حواراتفن

النجم السعودي عبد المحسن النمر ل “اليوم”: افتتاح دور سينما بالسعودية أنقذ هذه الصناعة خليجياً

– صورة الشخصية الخليجية في السينما المصرية بعيدة عن الواقع

– الفن العربي يعاني أزمة في كتابة السيناريو

– المسرح هو الإعداد الحقيقي للممثل

 

* أجرت الحوار: غادة عصفور

بملامح عربية لا تشبه أحداً وعيون مضيئة بطاقات فنية لا حدود لها ، أسس النجم السعودي عبد المحسن النمر مكانة راسخة في الفن الخليجي، متصدراً المشهد في أبرز الأعمال الدرامية الناجحة، ولعل بداياته على خشبة المسرح كانت سبباً في تمرسه الفني واعتلائه قمة النجومية، ليتوج مسيرة من السنوات الطويلة قضاها في محراب الفن والإبداع مقدماً ما يقرب من ١٥٠ عملاً فنياً.

موهبة مبكرة جداً أعلنت عنها طفولته حينما بنى ذلك الصغير منصة من الحجر الذي حملته يديه الضعيفتين، ليجعل منها عالمه المسرحي المتواضع في أحد الأزقة المجاورة لمنزل عائلته، يقدم من خلالها مشاهد طفولية خجولة غزلها خياله لأبناء الحي والجيران، ولم يكن يعرف حينها أن بضعة الأحجار التي جمعها لمحاكاة خشبة المسرح سيطل منها نجماً يسطع بريقه في كل أرجاء الوطن العربي، فيحل ضيفاً عزيزاً لدى الجمهور.

هو “النمر” الذي يقتنص الجوائز ويقفز نحو النجاحات بقفزات سريعة قوية من على أرض صلبة، فيتصيد كل ما هو مميز ومختلف، ساعده في ذلك براعته وتمكنه القوي من أدوات كل شخصية يجسدها.

في الحوار التالي تحدث عبد المحسن النمر عن أعماله وبداياته، وإلى أين وصلت صناعة السينما والدراما في السعودية، كما تحدث عن تأثير الفن المصري على تكوينه..

  • حقق مسلسل “خريف القلب” مؤخرا صدى كبير.، كيف ترى ردود الفعل التي تخطت منطقة الخليج ووصلت إلى مصر والدول العربية الأخرى؟

‏هذا العمل يعتبر مصافحة جديدة مع جيل مختلف ، وهو عمل ناضج على مستوى السيناريو والإخراج والتمثيل وتدريب الممثلين وكتابة النص الذي تُرجم من قبل لأكثر من لغة، فقد قُدم العمل في البداية بنسخة كورية، ثم جرى تحويله إلى عمل أمريكي ثم تركي مرورا بالنص السعودي، لذا فإن العمل قد مر بمراحل كثيرة من التشغيل والإعداد، ويبدو لي أن الأعمال البسيطة التي تُعرف بالسهل الممتنع هي التي تصل إلى المشاهدين بشكل اكبر، فأنا مثلا قبل مسلسل “خريف القلب” كنت أفتقد جيلاً من المشاهدين تحت 10 سنوات، وأرى أن هذا العمل جعلني أكثر قرباً من هذا الجيل على المستوى العائلي.

  • هل إنتاج الأعمال المدبلجة أو التي تم تقديمها من قبل بلغات أخرى هي خطوة جيدة في صالح الدراما السعودية؟

‏بالتأكيد لها مردود إيجابي، والدراما السعودية تعيد تقديم تلك الأعمال فقط فيما يخص الأعمال الطويلة التي تتعدى الثمانين أو التسعين حلقة، لكن بقية الإنتاج الدرامي السعودي يكون محلياً من أول الفكرة إلى كتابة النص،

‏ودعينا نعترف أن العالم العربي بشكل عام يعاني من ضعف في السيناريو بما فيهم مصر، فالأعمال القليلة التي امتدت لعدة أجزاء على مدار سنوات مثل “ليالي الحلمية” هي أعمال نادرة جداً، ذلك لأن النَفَس العربي في كتابة السيناريو ضعيف، وحينما نلجأ لتقديم أعمال ذات كتابات عالمية فإننا نبحث عن نصوص أكثر نضجاً على مستوى المحتوى، مثل أعمال ويليام شكسبير التي تحولت إلى عروض مسرحية في العديد من الدول حول العالم.

  • الأعمال ذات الحلقات الطويلة هل تضر الممثل أم تصب في صالحه؟

‏المسلسلات ذات الحلقات الطويلة قد تَحرم الممثل من الدخول في أكثر من تجربة لفترة زمنية، لكن إذا كان العمل الدرامي قوياً فهو يجعلك في حالة من التواصل مع الجمهور لفترة قد تصل إلى ثمانية أشهر وربما عام، ولكني أرى أيضاً أن البال الطويل في الدراما لا يمتلكه كل الفنانين ، فهناك فنانون مبدعون في الأعمال القصيرة.

