فضل صيام يوم عاشوراء

أسيوط/ عماد صابر
ساعات قليلة ويهل علينا اليوم العاشر من محرم وهو يسمي “عاشوراء”، وهو من مظاهر رحمة الله تعالى بعباده أن مَنَّ عليهم ببعض الأيام الفاضلة التي تتجلى فيها النَّفحات، وتُضاعَف فيها الحسنات، وتُرفع فيها الدرجات، وتُمحى فيها الخطايا والسيئات، حيث قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ لِرَبِّكُم عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهرِكُم نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُم أَن تُصِيبَهُ مِنهَا نَفحَةٌ لَا يَشقَى بَعدَهَا أبَدًا» أخرجه الإمام الطبراني في “المعجم الأوسط”.
فضل صيام يوم عاشوراء
“يوم عاشوراء” أي يوم العاشر من شهر الله المُحرَّم، كما في “بداية الهداية” لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي (ص: 50، ط. مكتبة مدبولي).
فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبلَهُ» أخرجه الإمام مسلم.
وصيام عاشوراء يُعدُّ اتباعًا واقتداءً وإحياءً لسُنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، إذ إنه صلى الله عليه وآله وسلم صام هذا اليوم، وأمر الناس بصيامه، فكان بذلك أمرًا مستحبًّا شرعًا.
فعنه قال الرسول الكريم: قَدِمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينةَ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «مَا هَذَا؟»، قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يومٌ نجَّى اللهُ بَنِي إسرائيل من عدُوِّهم، فصامه موسى، قال: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. متفق عليه.
هل نصوم يوم قبله أو بعده
الشأن في صيام عاشوراء أنه يقع على مراتب متفاوتة، أتمُّها وأكملُها أن يكون مُقترنًا بصيام يومٍ قبله ويومٍ بعده، فيصوم يومي التاسِع والحادي عشر من شهر الله المُحرَّمِ إضافة إلى يوم العاشر الذي هو عاشوراء؛ وذلك للأخبار الواردة الدالة على حث النبي صلى الله عليه وآله وسلم وترغيبه في الجمع بين صوم الأيام الثلاثة.
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في صوم يوم عاشوراء: «صُومُوهُ، وَخَالِفُوا فِيهِ اليَهُودَ، وَصُومُوا قَبلَهُ يَومًا، وَبَعدَهُ يَومًا» أخرجه الإمامان: البَزَّار، والبَيهَقِي في “شعب الإيمان”.
قال الإمام المُنَاوِي في “التيسير بشرح الجامع الصغير” في تعليقه على الحديث: [قال جَمعٌ: صيام عاشوراء على ثلاث مراتب: أدناها أن يُصام وحده، وفَوقه أن يُصام معه التاسِع، وفَوقه أن يُصام معه التاسِع والحادي عشر، فهذا الحديث بالنسبة للأكمل] .
هل يجوز إفراد يوم عاشوراء بالصيام
فإن أراد المسلم أن يُفردَ يوم عاشوراء بالصيام دون صيام يوم التَّاسِع والحادي عشر أو أحدهما مع العاشر فذلك جائز شرعًا من غير كراهة، سواء كان ذلك بعُذر أو بغير عُذر.
قال الإمام الشَّروَانِي في “حاشيته على تحفة المحتاج” في بيان صوم يوم عاشوراء: [ولا بأس بإفراده].
وقال الإمام المَردَاوِي في “الإنصاف” مُبَيِّنًا حكم إفراد عاشوراء بالصيام: [لا يكره إفرادُ العاشِرِ بالصيام على الصحيح من المذهب] .
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ صيام عاشوراء أمر مُستَحبٌّ شرعًا، والأكمل للسائل المذكور أن يجمع فيه بين صيام الأيام الثلاثة: التاسِع، والعاشر، والحادي عشر من شهر الله المُحرَّم، فإن أفرد يوم العاشر بالصيام لعذر أو لغير عذر فذلك جائز شرعًا من غير كراهة، ولا إثم عليه في ذلك ولا حرج.