قرى أسيوط الأكثر فقرا .. معاناة مستمرة وحلول غائبة

كتب / طارق الصحفي
في قلب الصعيد المصري، حيث تمتزج الطبيعة القاسية بظرو
ف معيشية أصعب، تعيش آلاف الأسر في قرى محافظة أسيوط تحت وطأة الفقر المدقع. رغم المبادرات الحكومية والمجتمعية، لا تزال بعض القرى تعاني من نقص الخدمات الأساسية، مما يجعل الحياة فيها أشبه بصراع يومي من أجل البقاء. في هذا التحقيق، نسلط الضوء على معاناة الأهالي، ونرصد آراء الخبراء حول الحلول الممكنة لهذه الأزمة الممتدة.
معاناة لا تنتهي
في قرية “عرب العوامر” التابعة لمركز أبنوب، تحدث إلينا الحاج عبد الله، وهو رجل في الستينيات من عمره، قائلًا:
“نعيش على الشاي والعيش الحاف، لا يوجد مصدر رزق ثابت، والمياه الصالحة للشرب لا تصل إلا ساعات قليلة في اليوم، أما المستشفى، فلا يوجد بها أطباء دائمون.”
بينما تجلس أم محمود، وهي أرملة تعول أربعة أطفال، أمام منزل طيني متهالك، تحكي بصوت مختنق:
“أطفالي ينامون بلا عشاء أحيانًا، المدارس بعيدة ولا نستطيع تحمل مصاريف التعليم. نعيش بين الفقر والمرض، ولا نعلم متى يأتي الفرج.”
وفي قرية “الزرابي” بمركز القوصية، يروي أحد شباب القرية، محمد عبد الرحمن، معاناته في البحث عن فرصة عمل:
“أنا حاصل على دبلوم صناعي، لكن لا توجد مصانع أو ورش نستطيع العمل بها. السفر للقاهرة مكلف، والعمل هنا يكاد يكون معدومًا.”
الخبراء: الفقر في الصعيد أزمة مركبة
للتعمق في أسباب المشكلة، تحدثنا مع الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد فؤاد، الذي أرجع تفشي الفقر في قرى أسيوط إلى عدة عوامل، أبرزها:
• قلة الاستثمارات: حيث تفتقر المنطقة إلى مشروعات صناعية أو تجارية كبرى توفر فرص عمل للسكان.
• ضعف الخدمات الصحية والتعليمية: مما يعوق السكان عن تحسين أوضاعهم المعيشية.
• الهجرة الداخلية: حيث يضطر الشباب إلى السفر للمحافظات الأخرى، مما يترك القرى في حالة من الجمود الاقتصادي.
من جانبه، أوضح الدكتور محمود عبد الستار، أستاذ التنمية الريفية بجامعة أسيوط، أن الحل يكمن في:
• إقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة تناسب طبيعة القرى، مثل الصناعات الغذائية والحرف اليدوية.
• تحسين الخدمات الصحية والتعليمية لضمان بيئة تساعد على التنمية.
• تشجيع الاستثمار في الصعيد عبر تقديم حوافز للشركات والمستثمرين.
مبادرات وجهود.. لكنها لا تكفي
رغم التحديات، هناك محاولات حكومية ومجتمعية لتحسين الأوضاع، مثل مبادرة “حياة كريمة”، التي نجحت في إدخال بعض الخدمات إلى القرى الأكثر احتياجًا. لكن يظل السؤال مطروحًا: هل تكفي هذه المبادرات وحدها للقضاء على الفقر في صعيد مصر؟
ختامًا.. أمل رغم الألم
في نهاية جولتنا، كانت هناك صورة واضحة: الفقر في قرى أسيوط ليس مجرد أرقام في التقارير، بل هو واقع يعيشه الأهالي كل يوم. ورغم ذلك، يبقى الأمل معقودًا على حلول جذرية تضع حدًا لهذه المعاناة المستمرة، حتى تتحول قرى أسيوط من بؤر للفقر إلى نماذج حقيقية للتنمية.