ذاكرة اليوم.. دور الأزهر الشريف في حماية البيئة وتعزيز الوعي البيئي

في الإسلام، يُعد الحفاظ على البيئة وحماية الموارد الطبيعية واجبًا دينيًا، حيث يُعتبر الإنسان خليفة الله في الأرض ويجب عليه الحفاظ على كل ما خلقه الله.
وقد أكد القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على ضرورة الاعتناء بالطبيعة والابتعاد عن أي نوع من التدمير أو الإفساد.
يعد الأزهر الشريف منارة لتفسير هذه المبادئ، ويعمل جاهدًا على نشر الوعي البيئي بين المسلمين من خلال فعالياته ومبادراته المختلفة.
الإسلام يرى في التوازن البيئي ضرورة دينية، وينبغي على الإنسان الحفاظ على موارد الطبيعة وفقًا للمفهوم الإسلامي الذي يعزز فكرة الرحمة و التعاون.
ومن هنا يأتي دور الأزهر في نشر هذه المبادئ من خلال الخطاب الديني، و المنابر التعليمية، و المؤتمرات الدولية التي يشارك فيها.
مبادرات الأزهر في نشر الوعي البيئي
منذ أن بدأ الأزهر الشريف نشاطه في مجال التوعية البيئية، سعى إلى إدراج قضايا البيئة وحمايتها ضمن المواضيع التي يتم التطرق إليها في خطب الجمعة، يركز الأزهر على أهمية الحفاظ على البيئة من منظور إسلامي، مؤكدًا أن كل فرد في المجتمع مسؤول عن الحفاظ على الموارد الطبيعية.
الأزهر يستغل هذه المنابر لتوجيه المجتمع إلى أهمية الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية مثل المياه، والأراضي الزراعية، والطاقة، مما يعكس الالتزام الديني بالمحافظة على الأرض.
المنهج التعليمي: دمج القيم البيئية في المناهج الأزهرية
المنهج الدراسي في المدارس الأزهرية يشمل مادة التربية البيئية التي تركز على تربية الطلاب على مبادئ الإسلام في الحفاظ على البيئة.
يتم تدريس كيفية إدارة الموارد الطبيعية بشكل مستدام، والحد من الملوثات التي تهدد البيئة، كما يتم تحفيز الطلاب على المشاركة في الأنشطة البيئية، مثل حملات التشجير وتنظيف الأحياء والقرى.
في عام 2019، أدرج الأزهر ضمن المناهج الدراسية لطلاب المعاهد الأزهرية دورات تعليمية متخصصة حول التغيرات المناخية وأثرها على الحياة البشرية، موضحًا كيف أن الإسلام يحث على التوازن بين الإنسان والطبيعة كما تم تدريب المدرسين في الأزهر على كيفية إدخال مفاهيم الحفاظ على البيئة في الدروس اليومية.
أنشطة الأزهر في الحفاظ على البيئة: الشراكات والمشاريع البيئية
الأزهر الشريف لا يعمل بمفرده في مجال نشر الوعي البيئي، بل يسعى دائمًا للتعاون مع مختلف المؤسسات البيئية والمنظمات الدولية لزيادة تأثيره.
في عام 2020، شارك الأزهر في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في غلاسكو، حيث قام شيخ الأزهر بتسليط الضوء على دور الإسلام في المحافظة على البيئة.
في هذا المؤتمر، أكد الأزهر أن الإسلام يربط بين العدالة البيئية والعدالة الاجتماعية، حيث أن الظلم البيئي يعاني منه أكثر الفقراء والضعفاء في المجتمعات.
كما قام الأزهر بالتعاون مع الهيئة المصرية لحماية البيئة والعديد من المنظمات غير الحكومية في حملات تنظيف الأنهار و تحسين جودة المياه في المناطق الريفية هذه المبادرات تتضمن توعية المجتمع المحلي بأهمية إعادة التدوير، الحد من النفايات، وحماية التنوع البيولوجي.
