محمد كامل العيادي يكتب: مجلس الشعب

إن ما يحدث حالياً يمثل ظلماً كبيراً لمجلس الشعب، الذي يُطلق عليه الآن اسم مجلس النواب؛ مع أنني أميل إلى التسمية الأولى (مجلس الشعب)، لأنه يمثل الشعب، وأعضاؤه ينوبون عنه، وليس ملكاً للنواب أنفسهم.
مجلس الشعب هو الجهة المختصة بالتشريع وإقرار السياسة العامة للدولة، وهو المسؤول عن خطة الدولة الشاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة. كما يقوم المجلس بمراقبة أعمال السلطة التنفيذية، وهو المختص أيضاً بالتصديق على المعاهدات، والموافقة على تعديل الدستور في حال نشوب صراع مسلح (لا قدّر الله)، وكذلك مناقشة بيان رئيس الجمهورية.
هذه الاختصاصات يضطلع بها مجلس الشعب، ولا يمكن تمرير أي منها قبل الحصول على موافقته. لذا، من الضروري والواجب أن يتمتع كل نائب يمثل هذا الشعب بثقافة عالية، وقدرة فائقة في الذكاء والشجاعة، وأن يكون حب الوطن مقدماً لديه على أي اعتبار آخر.
يعمل المرشح الطموح لهذه الانتخابات بجد في الميدان منذ فترة طويلة، مقدماً الخدمات لأبناء دائرته؛ استعداداً لهذه اللحظة، وقد تكبّد خسائر مادية فادحة بعد إنفاق أمواله الخاصة على بناء شبكة علاقات وحملات دعائية ضرورية؛ بهدف تكوين قاعدة واسعة من المؤيدين بعد عرض برنامجه الانتخابي عليهم.
ورغم هذا الجهد واعتماده على شعبيته، تأتي الأحزاب لتقلب الموازين ضده؛ يتناقض هذا الوضع مع حالة بعض النواب الحاليين الذين أثار أداؤهم علامات استفهام كثيرة لدى الناس؛ فقد تغيبوا عن مناسباتهم ولم يقدموا أي مساندة أو عمل يُذكر لبلدتهم، وكانت هواتفهم مقطوعة عن الخدمة، تماماً كخدماتهم.
ورغم ذلك، تضعهم الأحزاب في قوائمها، ضامنة بذلك نجاحهم، وكأنهم يوجهون رسالة للناس بأن وجودهم غير ضروري في هذا المجال، وربما يكون هؤلاء النواب قد أوصلوا هذه الرسالة بالفعل.
يتوجب على الأحزاب مراجعة سياساتها المتعلقة بالترشيح، بحيث يصبح الاختيار معتمدًا على أسس واضحة.
يجب أن يتمتع النائب بقدرة إدارية ومعرفة تامة بكيفية إدارة الأزمات، وإدراك واضح لدوره التشريعي، وما هو مطلوب منه تحت قبة البرلمان.
إضافة إلى ذلك، ينبغي أن يتمتع المرشح بالبديهة والثقافة والعلم، ولديه إلمام بالتاريخ والجغرافيا، فضلاً عن شعبية واسعة تضمن شعور الناس بأن أصواتهم مسموعة وغير مُهمَلة. إن اختيار من ينوب عن المواطنين في البرلمان حق أساسي لهم، لذا من المستحسن إجراء استبيان شامل لجميع المرشحين قبل اتخاذ القرار النهائي.
ويفضل أن يعقد رئيس كل حزب مؤتمرًا شعبيًا للإعلان عن مرشحيه، مع التركيز على كفاءتهم وشعبيتهم وثقافتهم، لا على ثرواتهم.
يتطلع الجميع إلى أن تحظى دولتنا بمكانة رفيعة، لما لذلك من أثر بالغ على الاقتصاد والاستثمار والقوة والاستقرار محليًا ودوليًا.
وبما أن الشعب هو أساس أي دولة، نأمل أن تعيد الأحزاب صياغة سياسة اختيار النواب لضمان الشفافية وتعزيز شعور المواطن بالمصداقية، فالجميع شريك أساسي في بناء هذا الوطن. حفظ الله مصر قيادةً وشعبًا ووطنًا.