مرصد الأزهر.. كشف زيف استغلال الجماعات الإرهابية لمفهوم الجاهلية

تسعى الجماعات الإرهابية إلى استغلال المفاهيم الدينية وتشويهها لتحقيق أهدافها المتطرفة، ومن أبرز هذه المفاهيم “الجاهلية”، الذي تستخدمه تلك الجماعات لوصف المجتمعات المعاصرة.
الهدف الأساسي وراء هذا الاستخدام هو تعزيز أيديولوجياتها المتطرفة وإثارة الفوضى والتفرقة بين الأفراد.
هل المجتمعات المعاصرة تعيش فعلًا في “جاهلية”؟ وما المقصود الحقيقي بهذا المصطلح؟ لتوضيح هذه القضية، يوضح الدكتور إيهاب شوقي، المشرف في مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، الجذور والمعاني الصحيحة لهذا المفهوم وكيف تسعى الجماعات الإرهابية إلى تحريفه لخدمة أجنداتها.
ما هو مفهوم “الجاهلية” في الإسلام؟
أوضح الدكتور إيهاب شوقي أن مصطلح “الجاهلية” يُشير في الإسلام إلى حالة من التخبط الفكري والاجتماعي التي كانت تعيشها المجتمعات قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. أضاف أن الجاهلية لا تعني فقط غياب الدين أو العقيدة الصحيحة، لكنها ترتبط بانعدام القيم الإنسانية الأساسية، مثل العدالة والمساواة، وانتشار الظلم والفساد.
“الإسلام جاء ليُخرج الناس من ظلمات الجاهلية إلى نور الهداية والعدالة، من خلال رسالة شاملة تعزز كرامة الإنسان وتُقيم العلاقات على أسس من الاحترام والتعاون.”
استغلال المصطلح في الأيديولوجيات المتطرفة
وفقًا للدكتور شوقي، تقوم الجماعات الإرهابية بتحريف مفهوم الجاهلية لتصوير المجتمعات الإسلامية الحالية بأنها مجتمعات فاسدة وكافرة، بهدف إثارة مشاعر العداء والكراهية.
أوضح أن هذه الجماعات تحاول استغلال هذا المصطلح لإقناع أتباعها بأنهم يعيشون في بيئة غير إسلامية، مما يدفعهم إلى الانعزال عن المجتمع أو حتى مهاجمته.
هذا التفسير المغلوط يخدم أجندة هذه الجماعات في فرض رؤيتها المتطرفة وتبرير أعمالها الإرهابية، لكنها تتجاهل أن المجتمعات الإسلامية اليوم تتبع الشريعة الإسلامية بطرق تتماشى مع تطورات العصر.”
التفريق بين النصوص الدينية الصحيحة والتأويلات المغرضة
أكد الدكتور شوقي على ضرورة فهم النصوص الدينية في سياقاتها الصحيحة وتجنب الانسياق وراء التفسيرات المغلوطة التي تروج لها الجماعات المتطرفة.
أشار إلى أهمية دور المؤسسات الدينية، مثل الأزهر الشريف، في نشر الوعي الصحيح بالمفاهيم الدينية وتوضيح المعاني الحقيقية للمصطلحات التي يتم استغلالها لتحريف الدين.
“المجتمعات الإسلامية ليست جاهلية؛ بل هي مجتمعات تسعى للارتقاء بأخلاقها وقيمها وفقًا لمبادئ الإسلام السمحة الجاهلية ليست وصفًا عامًا يُطلق جزافًا، بل هي مفهوم محدد يرتبط بغياب القيم التي يحث عليها الدين.”
مرصد الأزهر ودوره في مكافحة الفكر المتطرف
يشير الدكتور شوقي إلى أن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يعمل على رصد وتحليل الخطاب الإرهابي وتفنيد المغالطات الفكرية التي تروجها الجماعات المتطرفة ويقوم المرصد بنشر التوعية الدينية الصحيحة، التي تبرز الإسلام كدين يدعو إلى الرحمة والسلام، ويرفض العنف والتطرف.
هدفنا هو أن نُعيد الناس إلى الفهم الصحيح للدين، ونسلط الضوء على القيم الإيجابية التي تعزز استقرار المجتمع وتقدمه.
دعوة للفهم الواعي والتكاتف ضد الفكر المتطرف
اختتم الدكتور إيهاب شوقي حديثه بدعوة الأفراد إلى تعزيز ثقافة الحوار والتفكير النقدي، والرجوع إلى المؤسسات الدينية الموثوقة لفهم النصوص والمفاهيم الإسلامية.
أكد أن التكاتف المجتمعي يُعد سلاحًا أساسيًا في مواجهة محاولات الجماعات المتطرفة لتفكيك النسيج الاجتماعي.
في ظل هذا الإيضاح، يتضح أن مفهوم “الجاهلية” ليس وصفًا ينطبق على المجتمعات الحديثة، وإنما هو مصطلح تم تحريفه لتبرير أفكار وأفعال تتنافى مع جوهر الدين الإسلامي.