
في ضربة إعلامية وميدانية مزدوجة، بثت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مساء اليوم الخميس، لحظات درامية لمحاولة أسر جندي إسرائيلي في منطقة عبسان الكبيرة شرق مدينة خان يونس، ضمن سلسلة عملياتها العسكرية المستمرة تحت مسمى “حجارة داود”.
الفيديو، الذي بثته قناة الجزيرة عند الساعة التاسعة مساءً، لم يكن مجرد تسجيل لحدث ميداني، بل صفعة مزدوجة: عسكرية أظهرت اختراقًا جريئًا لخطوط الاحتلال في قلب منطقة اشتباك، وإعلامية نسفت رواية الجيش الإسرائيلي الذي حاول تصوير الجندي كـ”بطل قاتل حتى الرمق الأخير”. بينما أظهرت اللقطات فراره ووقوعه قتيلًا برصاص المقاومة.
المحاولة الجريئة، وإن لم تكلل بالأسر، تؤشر إلى تصعيد تكتيكي نوعي قد يفضي إلى تحول كبير في مجريات الحرب، خاصة في ظل هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية أمام ملف الأسرى.
بين البطولة والفرار
كان جيش الاحتلال قد أعلن سابقًا أن أحد جنوده في خانيونس تصدى بشجاعة لمحاولة “تسلل” من قبل مقاومي القسام، وتمكن من الاشتباك معهم قبل مقتله، وهو ما جرى ترويجه في بيانات رسمية وعلى منصات إعلامية عبرية بارزة.
لكن الفيديو الذي بثته القسام يظهر بوضوح أن الجندي الإسرائيلي، ويعتقد أنه الجندي “أفراهام أزولاي”، حاول الفرار من موقعه عند اقتراب المقاومين. قبل أن يقتل برصاصهم، في مشهد وثقته كاميرات المقاومين، الذين أظهروا أيضًا استيلاءهم على سلاحه الشخصي، دون أن يتمكنوا من سحب جثته لأسباب ميدانية.
الفرق بين الروايتين أحدث صدمة في المنصات العبرية. وعلقت إحدى القنوات العبرية بالقول: “خلافًا للتقارير، الجندي لم يقاتل حتى قتل، بل هرب، وقتل على الفور، وتم اغتنام سلاحه”.
وأضافت أخرى: “قرابة عامين على هذه الحرب اللعينة، ولا تزال لدى حماس القدرة على تنفيذ عمليات اختطاف، هذا فشل استخباري وهزيمة معنوية”.
أبوعبيدة أطلق التهديد
الفيديو يعد جزءًا من تصعيد نوعي أعلنته كتائب القسام خلال الأيام الماضية، حيث ألمح الناطق العسكري باسمها “أبو عبيدة” إلى بدء مرحلة جديدة من محاولات أسر جنود. في إطار ما وصفه بـ”معركة استنزاف طويلة”، تهدف إلى إرهاق جيش الاحتلال وتسجيل نقاط استراتيجية مؤثرة في ميدان المعركة.
كما أشار أبو عبيدة إلى أن قرار الاحتلال بالإبقاء على قواته داخل غزة سيكون “القرار الأكثر غباءً”.
وتأتي هذه المحاولة بعد أيام من تنفيذ القسام سلسلة كمائن مركبة في حي الشجاعية، أسفرت عن مقتل جندي من كتيبة المدرعات وإصابة ثمانية آخرين، بينهم ثلاث إصابات خطيرة، حسب اعترافات إسرائيلية.
وشملت العمليات استخدام القذائف المضادة للدروع والقنص والعبوات الناسفة، في بيئة شديدة التعقيد.
وبحسب مصادر القسام، فإن عملية محاولة أسر الجندي في عبسان وقعت خلال استهداف موقع للآليات العسكرية، تزامنًا مع قصف بمدافع الهاون الثقيلة والمتوسطة على تجمع للجنود في منطقة “البداو” شمال خانيونس، ما ساهم في إرباك القوات الإسرائيلية.
ردود إسرائيلية غاضبة
ردود الفعل داخل إسرائيل كانت عاصفة، حيث وصف الكاتب الإسرائيلي زئيف روبنشتاين المقطع بأنه “محبط ومخيف”، مضيفًا: “لا يُصدق كيف يتحرك عناصر حماس بحرية في الميدان مع سلاح وكاميرات لتوثيق الحدث، رغم تفوقنا الجوي والاستخباري”.
فيما علّقت صحيفة عبرية بالقول: “اخترنا عدم نشر الفيديو لأنه صعب ومروع، ليس لذوي القلوب الضعيفة”.
كما حمل نشطاء إسرائيليون قادة الجيش، وعلى رأسهم هرتسي هاليفي وإيال زامير، مسؤولية الفشل في منع مثل هذه العمليات، رغم مرور نحو عامين على بدء الحرب في غزة.