محافظات

رحلة الروح والنور.. من أحد الزعف إلى بهجة القيامة

في كل عام يعيش الأقباط الأرثوذكس في مصر والعالم فترة روحانية غنية بالتأمل والعبادة والاحتفال تبدأ من أحد الزعف وتمتد حتى عيد القيامة المجيد هذه الأيام ليست مجرد مناسبات دينية، بل هي رحلة إيمانية تمزج بين الألم والرجاء، الصوم والانتصار، وتعبر عن أسمى معاني المحبة والتضحية.

يعد أحد الزعف “أحد الشعانين” بداية الأسبوع المقدس، ويحيي ذكرى دخول السيد المسيح إلى أورشليم (القدس) وسط استقبال شعبي مهيب، حيث فرش الناس سعف النخيل وأغصان الزيتون على الأرض هاتفين “أوصنا لابن داوود” في هذا اليوم، تتزين الكنائس بالسعف والزينة البيضاء، ويرتل الشعب أناشيد الفرح قبل الدخول في أسبوع الآلام.

يرمز السعف إلى النقاء والسلام، بينما يعكس الاستقبال الملوكي للسيد المسيح.

وحين يبدأ اسبوع الآلام، هذا الأسبوع من أقدس فترات العام القبطي، وفيه تتغير طقوس الكنيسة لتأخذ طابعا حزينا تقام صلوات “البصخة المقدسة” ويتخللها تأملات في آلام السيد المسيح، وقراءات من الإنجيل تتناول أحداث الأسبوع بدءًا من خيانة يهوذا وحتى الصلب.

الخميس المقدس ..خميس العهد
في هذا اليوم، يحيي الأقباط ذكرى العشاء الأخير، حيث أسس المسيح سر التناول، ويقام فيه طقس “غسل الأرجل” تذكيرًا بتواضع المسيح وخدمته لتلاميذه.

الجمعة العظيمة

يوم الحزن العميق والصلب حيث تتوشح الكنائس بالسواد وتطفأ الأنوار، ويقف الأقباط لساعات طويلة في صلوات متواصلة يتأملون فيها مراحل صلب وموت المسيح، ويرددون لحن “إكزمارو” (الراقدون).

ليلة من الانتظار والتأمل، سبت النور، يقام فيها قداس طويل يعرف بـ”قداس سبت النور”، ويلية الإحتفال بأحد القيامة تضاء الكنائس بالنور تدريجياً رمزاً لقيامة المسيح ونهاية الظلام

ويتوج كل ماسبق بعيد القيامة المجيد، عيد الانتصار على الموت، والفرح بالخلاص، يحتفل به في قداس مهيب يقام ليلًا، حيث تقرع الأجراس وترتل الأناشيد وسط زغاريد الفرح إنه اليوم الذي قام فيه السيد المسيح من بين الأموات،هَذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَنَعَهُ الرَّبُّ، فَلَنَبْتَهِجْ وَنَفْرَحْ فِيهِ!” (مزمور 118: 24)
بهذه الكلمات، يحتفل الأقباط بقيامة المسيح، التي وهبت الإنسانية حياة جديدة وأملًا لا يزول.

القيامة ليست فقط حدثا تاريخياً، بل هي أساس الإيمان المسيحي، ويحتفل بها الأقباط بارتداء الملابس الجديدة، وتبادل التهاني، وتقديم كعك العيد، وزيارة الأقارب.
تجسد هذه الأعياد رحلة الإنسان ال من الألم إلى الفرح، ومن الموت إلى الحياة، حيث يحمل كل يوم معنى عميقا يعكس عمق الإيمان القبطي وارتباطه بجذوره التاريخية واللاهوتية في هذه الأيام، تتحول الكنيسة إلى حضن روحي دافئ، يعيد للمؤمن توازنه ويملأ قلبه برجاء لا يزول كل عام وشعب مصر بخير وأمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights