل الحالي وحده، بل على مستوى الأجيال القادمة من الأبناء والأحفاد، وعلى سبيل المثال: حينما أتحدث أنا إلى أحد أحفادي أشعر أنه أكثر قوة من في الدفاع عن القضية، ومثلي مثل كل فلسطيني.

كثيرًا ما دعى قادة الاحتلال المقاومة للاستسلام، فهل يمكن أن يحدث ذلك؟

لا يستسلم إلا الضعيف، لا يستسلم إلا من لا يؤمن بأرضه، المؤمن بحقه لا يستسلم، وخير مثال على ذلك: “السنوار” هل استسلم؟ لا بل بقي يقاتل حتى صعد إلى العلياء باستشهاده، تاركًا وراءه ما صنع منه قدوة ومثلًا يحتذى به، ولدينا آلاف “سنوار” يسيرون على دربه وتلك هي الحقيقة الواقعة، ولن تتوقف تلك المسيرة على الإطلاق، لأن الجميع يعرف ألا بقاء له إلا على أرضه.

وماذا عن حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها الاحتلال على غزة، ألا يمكن أن تنهي الوجود الفلسطيني فيها فعلا؟

إطلاقًا، هم يهجرون من الشمال إلى الجنوب، ثم من الجنوب إلى الشمال، لكن يبقى أهل القطاع بداخله، نعم يعانون وكلنا يعلم ماذا يعانون؟ ولكن تلك هي ضريبة التحرير، فلا توجد حرية دون ضحايا، وكما قالوا: للحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق، فالحرية ثمنها الدم.

قرار الجنائية الدولية

 

في الحادي والعشرين من الشهر الجاري، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية قرار باعتقال “نتنياهو” ووزير دفاعه السابق “يؤاف جالانت”، على خلفية ارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى مايو 2024، لكن مذكرة الاعتقال شملت رئيس أركان حركة حماس “محمد الضيف” في اتهامات مشابهة، على الرغم من كونه عضوًا في حركة مقاومة يمارس حقه في الدفاع عن نفسه، ومن هنا سألنا “حلوم” عن رأيه في ذلك وعما إن كان يرى في ذلك ظلما وإجحافًا يساوي الضحية بالجلاد، فأجاب قائلًا:

بالتأكيد ليس فقط إجحاف، إنما هي جريمة يرتكبها القائمين على العدالة في العالم، لأن المقاومين كانوا مرغمين على ذلك، ليتمكنوا من تحقيق شيئًا يمكنهم البناء عليه، لإدراك المزيد، وقد أضحى “محمد الضيف” نفسه فكرة وهدف ومثل أعلى، وإذا سرت في شوارع فلسطين تجد الأطفال يتحدثون عنه ويتمنون أن يكونوا مثله.

هل توضح لنا كيف يكون ضمه للقرار جريمة؟

قضاة المحكمة يعلمون الحقيقة، وهناك ضغوط عليهم تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها، لكنهم يعلمون أن “الضيف” وإن اختطف وجنوده رهينة صهيونية هناك، فالاحتلال اختطف ملايين الفلسطينيين على مدار أكثر من 75 عامًا، وليس من المنطقي أن نحاسب شخصًا على اختطاف فرد، لنساويه بعصابة اختطفت وطنًا كاملا بأهله منذ أربعينيات القرن الماضي، فالاختطاف ليس اختطاف فرد، بل اختطاف وطن و أمة بأكملها…

وأضاف: وفي حروب التحرير قد يحتاج المقاتل لاتخاذ قرار تكتيكي مؤقت، وبالمثل اختفاء الرجل في نفق تحت الأرض أو مكان آمن فوقها لا يعني أن الرجل يهرب من مصيره، إنما هو اختفاء في سبيل مواصلة طريقه وخلق الظروف المحيطة به، بحيث ينطلق من جديد، وهذا ما حدث أيضًا مع “يحيى السنوار”- رحمه الله.

لما لم تبد الفصائل الفلسطينية أي اعتراض على ضم “الضيف” للقرار ولو بالتحفظ؟

أعتقد أن الإخوة في حركات المقاومة لاسيما حركة حماس أكثر إدراكًا مني بملابسات ذلك، لأنهم يعرفون الخفايا التي تقف خلف الأمر، وليس كل ما يُعْلَم يقال، وليس كل ماهو قائم معلوم لدى الجميع، ومن هنا “الضيف” لا يملك حرية الحركة ليغادر القطاع للخارج حتى يعتقل، وتلك فرضية غير قائمة وغير معقولة، فهو في ميدانه يعرف ما يطاله وما لا يطاله.

لما لا يكون تجاهل الفصائل بسبب نجاح الاحتلال في اغتياله؟

أجاب باقتضاب: لا أعتقد ذلك.

طالبت المقاومة المحكمة بتوسيع دائرة القرار فهل ستتحرك لدفع المحكمة لذلك؟ 

المقاومة لها ظروفها وهي أدرى بطريقة تعاملها مع القرار، وهذا القرار على علاته فاتحة خير، وعلينا أن نتذكر وجه “نتنياهو وجالانت” خلال الأربع وعشرين ساعة التالية للقرار، وكأنهم مقدمون على نهايتهم، وهو المصير الذي بات يقض مضجع كل قادة الاحتلال.

ألم يأن أن تفتح الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح ملف جرائم الحرب الإسرائيلية؟

نعم وهذا دور السلطة الفلسطينية، ماذا تفعل هذه السلطة؟ هل تظل كثيرًا تأخذ دور المتفرج على الأحداث دون أن تحرك ساكنًا؟

وهل تملك السلطة قاعدة بيانات أو ملفات محفوظة بجرائم الحرب تلك؟

يوجد جهات كثيرة لديها سجلات بتلك الجرائم، ولدى السلطة الفلسطينية دائرة مختصة بهذا الأمر، وتتولى تسجيل الجرائم في سجلات، وبالطبع الوصول إليها يستدعي اتصال مع أحد أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية.

مآلات الوضع في غزة

في نهاية الحديث تطرق “حلوم”- الرجل الثمانيني- بعزيمة مقاوم ومناضل لمآلات الوضع في غزة سياسيًا وإنسانيا، وقال بثقة كبيرة: في غزة مقاومة لن تنتهي، بل ستظل قائمة تؤدي دورها على مدار الساعة، ولن تنخرط في أي اتفاق تعقده السلطة مع الاحتلال أو الإدارة الأمريكية.

وأضاف: وفي ظل الظروف القائمة لا أستبعد أن يعود الوضع في غزة بعد انتهاء الحرب لما كان عليه قبلها، لأن الاحتلال يتلقى ضربات موجعة كل يوم، وفي بحث الاحتلال عن تقليل الأضرار التي لحقت، يريد تسليم إدارة غزة لطرف يكون وكيلًا له في غزة، ولكن بالطبع شعبنا لن يقبل ذلك، وأنا على يقين أن النصر بإذن الله سيكون لشعبنا ومقاومتنا مهما طال الزمن، فشعبنا الذي قدم آلاف الضحيا والشهداء كفيل بمواصلة الطريق، وقادر على وضع حد لهذا الاحتلال المجرم، فالغد لنا والنصر لمقاومتنا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights