عرب-وعالم

العودة للحرب.. مصير غامض لاتفاق غزة بصعود ترامب

حلقة 1: لما يرفض اليمين الإسرائيلي اتفاق تبادل الأسرى؟

ضمان العودة للحرب… بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، هو كلمة السر التي قد يترتب عليها تفكك حكومة اليمين لدى الاحتلال بزعامة “نتنياهو”، حيث كان ذلك السبب الرئيس أهم القوائم الخرسانية لرفض أعضاء الائتلاف اليميني المتطرف في الحكومة والكنيست للصفقة، وذلك بقيادة قطبي اليمين المتطرف بالحكومة وزير المالية “بتسلئيل سموتيريتش” وحزبه، ووزير الأمن القومي “إيتمار بن جفير” وحزبه، الذين ظلت المباحثات معهما حتى وقت متأخر من مساء الخميس لإقناعهما بالاتفاق.

مصير الصفقة

ارتفع ضغط معارضي الاتفاق، حتى بعد التوقيع على الصفقة، فاستقال “بن جفير” من الوزارة، بينما هدد “سموتيريتش”- في ثاني أيام الهدنة- “نتنياهو” بتفكيك الحكومة، إن لم يعودوا للقتال بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، معللا ذلك بأن الانتصار في غزة ليس له إلا معنى واحد: إعادة احتلالها والسيطرة عليها وبناء المستوطنات فيها، ومن ثم يتم القضاء على قوة حماس ومنعها من بنائها مرة أخرى، وفيما عدا ذلك لا يجوز أن تنتهي الحرب، وقد رد عليه زعيم المعارضة “يائير لابيد” بالتأكيد على ضرورة الالتزام الكامل بالاتفاق، وإعادة الأسرى، والتفرغ لإصلاح البنية التحتية والاقتصاد ورأب صدع قوة الجيش.

ما طرح السؤال عن مصير الصفقة واحتمالات استجابة نتنياهو لذلك الضغط وإكمال الحرب، وقد أجاب على ذلك الأستاذ الدكتور “حسن علي”- أستاذ الإعلام بجامعة السويس- في تصريحات خاصة “لليوم”، أكد فيها على عودة القتال مرة أخرى، فقال: “بنسبة 100% ستعود إسرائيل للحرب بعد انتهاء الهدنة، ذلك أن بقاء نتنياهو في السلطة مرهون باستمرار الحرب.، والسبب الثاني هو أنه يقود تكتل ديني متطرف، ومثل تلك التكتلات تكون من الهشاشة حتى يمكن أن ينفرط عقدها في أي لحظة، ومن ثم تنهار الوزارة، وما يترتب على ذلك من الاضطرار لعمل انتخابات جديدة ما يعني تكلفة سياسية واقتصادية كبيرة”.

وأضاف: “ومن هنا يحاول نتنياهو إمساك العصا من المنتصف، بحيث يتحرر منضغط أهالي الأسرى بعملية التبادل، ويعيد ترتيب صفوف الجيش بسبب الإجهاد الكبير الذي يعانيه بسبب الحرب في غزة، حتى إن جنوده يتلقون العلاج النفسي، ويستعيد دعم الأسلحة من الدول الغربية، لأن خسائر الذخائر والأسلحة لديه كبيرة، وعلى جانب أخر يحافظ على تكتل الأحزاب المتطرفة بالوزارة بقيادة الليكود، ثم يكمل الحرب بعدها ولا شك في ذلك على الرغم من التكلفة الكبيرة لها”.

الحرب وترامب

بينما تصدق حكومة الاحتلال على اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، خرج “سموتيريتش” بذلك التصريح العابر للقارات، حول تلقيه ضمانات من “نتنياهو” بهزيمة حماس وتغيير نمط توزيع المساعدات الإنسانية في غزة، وأكد حصوله على ضمان من الحكومة بأن “الحرب لن تنتهي بأي شكل من الأشكال دون تحقيق أهدافها كاملة، وفي مقدمتها التدمير الكامل لحماس”.

ولأنه تصريح عابر للقارات، فمع وصوله الولايات المتحدة صرح الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”: أن الفشل في تنفيذ الاتفاق ستكون له عواقب كارثية، لكنه لم يرجح نجاح تنفيذ الاتفاق واكتفي بالتعبير عن تفضيله ذلك، وقال إنه أبلغ “نتنياهو” بما يجب القيام به، وعبر عن الحاجة لحل نهائي لذلك الوضع، لكنه استطرد “لكن من الضروري اتخاذ ما يلزم لتحقيق ذلك”.

حضور “ترامب” القوى في هذا الاتفاق من قبل تنصيبه، دفع الدكتور “محمد محسن أبو النور”- رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات- في تصريحات خاصة “لليوم”، للتعويل على معادلاته في ضمان استمرار الاتفاق أو انهياره، فقال: “إسرائيل دائما في حالة حرب، وهي من الأساس دولة حرب لا سلام، فهي دائمة الدخول في الحروب مع الأطراف الأخرى، غير أنها في هذا الاتفاق قد من يثنيها نوعا ما عن القيام بعمليات عسكرية ذات غطاء دولي وأمريكي، وتتوقف عودتها للحرب بعد تطبيق الاتفاق على شكل المعادلة التي سيفرضها ترامب على الشرق الأوسط، وحتى الان لايمكن التنبوء بهذا الأمر”.

وقد فصل “على” في تصريحاته “لليوم” شكل المعادلات التي يمكن أن يفرضها ترامب على المنطقة، فقال: “ترامب يدعم استمرار الحرب وفيه فرق بين تصريحات للاستهلاك العام وبين الواقع الفعلي، إذ أنه مؤمن بإسرائيل الكبرى، وبضرورة توسيع رقعة إسرائيل، ويرى الظروف مواتية لإسرائيل كي تأخذ جزء من سوريا، نظرًا لعدم وجود جيش كما أن الحكومة الموجودة هشة، و تضيف إليها جزء من لبنان، وآخر من الأردن، كما تضم معهم الضفة الغربية بالكامل، وبالمثل يدعم تهجير أهل غزة إلى سيناء، ومن هنا يرى الصهاينة الأمريكيون الفرصة تاريخية لمضاعفة مساحة تلك الدولة القزمة في الجغرافيا المدعوة “إسرائيل”، مرتين أو ثلاثة على حساب الأراضي العربية، حيث أن ترامب يحمل ذات إيمان الجناح المتطرف بحكومة الاحتلال بضرورة توسع إسرائيل”.

لكن “ترامب” الذي جاهد لتصوير نفسه مبعوثًا للسلام في العالم، لن تقف طموحاته عند حدود وقف إطلاق النار، حتى في احتفال تنصيبه حينما تحدث عن أهمية إنهاء الحرب في أوكرانيا، كما تحدث عن عدم جواز حدوث 7 أكتوبر 2023 التي وصفها بالكارثة، مؤكدا على أهمية العمل على تحرير أسرى الاحتلال، الذي فاخر به كأحد أهم إنجازاته من قبل وصوله البيت الأبيض.

ومن هذا المنطلق، رأى البعض أن رغبته في الحصول على لقب رجل السلام بالعالم، أو الحصول على جائزة نوبل للسلام، قد يثنيه عن تشجيع الاحتلال على العودة للحرب، وقد اختلف “علي” مع ذلك الطرح، فقال: “باستطاعة ترامب تحقيق ذلك الطموح عبر إنهاء الحرب في أوكرانيا، التي كلفت كلا من الولايات المتحدة وأوروبا تكلفة باهظة دون أن تحقق أهدفها، وتذكروني بذلك خلال الفترة القادمة، سيتم إعلان أوكرانيا منطقة محايدة مثل سويسرا ليكون ذلك إخماد لنيران الحرب، فتتحقق أهداف بوتين بجعلها منطقة محايدة، ما يمكنه من الانسحاب بكرامة منها، وعلى جانب آخر تتحقق أهداف المعسكر الغربي، بمنع روسيا من التمدد والتوسع، وبهذا يستطيع الحصول على نوبل للسلام”.

وأضاف: “ترامب سيعطي الأولوية خلال الأيام القادمة لتسوية النزاع في أوكرانيا، قبل أن يحل مشكلة إسرائيل وغزة، لكن ما من شك أن التوسع عقيدة لدى ترامب، حيث يرغب في ضم كندا وبنما، فهو حتى غير مقتنع بأن تصبح أمريكا قارة فقط، بل إنه لو استطاع ضم الأمريكتين لفعل، لذا نجده يدعم أي جهود توسعية لإسرائيل على حساب العرب”.

واختتم حديثه عن المعوقات التي تقف أمام جعل طموحات “ترامب” واقعًا، فقال: “لكن يقف أمام طموحاته تلك أن تحقيقها يؤدي لانهيار الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وهدم القانون الدولي، وقوته لا تصل ذلك الحد، كما أن ذلك الفكر التوسعي سيحرمه نوبل للسلام إن اتخذت فيه خطوات تنفيذية، حيث سيمنعه ذلك الفكر من الموافقة على تحويل أوكرانيا لمنطقة محايدة، لذا يمكن تأويل طموحاته المثيرة للجدل باعتبارها نوع من الفرقعة، للفت الانتباه قبل أن يدخل السلطة، لأن السلطة لها معاييرها وتبعاتها”.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights