الرئيسية

يوم اليتيم.. بين احتفالات العالم ودموع غزة

في الوقت الذي يستعد فيه العالم العربي والإسلامي لإحياء “يوم اليتيم” متزينًا بالمبادرات الخيرية والاحتفالات الرمزية يقف قطاع غزة وحده على الضفة الأخرى من الألم هناك لا وقت للاحتفال ولا مكان للفرح بعدما تحوّل عشرات الآلاف من الأطفال إلى أيتام في لحظة قصف ومزّقت آلة الحرب أحلامهم قبل أن تنضج.

وبينما توزع المؤسسات الهدايا والحلوى في أنحاء العالم العربي يتجول أطفال غزة بين الركام باحثين عن صورة أم أو جزء من معطف أب، أو حتى دمية طمرها الغبار.

البيان الصادر عن الأزهر الشريف في هذه المناسبة لم يكن مجرد موقف ديني بل كان صرخة إنسانية مدوّية تكشف الفجوة بين الشعارات والواقع وتعرّي المجتمع الدولي من ادعاءاته الحقوقية.

فقد وجّه الأزهر رسالة شديدة اللهجة أدان فيها صمت العالم أمام الجريمة المستمرة في غزة مطالبًا بوقف عاجل للعدوان ورعاية شاملة لأيتام القطاع الذين باتوا ضحايا حرب لا ترحم.

الطفولة المغتالة.. غزة نموذجًا لفقدان الحماية الإنسانية

لا شيء يُجسّد معاناة الطفولة في القرن الحادي والعشرين مثل مشهد أطفال غزة فبحسب تقارير منظمات حقوق الإنسان خلّف العدوان الإسرائيلي المستمر منذ شهور آلاف القتلى من المدنيين، كان معظمهم من النساء والأطفال وأمام أعين العالم، تحوّلت غزة إلى مقبرة مفتوحة والطفولة إلى تهمة يعاقب عليها أصحابها بالموت أو اليُتم.

بيان الأزهر وصف ما يجري بـ”العدوان الإرهابي”، مؤكدًا أن أطفال غزة باتوا يعيشون مرارة اليُتم الحقيقي بعدما فقدوا ذويهم تحت وطأة قصف متواصل لا يستثني بيتًا ولا مستشفى ولا مدرسة.
وجاء في البيان: “يحِلُّ يوم اليتيم هذا العام مثقلاً بآلام لا تُحتمل إذ تحوّلت غزة إلى مشهد دائم للفقد، بعد أن مزّق العدوان الوحشي قلوب الآباء والأمهات، وترك أطفالًا تائهين في مهب العدم”.

اليتيم الغزّي.. بين الحصار والنسيان

ما يفاقم مأساتهم أن الأطفال الأيتام في غزة لا يعانون فقط من غياب الآباء بل من غياب الدولة، والدعم، والاحتواء فالحصار الطويل والانقسام الداخلي، والشلل الذي أصاب المنظمات الإغاثية بسبب الاستهداف المباشر كلها عوامل جعلت من كفالة الأيتام مهمة شبه مستحيلة الطفل الغزّي لا يحتاج فقط إلى مسكن وطعام بل إلى حياة متكاملة، تعليم صحة دعم نفسي، وإحساس بالأمان كلها عناصر غابت تحت الحطام.

الأزهر الشريف دعا في بيانه الحكومات الحرة في العالم، ومنظمات حقوق الإنسان، والهيئات الدولية إلى تحمّل مسؤولياتها تجاه أطفال غزة، والعمل بشكل عاجل لوقف العدوان وتأمين الحماية والرعاية الشاملة لهم وحذر من أن ترك هؤلاء الأطفال دون رعاية هو إعداد لجيل مشوّه نفسيًا، مكسور إنسانيًا، يُعاد إنتاج مأساته يومًا بعد يوم.

مقارنة صارخة: يوم للابتسامة هنا، ويوم للبكاء هناك

في حين تشهد العديد من العواصم العربية فعاليات “يوم اليتيم” التي تتضمن حفلات ترفيهية وتوزيع الهدايا، وتنظيم الأنشطة الفنية والتثقيفية، يقف طفل غزة محرومًا من أبسط حقوقه: الحق في النجاة في اللعب، في النوم دون خوف.

المشهد يختزل المفارقة القاتلة: نفس اليوم ونفس المناسبة، ولكن مصيران متعاكسان؛ احتفاء في جانب، ودفن جماعي في الجانب الآخر.

وقد اعتبر مراقبون أن هذا التناقض يسلّط الضوء على عمق الأزمة الأخلاقية التي يعيشها المجتمع الدولي، حيث أصبحت دماء الأطفال الفلسطينيين مجرّد أرقام في نشرات الأخبار تُذكر للحظة ثم تُنسى دون محاسبة أو تحرّك.

دعوة الأزهر.. تحرّك عاجل لكفالة أطفال بلا سند

في ختام بيانه، لم يكتف الأزهر الشريف بالتنديد، بل قدّم خارطة طريق إنسانية للخروج من النكبة. حيث دعا إلى تكثيف الجهود الدولية لوقف العدوان فورًا، وبدء تحرّكات عاجلة لتقديم الكفالة الشاملة لأيتام غزة بما يشمل توفير الغذاء المأوى التعليم، الرعاية الصحية والدعم النفسي.

كما شدد على أن هذه المسؤولية لا تقع على عاتق جهة واحدة، بل هي واجب أممي مشترك يجب أن تشارك فيه الدول، والمؤسسات، والأفراد واعتبر أن تجاهل هذه الدعوة هو إمعان في قتل الطفولة وتركها فريسة لأمراض المستقبل ومآسيه.

ما بعد البيان.. هل يسمع العالم صرخة غزة؟

في خضم هذه المأساة، يتحوّل “يوم اليتيم” من مجرد مناسبة رمزية إلى اختبار حقيقي للضمير الإنساني هل سيتجاوز العالم مرحلة التصريحات ليتخذ خطوات عملية؟ هل ستتدخل المؤسسات الدولية لإنقاذ أيتام غزة قبل أن تتحوّل مأساتهم إلى جرح لا يندمل في التاريخ الحديث؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights