غزة ليست لنا.. أولمرت يدعو لوقف الحرب والانسحاب دون شروط

في تصريحات غير معتادة ضمن المشهد السياسي الإسرائيلي، دعا رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مؤكدًا أن القطاع “ليس إسرائيليًا بل فلسطيني”، وأنه لا يمكن تحقيق السلام دون الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة.
ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن أولمرت قوله: “يجب أن نتحلى بالشجاعة السياسية لإنهاء الحرب، والانسحاب من غزة، فليس لدينا مستقبل هناك، ولا يمكن أن نواصل هذا الصراع المفتوح إلى ما لا نهاية”. وأضاف: “لا بديل عن حل الدولتين، وعلى إسرائيل أن تبدأ بخطوة حقيقية تتمثل في وقف الحرب، وإعادة المحتجزين، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين”.
تأتي تصريحات أولمرت في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الداخلية والخارجية للحرب المستمرة في غزة، وسط تدهور إنساني غير مسبوق. ويعد موقفه تحديًا نادرًا للخطاب السائد داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية، التي تميل غالبًا إلى التصعيد الأمني ورفض التنازلات السياسية.
ويُذكر أن أولمرت، الذي شغل منصب رئيس الوزراء من 2006 إلى 2009، كان أحد القادة الذين أبدوا استعدادًا في السابق للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين، بما في ذلك تقديم تنازلات جوهرية في ملف القدس واللاجئين. وتعيد تصريحاته الحالية إلى الواجهة نقاشًا متجددًا حول جدوى الاستمرار في العمليات العسكرية الطويلة الأمد في غزة، دون أفق سياسي واضح.
وكانت القوات الإسرائيلية قد استأنفت هجومها المكثف على قطاع غزة فجر يوم 18 مارس 2025، منهية بذلك هدنة مؤقتة استمرت شهرين، دخلت حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي. ورغم الاتفاق المبرم بوساطة دولية، فإن إسرائيل خرقت شروط التهدئة مرارًا، من خلال تنفيذ غارات وعمليات توغل محدودة خلال فترة الهدنة، حسب ما أفادت به منظمات حقوقية ومصادر ميدانية.
منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر 2023، تشهد غزة واحدة من أعنف الحملات العسكرية في تاريخها، والتي وصفتها منظمات دولية، بينها هيومن رايتس ووتش وأطباء بلا حدود، بأنها “إبادة جماعية ممنهجة”. وأسفرت الحرب عن أكثر من 172 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 14 ألف مفقود تحت الأنقاض أو في ظروف غير معلومة، في ظل حصار خانق تسبب في شلل تام للبنية التحتية الطبية والإنسانية في القطاع.
وتحظى العمليات العسكرية الإسرائيلية بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، رغم تصاعد المطالبات الدولية بوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية. وتواجه تلك الدول اتهامات متزايدة بالتواطؤ أو الصمت عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في غزة، في ظل غياب أي مساءلة فعلية داخل أروقة الأمم المتحدة بسبب الفيتو الأميركي المتكرر.