الفنان عبد المحسن النمر مع محررة “اليوم”
  • كيف تستطيع الفصل بين شخصياتك الدرامية المتعددة حينما تقدم في العام الواحد أكثر من عمل؟

‏لا أحب الالتزام بأكثر من عمل خلال مدة زمنية قصيرة، ولكن في إحدى السنوات تزامن عرض أربعة أعمال لي دفعة واحدة كنت قد أنجز تها على مدار ثلاث سنوات، فاعتقد البعض أنني اشتغلت في كل تلك الأعمال خلال عام واحد، وبالمناسبة كنت مشاركاً كضيف شرف في البعض منها.

  • بدايتك المسرحية هل أفادتك فيما بعد بعملك كممثل في التلفزيون والسينما؟

‏لا شك أن المسرح هو إعداد للممثل لذا يطلقون عليه أبو الفنون، وعلاقتي بالمسرح لم تقتصر فقط على البدايات ولكني ظللت متواصلاً مع المسرح لسنوات طويلة ، وشاركت في عروضاً مسرحية بمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي لأربعة مواسم متتالية، كما قدمت أعمالاً على المستوى المحلي والخليجي، لذا فعلاقتي بالمسرح لم تنقطع لأنني مؤمن أن الإعداد الحقيقي للممثل يكون على خشبة المسرح، فهناك نتعامل مع كل أدواتنا بشكل مباشر بما فيها الجمهور.

  • كيف ترى مستوى الدراما الخليجية اليوم؟

‏في فترة من الفترات كانت الدراما الخليجية لا تواكب طموحي، ‏لكن أرى الدراما ‏حالياً تخطو خطوات واثقة وراسخة بشكل جيد، وإن كانت هذه الخطوات بطيئة ولكنها موفقة.

  • إلى أي مدى يساهم ‏انتشار دور السينما السعودية ‏في تطوير الحراك السينمائي بالمملكة؟

في الدورة الاخيرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي ذكرت في أحد الندوات ‏أنه إذا كان هناك إنقاذاً للسينما الخليجية فسوف يتحقق من خلال افتتاح دور عرض في السعودية، ‏فهي الدولة الخليجية الأكبر من حيث عدد السكان وهو ما تحتاجه صناعة السينما، فحينما تصنع تجربة سينمائية يجب أن تتوافر أعداد كافية لمشاهدتها  من أجل أن تمنح الدائرة الإقتصادية استمراريتها في هذه الصناعة، الآن فتح دور السينما السعودية ‏هو بمثابة انتشال وإنقاذ للسينما في منطقة الخليج ، فعدد الحضور لدور العرض السينمائي في دول الخليج لا يكفي أن يرتقي بالفيلم ‏إلى مستوى متقدم تجارياً، لذا أستطيع القول بأنه مع افتتاح دور عرض سينمائي في السعودية فإن دائرة صناعة السينما أصبحت مكتملة بشكل أفضل.

  • شاركت في عدد من الأعمال العربية التي تم تصويرها في مصر، هل تأثرت وجدانياً بالفن المصري؟

‏لقد أحببنا السينما وعرفناها وتعلمناها من مصر، فهي من أكثر الدول العربية المتقدمة في صناعة السينما، لذا هي أكثر دولة تحتفظ بذاكرة بصرية بين كل الدول العربية، وعلى المستوى الأكاديمي فمصر تزخر بكوادر هامة نحن في منطقة الخليج نستعين بها لتطوير الحالة السينمائية لدينا.

‏وأنا كممثل عملت في العديد من الأعمال الفنية التراثية والتاريخية التي تم تصويرها في مصر من إنتاج سعودي أو إنتاج محطات خليجية أخرى، وهذه التجربة منحتني حالة من الاحتكاك بالطاقات والكوادر المصرية، وأذكر أن أول عمل عربي مشترك قدمته تم تصويره في مصر وهو مسلسل “شقة الحرية” ، وقد شاركني به العديد من الفنانين المصريين، كما تعاونت مع طاقات مصرية فنية هنا في الخليج، وبالطبع كل هذه التجارب قد أثرت طاقاتي الفنية.

  • متى سنراك في عمل فني من إنتاج مصري؟

‏بالنسبة للمشاركة في الأعمال المصرية فأنا لديّ بعض التحفظ لسببين وأتمنى ألا يساء فهمهما، السبب الأول هو أن النظرة السينمائية ل “الكاركتر” الخليجي لا تعجبني ، فهي تحاكي النظرة العالمية لنا كعرب بشكل عام، فمثلاً الشخصية العربية في هوليوود يتم تجسيدها  على أنها شخصية البدوي الذي يرتدي العقال ويسير إلى جوار الإبل وهو لا يعي ما يدور حوله ، وللأسف السينما المصرية استعارت هذا النمط في العديد من الأعمال، ولم أرى حتى الآن الشخصية الخليجية في السينما المصرية بشكلها الواقعي والحقيقي، لذلك فأنا ضد هذه النظرة تماماً ولا يمكن أن أشارك بها، ولكن في الفترة الأخيرة لمست اختلافاً لهذه الصورة النمطية وبالفعل تلقيت عرضاً للمشاركة في فيلم مع الفنان أحمد حلمي، وقد أحببت الفكرة جداً وعلى استعداد لخوض هذه التجربة بكل حب لأنها تصور العلاقة الحقيقية والطيبة بين الشعوب الخليجية والشعب المصري، فنحن تجمعنا علاقات اجتماعية جميلة ومنها علاقات نسب ومصاهرة، ونتداخل معاً في التركيبة الثقافية والسياسية.

  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights