بين أحلام الخريجين وأعباء الأهالي.. فرحة التخرج لا تخلو من ثمن
حفلات التخرج: بين فرحة الإنجاز وتحديات الواقع

تقرير- محمود عرفات
مع اقتراب نهاية العام الدراسي كل عام تستعد الجامعات والمدارس في مصر لواحدة من أكثر اللحظات انتظارا وتشوقا بين الطلاب وأولياء الأمور، وهي حفلات التخرج التي تعد من المناسبات الخاصة التي ينتظرها كل طالب، حيث إنه يوم الحصاد والتتويج لستة عشر عاما، مناسبة راهن عليها الأهالي، وانتظرها الجميع كعلامة فاصلة بين الماضي الأكاديمي والمستقبل المهني.
برغم الانتظار واللهفة لهذه المناسبة، إلا أنها لم تعد مجرد احتفال عابر، بل أصبحت ظاهرة اجتماعية تحمل في طياتها فرحة الإنجاز وتحديات الواقع.
الطقوس والتقاليد
قبل أسابيع من انتهاء الدراسة يبدأ الطلاب طريقهم نحو الاستعداد لتجهيزات الحفل، وذلك من خلال البدأ في عملية حجز القاعات، وتنظيم الفقرات التي قد تتضمن مطربا وفقرات موسيقية، أو منشدا دينيا، هذا بجانب تجهيز “روب” التخرج الشهير، بالإضافة إلى تحضير الكلمات التي سيلقيها الطلاب أو أساتذة الجامعة حول هذه المناسبة، وتجدر الإشارة هنا أن المجلس الأعلى للجامعات مؤخرًا أصدر تعليمات بتنظيم حفلات التخرج داخل الحرم فقط، ومنع استخدام شعارات الجامعات خارجه.
تكاليف باهظة
تشكل التكاليف واحدًا من أبرز التحديات تتراوح الأسعار بين 1000 إلى 5000 جنيه للطالب، وقد تصل في بعض الجامعات الخاصة لأكثر من ذلك، تشمل هذه التكاليف تصويرًا احترافيًا، تأجير قاعات، ملابس موحدة، وهدايا تذكارية.
وعن آراء أولياء الأمور حول حفلات تخرج أبنائهم يقول سمير جرجس، والد إحدى الخريجات: “دفعت حوالي 4500 جنيه في حفل بنتي، كنت سعيد طبعًا، لكني شعرت أن الفرح أصبح فيه نوع من المبالغة الاجتماعية”، بينما قال “داود الشريان” والد أحد الطلاب أن حفلات التخرج فيها مبالغات كثيرة ومصاريف ليس مبتكرة للضغط على أولياء الأمور لكونهم على علم بعدم رفضهم لأية تكاليف، مؤكدا أنه برغم كل هذا يظل هذا اليوم من أسعد الأيام على ولي أمر أي طالب برغم كل التكاليف، وتابع قائلا: “السعادة لا تقدر بمال”
الخطوبة في حفل التخرج.. حدث مستمر
في ظاهرة أيضا برزت كعامل أساسي مصاحب لحفلات التخرج، هي الخطوبة على مرأى ومسمع من كل الحاضرين للحفل، حيث ينتظر الشاب هذا اليوم ليقدم لحبيبته بوكيه ورد ومعه دبلة الخطوبة أمام الجميع، وذلك لمشاركة الفرحة مع الجميع.
من جانبه قال أحمد عطية أحد خريجي العام الماضي إنه كان ينتظر ذلك اليوم ليتقدم رسميا لخطيبته التي أصبحت الآن زوجة له، مشيرًا إلى أنه كان يرتبط بها قبل يوم الحفل، وكل المراسم التي قمنا بها يوم الحفل، ولكنها مشاركة للفرحة أمام زملائنا وأولياء الأمور الحاضرين.
رأي الطلاب وأولياء الأمور
ميار عادل، خريجة كلية طب: “الحفل كان حلم من أيام الثانوية، وأنا عارفة إني استحق ده بعد كل التعب. لكن برضه كنت شايفة زميلي مش قادرين يدفعوا التكلفة، فالموضوع مش متكافئ”.
محمود رجب، خريج كلية حاسبات: “أنا حضرت الحفلة لأن صحابي ضغطوا عليا، بس من جوايا كنت بفكر في اللي جاي: شغل، مسؤولية، واقع صعب”.
– سناء علي، أم لطالبة: “كانت حفلة بنتي فرحة كبيرة، لكن التكاليف كانت عبئًا على الأسرة، حاولنا نقلل منها قد ما نقدر، بس الضغط الاجتماعي كبير”.
أرقام وإحصائيات
وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ عدد خريجي التعليم العالي في مصر عام 2025 حوالي *780,000 خريج*، مع توقعات بزيادة مستمرة سنويًا، ما يعكس حجم التحديات والفرص التي تواجه الشباب في سوق العمل.
ما بعد الحفلة.. التحدي الحقيقي
حفلة التخرج لا تعني بالضرورة نهاية المشوار، بل بداية مرحلة أصعب:
– البطالة: تشير تقديرات إلى أن نسبة بطالة الخريجين الجامعيين تصل إلى 15–20%.
– ضعف المهارات: كثير من الخريجين يفتقرون للتدريب الكافي، مما يجعلهم أقل جاهزية لسوق العمل.
– *الهجرة*: رغبة السفر للخارج أصبحت خيارًا مطروحًا بقوة لدى آلاف الشباب الباحثين عن فرص أفضل.
التوصيات والملاحظات
تشجيع الحفلات داخل الجامعات لتقليل التكاليف وضبط التنظيم.
– مراعاة الظروف الاقتصادية لبعض الطلاب، بعمل حفلات رمزية أو مجانية.
– ربط الحفل بسوق العمل، مثل دعوة شركات توظيف أو تنظيم معارض مهنية بعد الحفلات.
خاتمة
حفلات التخرج ستظل ذكرى خالدة في حياة كل طالب، لكن التوازن مطلوب. لا مانع من الاحتفال، لكن دون أن يتحول الأمر إلى عبء مالي أو واجهة استهلاكية، فالأهم من الصور والتصفيق، هو الطريق الذي يبدأ بعد أن تُطفأ الأضواء.