السفير زاده لليوم: طموح ترامب لنيل نوبل يهدد فرص السلام بين موسكو وكييف

تقرير: سمر صفي الدين
قالت السفارة الروسية في القاهرة، الثلاثاء، إن القادة الأوروبيين الذين توجهوا إلى واشنطن، لدعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي “أظهروا بوضوح أنهم لا يريدون السلام”.
وأوضحت في بيان أن الأوروبيين أصروا على وقف إطلاق نار مؤقت “بغرض إرسال المزيد من الأسلحة إلى نظام كييف”، معتبرة أن ذلك يهدف إلى “مواصلة قتل الروس”.
وأضاف البيان أن القادة الغربيين “وعدوا زيلينسكي مباشرة بمزيد من التسليح رغم مطلب موسكو بنزع سلاحه”، وتعهدوا “بنشر قوات أجنبية على الأراضي الأوكرانية”، وهو ما وصفته السفارة بأنه تهديد من الأسباب الرئيسية لاندلاع الصراع.
واعتبر البيان أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “واجه صعوبة مع هؤلاء الورثة الأشرار لنابليون وهتلر”، على حد تعبيره، في إشارة إلى أن مساعيه لإيجاد تسوية اصطدمت بالرفض الأوروبي.
مساعي ترامب
جاء هذا التعقيب بعد ساعات من إعلان ترامب أنه بدأ الترتيبات لعقد اجتماع مباشر بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مع تأكيده أن مكان اللقاء لم يحدد بعد.
وأكد ترامب أن اللقاء الثلاثي المرتقب يشمل حضوره شخصيًا بعد الاجتماع الثنائي المقترح، معتبرًا أنه فرصة لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاث سنوات.
وأشار ترامب إلى احتمال الإفراج عن أكثر من ألف أسير أوكراني بعد الاجتماع، رغم أن موسكو لم تصدر تأكيدًا رسميًا حتى ظهر الاثنين.
وكانت شبكة “سي إن إن” قد أفادت بأن ترامب قطع اجتماعه مع زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين للتحدث مع بوتين، وهو ما أثار تساؤلات حول حياده في المفاوضات.

دوافع ترامب
يرى السفير يوسف زاده، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن مبادرات ترامب ترتبط بشكل مباشر بهوسه بتحقيق إنجاز تاريخي يؤهله للفوز بجائزة نوبل للسلام.
وأكد أن هذا الدافع الشخصي قد يضعف واقعية المبادرة، إذ يدفع الرئيس الأمريكي نحو حلول سريعة غير مدروسة على حساب مصالح أوكرانيا.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ”اليوم”، أن تقارير عدة أشارت إلى أن ترامب يروج لنفسه كـ”صانع سلام”، رغم فشله في تقديم ضمانات ملموسة للنجاح.
وتشير تصريحات ترامب المتكررة إلى رغبته في إظهار نفسه كرجل أنهى حروبًا استعصت على أسلافه، إلا أن ذلك يعكس طموحًا شخصيًا أكثر من كونه خطة استراتيجية لحل نزاع معقد.
وأوضح السفير زاده أن ترامب قد يلجأ للضغط على كييف للتنازل عن أراضٍ من أجل تحقيق إنجاز سريع، وهو ما قد يجعل الاتفاق مجرد صفقة سياسية شخصية.
موقف بوتين
يعتقد السفير زاده أن استعداد بوتين للتحدث عن السلام يبدو تكتيكيًا أكثر من كونه خطوة جادة. خاصة مع تقدم القوات الروسية في دونباس.
وأوضح أن الكرملين يطالب بالسيطرة الكاملة على دونباس ومناطق أخرى، ويرفض أي وقف فوري لإطلاق النار. ما يشير إلى أن موسكو ترى نفسها في موقع قوة.
وأضاف أن بوتين يستغل عامل الوقت لتعزيز مكاسبه الميدانية وإعادة ترتيب أوراقه. وهو ما يجعل مقترحاته تبدو أقرب إلى المناورات السياسية.
واعتبر أن قبول ترامب لشروط بوتين قد يكرس انتصارًا روسيًا جزئيًا بدلًا من إنهاء شامل للحرب. مما يهدد استقرار أوكرانيا على المدى الطويل.
ضغوط زيلينسكي
في المقابل، يرى سفير مصر الأسبق لدى أوكرانيا، أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يواجه معضلة داخلية حقيقية. إذ يرفض الرأي العام أي تنازل عن الأراضي، خاصة في دونباس.
وأكد أن الدستور الأوكراني يحظر التخلي عن الأراضي، مما يجعل أي اتفاق يقوم على التنازلات بمثابة “انتحار سياسي” للرئيس.
وبينت استطلاعات حديثة أن نحو ثلاثة أرباع الأوكرانيين يعارضون التنازل عن أي جزء من أراضيهم. ما يجعل خيارات زيلينسكي شديدة الضيق.
وأوضح السفير زاده أن قبول تسوية غير مرضية قد يؤدي إلى فقدانه شرعيته السياسية وربما استقالته. لكنه قد يضطر لذلك إذا تعرض لضغوط دولية متزايدة.
الموقف الأوروبي
وفي غضون ذلك، اعتبر السفير زاده أن الاجتماع الثلاثي الذي يسعى ترامب لعقده قد يزيد من حذر الأوروبيين. الذين باتوا يشككون في حياد الرئيس الأمريكي.
وأوضح أن قادة مثل ماكرون وستارمر يصرون على ضمانات أمنية حديدية لأوكرانيا. ويرفضون أي اتفاق يتجاهل سيادتها أو يشرعن سيطرة موسكو على الأراضي.
وأكد أن الأوروبيين قد يعززون استقلاليتهم الدفاعية إذا شعروا أن ترامب يسعى لصفقة سريعة تميل لصالح روسيا. وهو ما قد يغير ديناميكيات التفاوض.
كما أضاف أن هذا قد يدفع أوروبا لزيادة العقوبات ودعم كييف عسكريًا بدلًا من القبول بتسويات هشة.
السيناريو الأقرب
يرى السفير زاده أن استمرار الصراع يبدو السيناريو الأكثر ترجيحًا، مع تمسك موسكو بطموحاتها الإقليمية ورفض كييف لأي تنازلات.
وأوضح أن صفقة سلام برعاية ترامب قد تكون ممكنة، لكنها لن تتجاوز حدود تجميد الخطوط الحالية مع ضمانات أمنية محدودة. وهو ما يشبه سيناريو كوريا الجنوبية.
وأضاف أن هذه الصيغة لا تحقق طموحات أي طرف بالكامل، لكنها قد تمنح ترامب ورقة دعائية أمام الرأي العام.
ومع ذلك، يظل احتمال استمرار الحرب لسنوات أقرب للواقع في ظل تصلب المواقف وغياب اتفاق شامل.