تقارير-و-تحقيقاتمقالات

مجدي صادق يكتب: نتنياهو يسطر نهاية إسرائيل

ها هو بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، يرى شعبيته الجارفة التي حظي بها داخلياً وخارجياً تتحول إلى غبار، تذروها رياح العداء والانتقادات اللاذعة، بعد أن تحولت تلك الشعبية إلى كابوس يطارده أينما حلّ وارتحل، حتى داخل قبة الكنيست الإسرائيلي نفسه، حيث يجد نفسه محاطاً بطوق حديدي يضيق حول عنقه، بعد أن اكتشف الكيان الإسرائيلي بما لا يدع مجالاً للشك أنهم اختاروا “بطلًا من ورق” صنعته آلة إعلامية مزيفة ودعم لا محدود من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

لم يسلم نتنياهو من أقوى مؤيديه في الداخل، فما كان منهم إلا أن وبخوه وشتموه أمام عدسات التلفزيون الإسرائيلي بألفاظ لم يسمعها مسؤول من قبل، وسخروا منه ووصفوه بالأرنب الجبان والزعيم الضعيف، حتى رجال الدين اليهودي، الحاخامات، تبرأوا منه ومن أفعاله وهددوه بالهجرة من إسرائيل إذا استمر في تعريض شبابهم للموت.

وفي الجلسة الأخيرة للكنيست الإسرائيلي، والتي حضرها نتنياهو شخصياً، لم يتردد الأعضاء في تحميله مسؤولية الحالة المتردية التي وصلت إليها إسرائيل والاقتصاد المنهار، متهمين إياه بسحب البلاد إلى حافة الهاوية.

أما مؤيدوه في الخارج، فانقلب عدد كبير منهم عليه، وأعلن بعضهم أنه سيعتقل فوراً إن وطأت قدماه أراضيهم. كما أعلن حليف سابق عن قطع العلاقات الدبلوماسية والعسكرية مع الكيان، بينما فرض آخرون حظراً على تصدير الأسلحة لإسرائيل، مع تفتيش صارم لكل الشحنات الجوية والبحرية المتجهة إليها ومصادرة أي معدات عسكرية.

ولم يبق له حليف أو ناصر سوى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصفه بالإنجليزية “بالمحارب المغوار”، رغم معارضة عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي لسياسات نتنياهو.

لم تهدأ الأزمات حول نتنياهو، فبينما كانت إسرائيل ما تزال تترنح تحت وطأة الانتقادات الدولية المتلاحقة بسبب قتل الفلسطينيين وتجويع الأطفال والنساء، استفاقت على كارثة جديدة تمثلت بفتح جنودها النار على وفد دبلوماسي ضم 30 سفيراً وقنصلاً أوروبياً وعربياً، ظناً منهم أنهم فلسطينيون.

وكان الرد سريعاً وحاسماً، حيث تم استدعاء سفراء إسرائيل في تلك الدول ومواجهتهم بتهم تهديد الدبلوماسيين وترويعهم ومحاولة تصفيتهم، مع التأكيد أن هذه الأمور لن تمر مرور الكرام، خاصة وأن الكاميرات الغربية رصدت الحادثة بالصوت والصورة.

من جهته، خرج أحد كبار الحاخامات، حاييم عازر، عن صمته مُوجهاً خطاباً غير عادي لرئيس الوزراء والحكومة الإسرائيلية، معلناً رفضه القاطع لسياسات نتنياهو التي تقود البلاد إلى الدمار وتدفع بالشباب إلى الموت في حروب لا نهاية لها، مشيراً إلى أنها حروب شخصية لا علاقة لها بالبحث عن الأمن الحقيقي. وهدد بأنه في حال إجبار الشباب على حمل السلاح، فسيغادرون هذه الأرض، مؤكداً أنهم ليسوا في أزمة سياسية بل في أزمة أخلاقية، ولن يقبلوا بقرارات تجر الويلات على الجميع، خاصة مع الانتهاكات الجسيمة بحق الفلسطينيين في غزة من قتل المدنيين وتجويع الأطفال والنساء وحرمان الناس من الغذاء.

داخل الكنيست، تحول نتنياهو إلى “أضحوكة” حيث شن رئيس المعارضة هجوماً لاذعاً عليه وهو يبتسم، قائلاً له: “لا تبتسم بل انصرف! خلال إدارتك، هاجمنا الإيرانيون لأول مرة بالمسيرات والصواريخ، وكان عليك أن تتوسل للأمريكيين كي يساعدوك بينما كنت مختبئاً في قبو صديقك المليونير”.

وأضاف أن الانهيار لم يقتصر على الأمن بل شمل الاقتصاد أيضاً، حيث انخفضت الاستثمارات التكنولوجية في البلاد بنسبة 60%. واتهمه بالكذب على الشعب حين أعلن قبل الانتخابات أنه سيخفض أسعار الوقود ثم رفعها خمسة أضعاف، مؤكداً أن إرثه لن يكون سوى الخراب.

أما على الصعيد الداخلي، فقد شهدت إسرائيل صراعاً غير مسبوق، حيث بدأت تتهاوى من الداخل، وأصبح سيناريو الحرب الأهلية غير مستبعد، خاصة بعد قرار نتنياهو إقالة روبين بار، رئيس جهاز الشاباك (الأمن الوطني)، الذي يحظى بشعبية جارفة. وفور إعلان القرار، انتفض الشارع الإسرائيلي رغم التعتيم الإعلامي، واعتبروا القرار انقلاباً على الأمن القومي الإسرائيلي. كما وجهت المستشارة القضائية للحكومة، جالي بهاراف ميئيرا، رسالة حاسمة لنتنياهو تؤكد فيها أنه لا يملك صلاحية عزل رئيس الشاباك بهذه الطريقة، متهمة إياه بأنه يحول إسرائيل إلى “مملكته الخاصة”.

ولم يتردد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود باراك، في القول إن نتنياهو يقود البلاد إلى الهاوية، مع تنامي خطر مباشر يهدد الأمن الوطني، مبيناً أنه عاد من واشنطن محبطاً ومهاناً، خاصة مع تلميحات ترامب برغبته في إنهاء الحرب على غزة. وأكد باراك أن نتنياهو يصعب عليه تحقيق أي إستراتيجية حاسمة، وأن كل تصرفاته تصب في إنهيار ديمقراطي وشيك، يقود البلاد نحو ديكتاتورية فاسدة ومتطرفة.

وعلى الصعيد الدولي، جاءت التصريحات الأكثر خطورة من كوريا الشمالية، التي لوحت باستخدام السلاح النووي ضد إسرائيل إذا لم تتوقف عن سياسة الحصار والتجويع المفروضة على قطاع غزة. بينما أعلنت تركيا قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إسرائيل بشكل كامل، وإغلاق الأجواء التركية تماماً أمام طائراتها.

ولم يسلم نتنياهو من انتقادات زعماء العالم، حيث وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه “دنيء، يكذب ويتلاعب بالحقائق”، بينما أشار الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إلى أن الإسرائيليين ليس لديهم نية لمنح الفلسطينيين دولة في ظل حكم نتنياهو.

كما وجهت رئيسة وزراء الدنمارك، ميتي فريدريكسن، إهانات غير مسبوقة لنتنياهو، متهمة إياه بأنه سبب المشاكل والتوترات في الشرق الأوسط، بينما هدّدت النرويج باعتقاله إذا دخل أراضيها تنفيذاً لمذكرة الاعتقال الصادرة ضده من المحكمة الدولية.

أما في إسبانيا، فكان الرد عملياً بحظر إرسال الأسلحة لإسرائيل، والتفتيش الصارم والدوري لكل الشحنات الجوية والبحرية المتجهة إليها. بينما استقال وزير الخارجية الهولندي وحزبَه الثمانية من حكومة تصريف الأعمال بسبب عجزها عن فرض عقوبات إضافية على إسرائيل.

وفي موقف تاريخي، وبخ البرلمان البلجيكي السفيرة الإسرائيلية بقوة، واصفاً إسرائيل بأنها “دولة مارقة”، بينما دعا الرئيس الإيرلندي إلى ضرورة التدخل العسكري الدولي لوقف الإبادة.

من جهته، وصف الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق، نتنياهو بأنه “شخص مختل”، وهدفه الوحيد هو حماية نفسه من المحاكمة والسجن. بينما رأى المشير عبد الغني الجمسي أن نتنياهو يسعى لأن يكون بطلاً قومياً مثل دافيد بن غوريون، وأنه قرر ألا يقيم دولة فلسطينية، ولن يسمح لها بجيش، وستبقى القدس والجولان تحت السيادة الإسرائيلية.

وفي الولايات المتحدة، انتقدت النائبة مارجوري تايلور غرين الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل، معترضة على مشروع قانون نفقات السلاح الذي يكلف الشعب الأمريكي 831 مليار دولار، ومطالبة بإلغاء 500 مليون دولار من التمويل المخصص لنظام الدفاع الصاروخي في إسرائيل، مؤكدة أن إسرائيل قادرة على حماية نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights