شيخ الأزهر لرئيس المجلس الأوروبي: ازدواجية المعايير تُفاقم مآسي غزة وتُهدد السلام

في لقاء جرى في العاصمة الأذربيجانية باكو، اجتمع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، الدكتور أحمد الطيب، بالسيد شارل ميشيل، رئيس المجلس الأوروبي، حيث تناقشا حول القضايا الإنسانية المعاصرة ومآسي الحروب والنزاعات، معبرين عن قلقهما من الوضع الحالي الذي وصفاه بالخروج عن المنطق والعقل.
أكد الإمام الأكبر أن الأزهر الشريف يسعى، منذ سنوات، إلى بناء جسور من التفاهم والسلام العالمي من خلال مبادراته المتواصلة، ومنها توقيع “وثيقة الأخوة الإنسانية” مع الفاتيكان، والتي أصبحت رمزًا للتعايش واحتفاءً بالقيم الإنسانية.
أشار إلى أن الأمم المتحدة اعتمدت تاريخ توقيع الوثيقة في 4 فبراير يومًا عالميًّا للأخوة الإنسانية، ولكن برغم هذه الجهود، فإن ثمة “ازدواجية في المعايير” لا تزال تسيطر على المشهد الدولي.
انتقاد لمواقف الغرب تجاه غزة
أعرب شيخ الأزهر عن إحباطه من ردود الفعل الغربية تجاه المأساة في غزة، مشيرًا إلى أن العديد من القادة الغربيين لا يدركون فعليًا حجم المعاناة الإنسانية هناك، وأن البيانات الصادرة غالبًا ما تتسم بنوع من التوازن غير المقبول في نظره. وقال الإمام الطيب: “نشاهد بيانات إدانة من بعض الدول الأوروبية بينما تقوم دول أخرى بتوريد الأسلحة للمحتل، مما يكرس تناقضًا واضحًا ويغذي حالة من التحيز”.
وأكد شيخ الأزهر أن استمرار العدوان على غزة هو اعتداء على القيم والأخلاق، مشددًا على أن الصمت الدولي يفتح الباب أمام المزيد من الجرائم ضد المدنيين العزل. وقال: “من يصمت عن هذه الجرائم سيجد نفسه لاحقًا ضحية لنفس العدوان”، مبرزًا الحاجة الماسة إلى موقف دولي حازم يهدف إلى حماية الأرواح البريئة.
الهجوم على الأديان وتجاهل دور الأخلاق
ووجه شيخ الأزهر نقدًا لاذعًا للسياسات العالمية الحالية التي قال إنها “تجردت من قيم العدل وتعاليم الأديان”. وأوضح أن النظام الدولي يبدو وكأنه يناصر القوى العسكرية والاقتصادية، بعيدًا عن اعتبارات الأخلاق أو القيم الدينية، في حين تبقى المجتمعات المتأثرة بالنزاعات تحت وطأة المعاناة.
أشار الطيب إلى أن “الاعتداءات المتواصلة على غزة، التي أسفرت عن سقوط عشرات الآلاف من الضحايا، لا يمكن وصفها بأي معيار أخلاقي أو قانوني”، مؤكدًا أن هذه الاعتداءات تهدد مستقبل العلاقات بين الشرق والغرب، وتغذي مشاعر الغضب التي قد تستمر لعقود.
موقف أوروبي داعم للأزهر وقيمه
أشاد السيد شارل ميشيل بجهود شيخ الأزهر في نشر قيم التسامح والتقارب بين الأديان، معتبرًا إياه “المرجعية الإسلامية المعتدلة في العالم”، وأكد أن “وثيقة الأخوة الإنسانية” تعد رسالة أمل للشعوب رغم الأزمات الحالية، معبرًا عن تقديره لدور القادة الدينيين في دعم عمليات السلام.
أوضح ميشيل أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى دعم الأزهر في تدريب الأئمة الأوروبيين، مشددًا على ضرورة نشر المنهج الوسطي لمواجهة التطرف وتعزيز ثقافة التعايش في المجتمعات الأوروبية.