المبادرات الدولية: الأزهر والمشاركة في المؤتمرات البيئية
يواصل الأزهر دعمه للمؤتمرات الدولية التي تناقش التغيرات المناخية وأثرها على كوكب الأرض في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، الذي عُقد في غلاسكو عام 2021، شارك الأزهر في الترويج لمفاهيم الإسلام البيئي الذي يدعو إلى التعاون الدولي لمواجهة التحديات البيئية، مؤكدًا على ضرورة العمل المشترك بين الدول الإسلامية وغير الإسلامية.
الأزهر أيضًا كان له دور كبير في مؤتمر الأرض الذي عُقد في باريس عام 2015، حيث شارك ممثلون عن الأزهر في العديد من الجلسات التي ناقشت العدالة البيئية وأثر التغير المناخي على البلدان الفقيرة.
التوعية البيئية عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي
مع تطور وسائل الإعلام، أصبح الأزهر يستخدم المنصات الرقمية مثل فيسبوك و تويتر و يوتيوب لنقل رسائل الوعي البيئي بشكل أكثر فاعلية من خلال هذه المنصات، يقوم الأزهر بنشر فيديوهات توعوية و مقالات تركز على كيفية مكافحة التلوث و استخدام الطاقة المتجددة.
في عام 2020، أطلق الأزهر عبر منصاته الرقمية حملة تحت شعار “الإسلام يحمي الأرض”، وهي حملة تهدف إلى توعية الأفراد بأهمية الحد من انبعاثات الكربون و التلوث الصناعي.
اليوم العالمي للبيئة: فعاليات وبرامج توعوية
كما يشارك الأزهر بشكل سنوي في اليوم العالمي للبيئة، الذي يُحتفل به في الخامس من يونيو.
يتم خلال هذا اليوم تنظيم العديد من الأنشطة والبرامج التوعوية، حيث يتم تقديم محاضرات دينية و ورش عمل حول أهمية الحفاظ على البيئة والتقليل من استخدام المواد الضارة بالبيئة.
في اليوم العالمي للبيئة في 2021، نظم الأزهر حملة توعوية تحت شعار “بيئة آمنة، حياة أفضل”، والتي تم فيها توزيع نشرات ومطبوعات دينية تشرح مفاهيم الإسلام البيئي وكيفية الحفاظ على الطبيعة بطرق بسيطة.
التحديات التي يواجهها الأزهر في نشر الوعي البيئي
رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الأزهر في نشر الوعي البيئي، إلا أن هناك بعض التحديات التي قد تعوق تقدم هذه المبادرات:
1. نقص التمويل: تواجه العديد من المبادرات البيئية صعوبة في الحصول على التمويل الكافي لتنفيذها على أرض الواقع، مما يحد من تأثيرها.
2. الوعي المجتمعي: في بعض المناطق الريفية، لا يزال هناك قصور في الوعي البيئي، مما يتطلب مزيدًا من الجهود من أجل تغيير المفاهيم التقليدية.
3. التعاون بين المؤسسات: تواجه بعض المبادرات صعوبة في تحقيق التنسيق المثالي بين الأزهر والمؤسسات الأخرى، مما يؤدي إلى ضعف التنسيق في تطبيق بعض البرامج البيئية.
الأزهر ركيزة للوعي البيئي
بفضل جهوده المستمرة، يبقى الأزهر الشريف ركيزة أساسية في نشر الوعي البيئي وتحقيق أهداف حماية البيئة في العالم الإسلامي.
من خلال الخطاب الديني، و المنهج التعليمي، و الأنشطة المجتمعية، يساهم الأزهر في نشر مفاهيم الاستدامة البيئية و العدالة الاجتماعية التي يدعو إليها الإسلام، مما يعزز من قدرته على التفاعل مع قضايا البيئة على المستوى المحلي والدولي.