الدراوي لـ”اليوم”: خطة ويتكوف والمبادرة المصرية تطابقا بنسبة 98%.. ونتنياهو في مأزق

تقرير: سمر صفي الدين
وسط ترقب شديد، طرحت القاهرة مقترح هدنة تمتد ستين يومًا لوقف إطلاق النار في غزة، وأعلنت حركة المقاومة الفلسطينية “حماس” موافقة إيجابية على أغلب بنوده. بينما تتجه الأنظار إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المحاصر بأزمة سياسية وعسكرية خانقة داخليًا وخارجيًا.
وفي غضون ذلك، قال الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن العربي والدولي إبراهيم الدراوي، في تصريحات خاصة لـ”اليوم”، إن اتفاق الهدنة المطروح لمدة ستين يومًا يمثل “تطورًا مهمًا يضع بنيامين نتنياهو في مأزق داخلي وخارجي”، مشددًا على أن القاهرة نجحت في إقناع حركة حماس بالقبول بمعظم بنود الخطة المطروحة.
هدنة بستين يومًا
أوضح الدراوي أن الحديث عن هدنة مؤقتة لمدة ستين يومًا لا يعني توقف إسرائيل عن خططها المعلنة للقضاء الكامل على حركة حماس.
وأكد أن موافقة الحركة جاءت نتيجة ضغط عسكري وسياسي مارسته إسرائيل، لكنه شدد عل
ى أن هذه الموافقة ليست هزيمة وإنما خطوة تكتيكية تعكس قدرة القاهرة على تحريك الملف.
وأضاف الدراوي أن الولايات المتحدة ستلعب دورًا محوريًا في هذه المرحلة، إذ يسعى الرئيس دونالد ترامب لتقديم نفسه كصانع سلام عالمي قادر على إطفاء الحروب والحصول على مكاسب سياسية داخلية وخارجية.
ضغط دولي متصاعد
وفي السياق ذاته، لفت الدراوي إلى أن صورة إسرائيل أصبحت أسوأ من أي وقت مضى، حيث انقلبت صورتها في الغرب إلى دولة منبوذة بسبب المجازر بحق المدنيين.
وأشار إلى أن دولًا كبرى مثل فرنسا دعت صراحة لضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وإلزام إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود، وهو ما يمثل تحولًا جوهريًا في الموقف الغربي.
كما أوضح أن القاهرة نجحت في جعل ملف المساعدات ورقة ضغط أساسية، بعدما ألزمت حركة حماس بالتعاون في إدخالها إلى شمال ووسط ومدينة غزة. خلافًا للفترات السابقة التي عجزت فيها عن ضمان هذا الأمر.
الفصائل في القاهرة
وعن القدرة المصرية في إدارة الملف، بين الدراوي أن القاهرة جمعت خلال الأيام الماضية سبع فصائل فلسطينية رئيسية. على رأسها حركة حماس وحركة فتح بشقيها (فتح الانتفاضة وفتح التيار الإصلاحي الديمقراطي). إضافة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية.
وأكد أن هذه الوفود ما زالت في القاهرة بانتظار الرد الإسرائيلي، مشددًا على أن التوافق بين الخطة المصرية ومقترح ويتكوف وصل إلى 98%، ما يجعل احتمالات التقدم كبيرة.
وأشار إلى أن الخطة المطروحة تتضمن إدخال خمسة آلاف جندي فلسطيني جرى تدريبهم في مصر، لتشكيل نواة لقوة أمنية محلية.
كما تنص على إنشاء لجنة إسناد مجتمعي برئاسة شخصية فلسطينية وازنة، تحظى بقبول إسرائيلي وعربي ودولي، لإدارة غزة لفترة انتقالية تمتد من ستة أشهر إلى عام كامل.
مأزق نتنياهو العسكري
تابع الدراوي أن إسرائيل لم تنجح في القضاء على حماس أو المقاومة رغم سيطرتها على نحو 75% من مساحة القطاع.
وقال إن الجيش الإسرائيلي يعيش حالة إنهاك غير مسبوقة. بينما تتزايد الضغوط الداخلية على نتنياهو بفعل أزماته السياسية المتراكمة.
وأضاف أن إسرائيل تخطط للسيطرة الكاملة على غزة خلال الأشهر المقبلة. لكن هذه الخطط تصطدم بواقع معقد يضعها أمام استنزاف طويل الأمد، خاصة مع دخول الوسطاء على خط التفاوض.
ملف السلاح الشائك
أوضح الدراوي أن ملف سلاح حماس سيكون على طاولة التفاوض من اليوم الثاني بعد موافقة إسرائيل على الهدنة.
وأشار إلى أن القاهرة والدوحة ستقدمان ضمانات بألا يستخدم السلاح ضد إسرائيل إلا في حال تجدد العدوان.
وشدد على أن هذا الترتيب لا يعني نزع سلاح المقاومة مباشرة، بل يمثل صيغة وسطية تتيح لحماس الاحتفاظ بقوتها الدفاعية مع ضبط استخدامها سياسيًا.
الرهائن وأسرار أكتوبر
توقف الدراوي عند قضية الرهائن الإسرائيليين، معتبرًا أنها ورقة شديدة الحساسية بالنسبة لنتنياهو.
وأكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يرفض الإفراج عن بعضهم، خصوصًا الجنرالات العسكريين، خشية أن يكشفوا للرأي العام حجم الفشل الأمني والعسكري خلال هجوم السابع من أكتوبر.
وأضاف أن نتنياهو سبق أن أوقف صفقة تبادل عام 2024 بعدما شمل الاتفاق إطلاق سراح أحد كبار الجنرالات، خوفًا من تداعيات سياسية مدمرة على مستقبله.
صورة إسرائيل المتدهورة
اعتبر الدراوي أن تصريحات نتنياهو عن “إسرائيل الكبرى” كشفت عن عقلية توسعية تهدد القانون الدولي وتحول إسرائيل إلى كيان مارق أشبه برئيس عصابة.
وقال إن العالم لم يعد يتحدث عن معاداة السامية بقدر ما يخرج في مظاهرات واسعة ضد قتل الأطفال الفلسطينيين.
وأضاف أن هذه التحولات مثلت انتكاسة خطيرة للدبلوماسية الإسرائيلية التي كانت تعتمد على التعاطف الغربي. لكنها تواجه اليوم عزلة متزايدة بسبب سياسات حكومة نتنياهو المتطرفة.
اختراق مصري حاسم
ختم الدراوي بتأكيد أن القاهرة حققت اختراقًا تاريخيًا في هذا الملف. بعدما استطاعت تذليل معظم العقبات التي عطلت أي تقدم منذ بداية الحرب.
وأوضح أن نجاح مصر في جمع الفصائل الفلسطينية، والتنسيق مع واشنطن والدوحة. وتوحيد الطرح مع خطة ويتكوف، يمثل إنجازًا استراتيجيًا سيضع إسرائيل تحت ضغط غير مسبوق في المرحلة المقبلة.