“من وحي قصة يوسف: روشتة أزهرية لترميم الأسرة وتربية الأجيال”

نظمت اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، خلال فعاليات أسبوع الدعوة الثالث بمحافظة سوهاج، لقاءات جماهيرية موسعة استهدفت تعزيز التماسك الأسري واستلهام العبر من قصة نبي الله يوسف عليه السلام اللقاءات، التي شارك فيها نخبة من علماء الأزهر الشريف، ألقت الضوء على جوانب رئيسية من القصة الكريمة، مسلطة الضوء على الحلول العملية لمشاكل الأسرة المعاصرة.
الدكتور حسن يحيى، أمين اللجنة العليا للدعوة والإعلام الديني بالأزهر، شدد في كلمته على أهمية التنشئة الحسنة للأبناء منذ الطفولة، مؤكدًا أن الأب الناجح هو من يغرس القيم والأخلاق في نفوس أبنائه، ويعزز ثقافة الحوار البناء داخل الأسرة.
وأشار إلى أن قصة نبي الله يوسف تحمل رسالة قوية حول الدور التربوي للأب، حيث كانت السنوات القليلة التي أمضاها يوسف في كنف أبيه يعقوب كافية لبناء شخصية استثنائية استطاعت مواجهة تحديات قاسية، من محاولة القتل إلى الظلم والسجن والحرمان.
وأضاف يحيى أن تأمل قصة يوسف يظهر أن الصبر مفتاح الفرج، مستشهدًا بموقف يعقوب عليه السلام الذي صبر على فراق ولده، ويوسف الذي واجه المحن بصبر واحتساب حتى بلغ مراتب العزة والتمكين.
الدروس المستوحاة: قيم الصفح والصبر
من جانبه، استعرض الشيخ يوسف المنسي، الباحث بمجمع البحوث الإسلامية، دروسًا أخرى من القصة، أبرزها أن الصفح الجميل قيمة عظيمة يجب أن يتحلى بها أفراد الأسرة، وأن العمل والإخلاص فيه يؤديان إلى النجاح، كما اقتضت سنة الله في خلقه بأن يجعل العسر يعقبه يسر.
وأشار المنسي إلى أن القصة تبرز الحكمة في تعامل الآباء مع أخطاء أبنائهم، مؤكدًا أن الأب العاقل لا يردعه خطأ الأبناء عن محبتهم ودعمهم، بل يسعى إلى تقويمهم بحكمة ورفق، كما فعل يعقوب عليه السلام. وأضاف: “القصة توضح أن تأثير الأب على أبنائه لا ينتهي، بل يمتد إلى كل مراحل حياتهم، وهو ما يجعل الأب مسؤولًا عن غرس القيم منذ البداية”.
أسبوع الدعوة بسوهاج: نحو بناء الإنسان المتكامل
تأتي هذه اللقاءات ضمن فعاليات أسبوع الدعوة الثالث، الذي ينظمه مجمع البحوث الإسلامية في محافظة سوهاج تحت شعار “بداية جديدة لبناء الإنسان”، تماشيًا مع المبادرة الرئاسية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
الفعالية التي تُقام في رحاب جامعة ومساجد سوهاج تستهدف إعداد خريطة فكرية متكاملة لبناء الإنسان من النواحي الفكرية، العقدية، والاجتماعية. كما تسعى لترسيخ القيم الأخلاقية والمُثل العليا في المجتمع، من خلال محاضرات وورش عمل تستهدف مختلف شرائح المجتمع.
رسالة الأزهر: قيم راسخة وتحديات معاصرة
أسبوع الدعوة يعكس دور الأزهر الشريف في مواجهة تحديات المجتمع المعاصر، حيث يسعى عبر مبادراته المختلفة إلى تقديم حلول عملية مستمدة من تعاليم الدين الإسلامي ومبادئه السمحة. اللقاءات لم تقتصر على الجانب النظري، بل تضمنت تطبيقات عملية للنصوص القرآنية وكيفية استثمارها في تعزيز التماسك الأسري وإدارة الخلافات بحكمة ورحمة.
بهذا، يعزز الأزهر دوره كمرجعية دينية واجتماعية تسهم في استقرار المجتمع، مستلهمًا من القصص القرآني حلولًا عملية لعلاج مشكلات الأسرة المعاصرة، ليظل مصدر إلهام لكل من يسعى لبناء أسر قوية ومتوازنة.