محمود عرفات يكتب: “شات جي بي تي” هادم للمواهب

لا ريب أن الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي ضرورة حتمية في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي لا ينقضي، ولكن الأصل في هذه المواكبة أن يتم الاستفادة منها في إطار الفكرة التي تحتاج إلى تطوير وسرعة في تنفيذ المطلوب، لكن هذا الاستخدام لأدوات الذكاء الاصطناعي حادَ عن طريقة إلى طريق – إن جاز التعبير- “الاتكال”، وهي فكرة “مفضوحة” لا تفرق بين الموهبة وأنصاف المواهب.
على سبيل المثال ترى مَن لا يجيد الكتابة، ولا يعرف الفرق بين التاء المربوطة والهاء يذهب إلى “شات جي تي” ويعطيه أمر بكتابة موضوع عن أفكار هي أكبر من أن يفهمها، ثم لم يلبث أن ينسبها لنفسه، ثم يتلقى الثناء من المتابعين بكل بجاحة، وكأنه لا يستطيع أن يمر عليه يوم دون أن يقرأ لطه حسين ونجيب محفوظ.
هذا الأمر لا يتوقف عن الكتابة فحسب، بل حتى في النقاشات التي تكون بين شخصين، لا يعطي الإنسان لنفسه مساحة ليفكر ويعطي رأيه حيال ما قيل، بل يختصر كل هذا الوقت ليذهب إلى قاتل المواهب “شات جي بي تي” ليعطيه ردًّا معلبا، أكاد أجزم أن ناقله لا يفهم عنه شيء!
الاستفادة من هذه الأدوات تكمن في سرعة الانتهاء من العمل، كأن يقوم بجمع إحصائيات جاهزة لك عن فكرة معينة، أو أن ينسق لك الموضوع بعد أن تنتهي منه، وهكذا.. لكن أن يتم الاعتماد عليه في كل الأحوال ضرب من ضروب العبث، وليعلم صاحبه أن ما نقله واضح وضوح الشمس.