مقالات

محمود عرفات يكتب: التصوف بريء من الحمقى

لا شك أن التصوف هو أحد المنابع الصافية التي استقى منها علماء الإسلام على مدى سنينَ طويلة؛ “إذ لا تجد عالما من العلماء الراسخين إلا وعنده نزعة تصوف” كما أقر بذلك الأستاذ الدكتور محمد عمارة عليه رحمة الله في أحد لقاءاته المرئية، وهذا لا يشك في صحته حتى المخالفين على أمر التصوف، فكتب العلماء المتصوفين طافحة بكل أمارات التصوف، فضلا عن أن أغلبهم إن لم يكن جلهم تابعين لطريقة من طرق التصوف المعروفة، دون أن يحيدوا عن المعين الصافي، الكتاب والسنة.

في الآونة الأخيرة عرج منتسبو التصوف به إلى الهاوية، وحادوا به عن الجادة وعن طريقه المنشود، حتى باتوا يخبطون خبط عشواء في الثوابت، ضاربين بالكتاب والسنة عرض الحائط، وكأن الدليل الذي يسوقهم نابع من ذاتهم، حتى باتوا يصدقون أنفسهم، وكأنهم مؤيدون بوحي من السماء!

حينما تقرأ عن تصوف الإمام الجنيد والحسن البصري والغزالي ونحوهم تجد الأوصاف تقول أن الصوفي كان يُعرفُ من حُسن طلعته، وضياء الإيمان يشع من وجهه، وكأنه يرى بنور الله سبحانه، فأنت لستَ بحاجة إلى من يثبت لك أن هذا رجل صوفي، أنت ترى بعينك صفاء سريريته، وسلوكه الحسن..في عصرنا هذا أصبح المنتسبون إلى التصوف في حالة تسارع إلى انتقاء ثياب تبدو عليها الزخرفة والبهرجة والكثير من السبح والسلاسل، وعدد كثير من الخواتم، ومنهم يرتدي قفازات في يده، وكأنه دليل على صوفيتهم!

ليس عندي مشكلة مع هؤلاء بقدر ما عندي مشكلة مع مريديهم، يتبعوهم في كل ما يصدر منهم، دون أن يحركوا عقولهم قيد أنملة، أإلى هذا الحد وصلت بهم السذاجة؟ أين المرجعية الدينية عندهم، ألا يحكمون كتاب الله في سلوكهم قبل أن يواطؤهم على قولهم، عجبا!

من الواجب على كل محب للتصوف أن يثأر لكل ما يشوب هذا السلوك من شطط ما أنزل الله به من سلطان، حقيقة الدين كله مرده إلى الكتاب والسنة، فليس بعدهما شيء، وهذا ما رأيناه في أصل التصوف، لكن أن تجدَ هذا العبث الدائر، وهؤلاء الحمقى الذين يشوهون صورته بشتى السبل، ولا تحرّك ساكنًا؛ فهذا يعني تواطؤك على ما يزعمون من فساد متعمد، ليس هو بجهل يأوى الإنسان إلى تبيين الحقائق حياله، بل هو حالٌ متعمد خرج من منه مريدون وكأنهم صمٌ بكم جراء هذا العته، آن لكل عابثٍ بالدين أن يقفَ عند حدّه.

يشعر الإنسان بالحسرة عند رؤية هؤلاء الذين يتحدثون باسم التصوف، ولا هم يعرفون تصوفًا، ولا يستطيعون قراءة آية من القرآن بضبطٍ سليم، وليس العيب عليهم بقدر ما العيب على مَن يدافعون عنهم، وكأنهم ليسوا من البشر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights