أخبارتقارير-و-تحقيقات

قلعة قايتباي بالإسكندرية..تاريخ عريق عبر العصور

كتبت نجوى إبراهيم

تُعد قلعة قايتباي واحدة من أبرز المعالم التاريخية والعسكرية في مدينة الإسكندرية، ومَعلمًا شامخًا يشهد على عبقرية العمارة الإسلامية في العصور الوسطى.

تقع القلعة في أقصى الطرف الغربي لجزيرة فاروس، في نفس الموقع الذي كان يشغله قديمًا أحد عجائب الدنيا السبع: منارة الإسكندرية.

صورة أرشيفية قديمة لقلعة قايتباي بالإسكندرية

“تاريخ بناء القلعة”

بُنيت القلعة في عام 882 هـ / 1477 م في عهد السلطان الظاهر أبو النصر قايتباي، أحد سلاطين الدولة المملوكية.

وكان الهدف من إنشائها حماية السواحل المصرية من الغزوات البحرية، خاصة من تهديدات الدولة العثمانية التي كانت في صعود مستمر في ذلك الوقت.

وقد تم بناء القلعة على أنقاض منارة الإسكندرية الشهيرة التي دمرها زلزال عنيف في القرن الرابع عشر. استُخدمت بعض أحجار المنارة في بناء القلعة، مما جعلها تحمل جزءًا من تاريخ أقدم.

“الوظيفة العسكرية والاستراتيجية”

صُممت القلعة بأسلوب معماري مملوكي مميز، إذ شُيّدت بأسوار سميكة وأبراج دفاعية ومدافع موزعة على نقاط استراتيجية. لعبت دورًا مهمًا في حماية المدينة الساحلية من الهجمات البحرية، وخصوصًا خلال الحروب الصليبية والغزوات التي كانت تهدد مصر.

 

قلعة قايتباي بالإسكندرية

” التطورات التي طرأت على القلعة عبر العصور

“العصر العثماني (1517 – 1798)”

بعد دخول العثمانيين مصر، استمر استخدام القلعة كحصن عسكري، وقد أُجريت عليها بعض الإصلاحات والترميمات لتناسب التكنولوجيا الحربية المتطورة نسبيًا آنذاك، وأضيفت إليها المدافع الثقيلة.

“الحملة الفرنسية على مصر (1798 – 1801)”

خلال الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت، كانت القلعة من المواقع التي شهدت مواجهات، وقد تعرضت لأضرار جزئية أثناء المواجهات. استخدمها الفرنسيون كنقطة دفاع واستطلاع.

“عصر محمد علي باشا (1805 – 1848)”

شهدت القلعة اهتمامًا كبيرًا في عهد محمد علي، مؤسس مصر الحديثة، حيث أُعيد ترميمها وتطوير تسليحها لتتناسب مع متطلبات العصر. كما أصبحت مركزًا لتدريب الجنود وحامية بحرية مهمة.

“الاحتلال البريطاني (1882 – 1952)”

خلال الاحتلال البريطاني، تراجعت الأهمية العسكرية للقلعة، لكنها ظلت تُستخدم لأغراض عسكرية محدودة. ولم تلقَ العناية الكافية في تلك الفترة، مما أدى إلى تدهور بعض أجزائها.

“العصر الحديث”

في خمسينيات القرن العشرين، وتحديدًا بعد ثورة 1952، أُعيد النظر في أهمية القلعة، ليس كحصن عسكري، بل كمَعلم أثري وسياحي. أُجريت عمليات ترميم واسعة للحفاظ عليها، وتم فتحها للجمهور كمتحف ومعلم تاريخي.

كما شهدت القلعة تحسينات على مر العقود التالية، خاصة في عهد المجلس الأعلى للآثار، حيث أُعيد ترميم الأسوار الداخلية، وتدعيم الأبراج، وإنشاء مراكز للزوار، مما أعاد إليها جزءًا كبيرًا من رونقها التاريخي.

صورة توضح قلعة قايتباي من الداخل

“أهمية القلعة اليوم”

تُعد قلعة قايتباي اليوم من أهم المزارات السياحية في الإسكندرية ومصر عمومًا، ويقصدها آلاف الزوار سنويًا من داخل وخارج البلاد. لا تُعد فقط معلمًا أثريًا، بل رمزًا لصمود مصر عبر العصور، وتجسيدًا لعبقرية التصميم الدفاعي في العصور الوسطى.

فهي ليست مجرد مبنى قديم، بل سجلٌّ حيٌّ لتاريخ مصر الحربي والسياسي والثقافي. من موقعها الذي ورث عبق منارة الإسكندرية، مرورًا بالعصور المملوكية والعثمانية والحديثة، وحتى يومنا هذا، تظل القلعة شامخة، تحكي قصص الأزمان، وتربط بين الماضي والحاضر المتجدد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights