
كتب: محمد السنهوري
كشفت صحيفة الجارديان البريطانية، في تقرير نُشر اليوم الجمعة، عن أن المجاعة المتفاقمة في قطاع غزة ليست مجرد أزمة إنسانية عابرة، بل نتيجة “سياسة إسرائيلية ممنهجة” تعتمد على التجويع كسلاح ضد المدنيين، وفق تعبيرها.
وقالت الصحيفة إن سكان غزة، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، يعيشون منذ اندلاع الحرب تحت حصار شامل، حيث توقفت الزراعة، مُنع الصيد، وأُغلقت الحدود، ما جعل كل سعرة حرارية تصل للقطاع تعتمد بالكامل على ما تسمح به السلطات الإسرائيلية من شحنات غذائية.
وأشارت الجارديان إلى أن إسرائيل، من خلال وحدة “كوغات” المسؤولة عن المعابر، كانت تمارس ما أسمته “المجاعة المحسوبة” منذ عام 2006، إذ حُدد الحد الأدنى اللازم لبقاء الفلسطينيين على قيد الحياة دون الموت الجماعي، وتم التحكم في كميات الغذاء المسموح بها بناءً على هذه المعادلة.
وبحسب تقديرات منظمات الإغاثة، فإن الحد الأدنى المطلوب حاليًا لتجنب المجاعة هو 62 ألف طن من الأغذية الجافة والمعلبة شهريًا. إلا أن البيانات الرسمية الإسرائيلية تظهر أن ما تم إدخاله بين مارس ويونيو لا يتجاوز 56 ألف طن، أي أقل من ربع الكمية اللازمة.
ورغم هذه الأرقام، تواصل الحكومة الإسرائيلية إنكار حدوث مجاعة، وتُحمل المسؤولية لحركة حماس أو لفشل الأمم المتحدة في التوزيع، لكن تقارير أممية وتحقيقات مستقلة تُحمل إسرائيل مسؤولية مباشرة بسبب القيود الشديدة المفروضة على إدخال المواد الغذائية.
وخلال شهري مارس وأبريل، فُرض حصار مطلق على إدخال الغذاء، ولم تبدأ الشحنات المحدودة في الدخول مجددًا إلا في مايو، نتيجة ضغط دولي، في حين بقيت عمليات الإسقاط الجوي – التي شاركت فيها دول مثل فرنسا وألمانيا والأردن – رمزية وغير فعالة، حيث وفرت طعامًا لا يكفي إلا لأربعة أيام فقط خلال 21 شهرًا، وتسببت أحيانًا في سقوط قتلى.
ووصفت منظمتا حقوق الإنسان الإسرائيليتان “بتسليم” و”عدالة” ما يجري في غزة بأنه يرقى إلى “الإبادة الجماعية”، مؤكدتين أن الجوع يُستخدم كأداة عقاب جماعي ضد السكان المدنيين.
واختتمت الجارديان تقريرها بالتأكيد على أن البيانات الإسرائيلية نفسها تكشف عن فجوة كارثية بين ما يحتاجه سكان غزة للبقاء، وما يُسمح لهم بالحصول عليه، مشددة على أن “المسؤولية الكاملة عن هذه المجاعة البشرية تقع على عاتق إسرائيل وحلفائها”.