أكد الدكتور محمد فكري خضر، نائب رئيس جامعة الأزهر لفرع البنات، على ضرورة تعزيز دور الإنسان في ظل التقدم التكنولوجي المتسارع، مشددًا على أن الذكاء الاصطناعي لا ينبغي أن يكون بديلًا عن العقل البشري، بل يجب توظيفه كأداة تمكينية لدعم البحث العلمي والدراسات الإنسانية.
جاء ذلك خلال كلمته في المؤتمر الدولي الثاني عشر الذي تنظمه كلية الدراسات الإنسانية للبنات بالقاهرة تحت عنوان: “الدراسات الإنسانية والبحث العلمي في ظل الذكاء الاصطناعي: التحديات والفرص رؤية مستقبلية”.
أهمية الدراسات الإنسانية في عصر الذكاء الاصطناعي
عبَّر نائب رئيس جامعة الأزهر عن سعادته بالمشاركة في هذا التجمع العلمي الكبير، مؤكدًا أن المؤتمر يعد ثمرة جهود أكاديمية مخلصة تهدف إلى تعزيز مكانة الدراسات الإنسانية في ظل الثورة التكنولوجية.
وأشار إلى أن العالم يشهد مرحلة فاصلة في تطور المعرفة، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، مؤثرًا على جميع المجالات العلمية والثقافية.
وأضاف أن التطورات الأخيرة أدت إلى تحول جذري في البحث العلمي، إذ بات للذكاء الاصطناعي دور محوري في تحليل البيانات، واستخلاص النتائج، وإيجاد حلول مبتكرة للتحديات المختلفة، لكنه في الوقت نفسه يثير تساؤلات حول مستقبله وتأثيره على المجالات الإنسانية.
هل يحل الذكاء الاصطناعي محل الباحثين والمفكرين؟
طرح الدكتور فكري خضر تساؤلًا محوريًا حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، قائلًا: “هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الباحثين والمفكرين؟ أم سيكون مجرد أداة تعزز إمكانياتهم وتفتح لهم آفاقًا جديدة للمعرفة؟”
وأجاب بأن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة كبيرة لتحسين جودة الحياة، ودعم الابتكار، وتعزيز النمو الاقتصادي، لكنه في الوقت ذاته يفرض علينا مسؤولية كبيرة تتمثل في ضمان الاستخدام الأخلاقي والمسؤول لهذه التقنيات.
وأوضح أن التطور السريع في الذكاء الاصطناعي يتطلب تهيئة الإنسان لمواكبة هذه التحولات والاستفادة القصوى منها دون التفريط في القيم الإنسانية.
وأكد أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية مستقبلية، بل أصبح واقعًا يغير مجالات الحياة كافة، من الصحة والتعليم إلى الصناعة والاقتصاد، وحتى الإبداع الفني والثقافي ومع هذه الفرص العظيمة، تبرز أيضًا تحديات كبيرة تتعلق بالخصوصية، والأخلاقيات، وتأثير الذكاء الاصطناعي على فرص العمل المستقبلية.
جامعة الأزهر تجمع بين الأصالة والحداثة
أكد الدكتور فكري أن تنظيم هذا المؤتمر يعكس التزام كلية الدراسات الإنسانية، وكافة الكليات التابعة لجامعة الأزهر، بمواكبة التطور العلمي المستمر. وأوضح أن الجامعة تسعى إلى تحقيق الريادة في مجالات البحث العلمي والتعليم وخدمة المجتمع، مشيرًا إلى أن الأزهر يؤمن بضرورة التكامل بين الإنسانية والتكنولوجيا، بحيث يسهم كل منهما في بناء مجتمع متوازن ومستدام.
وأضاف أن جامعة الأزهر تتميز بقدرتها على الجمع بين الأصالة والحداثة، من خلال الاستفادة من إرثها العلمي العريق، إلى جانب مواكبة أحدث التطورات العلمية والتكنولوجية، وهو ما يعكسه شعار المؤتمر.
الثورة التكنولوجية وأهمية الدراسات الإنسانية
لفت الدكتور فكري إلى أن الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة في مختلف الصناعات، مما أدى إلى ظهور تحديات وتساؤلات حول مستقبل دور الإنسان.
وأوضح أن هذا التطور السريع يؤكد على أهمية الدراسات الإنسانية، التي تظل ضرورية لفهم القيم والمعتقدات والأخلاقيات الإنسانية، حيث تقدم الفلسفة، والأدب، والتاريخ، وعلم الاجتماع رؤى أعمق وأكثر ارتباطًا بالإنسان، تتجاوز ما يمكن أن تقدمه الآلات والأنظمة الذكية.
وأضاف أن هذا المؤتمر ليس مجرد فعالية أكاديمية، بل هو جزء من رؤية مصر 2030، التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز الابتكار، وبناء مجتمع قائم على المعرفة في ظل الثورة التكنولوجية المتسارعة.
الأزهر ودوره في دعم البحث العلمي والإنساني
أشار نائب رئيس الجامعة إلى أهمية التأكيد على دور الدراسات الإنسانية في تحقيق رؤية مصر المستقبلية، مؤكدًا أن دعم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لهذا المؤتمر يعكس مدى اهتمام الأزهر بالعلم والمعرفة، ودوره في توجيه العالم الإسلامي نحو الاستفادة من التطورات الحديثة لخدمة الإنسانية.
وأوضح أن الأزهر يسعى إلى بناء جسور التعاون الدولي لتعزيز البحث العلمي والدراسات الإنسانية، بما يسهم في تقديم حلول مبتكرة للمشكلات العالمية، مع الحفاظ على القيم والأخلاقيات التي تميز المجتمعات الإنسانية.
الذكاء الاصطناعي.. أداة للتقدم أم تهديد للمستقبل؟
اختتم الدكتور فكري كلمته بالتأكيد على أن المستقبل يعتمد على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن التحدي الحقيقي لا يكمن في التكنولوجيا ذاتها، بل في كيفية توظيفها بطريقة مسؤولة تحقق التوازن بين التقدم العلمي والحفاظ على القيم الإنسانية.
