بعد اعتراض موظفتها علنًا.. كيف تواطأت مايكروسوفت مع الاحتلال في جرائم الإبادة؟

في ظل تصاعد الجرائم التي يتعرض لها قطاع غزة، وسط صمت تام من المجتمع الدولي، يزيد الإصرار العربي على التنديد بتلك الانتهاكات في المحافل، ما دعا ابتهال أبو سعد، إحدى موظفات شركة مايكروسوفت، بمقاطعة خطاب مصطفى سليمان، الرئيس التنفيذي لقسم الذكاء الاصطناعي بالشركة، أثناء الاحتفال بالذكرى الخمسين لتأسيس مايكروسوفت.
جاء ذلك في حدث غير متوقع، بعد أيام من تداول مشاهد أظهرت صحفيًا سنيًا اعتدى على وزيرة أمريكية طالبت بقتل الفلسطينيين خلال مؤتمر صحفي لها.
هذا التصرف صدر من ابتهال أبو السعد، تعبيرًا عن الاحتجاج على الاتهامات الموجهة لمايكروسوفت بشأن تورطها في بيع تقنيات الذكاء الاصطناعي للجيش الإسرائيلي، والذي يسهم في الانتهاكات الإنسانية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.
الإيمان
التضحية
الشجاعة
المروءة
البراءة
التأثير
التاريخ
ولو كنت وحدك !#إبتهال_أبوالسعد pic.twitter.com/e0F7Pb3wNB— مسعد البربري | Albarbary (@Albarbary6) April 5, 2025
ابتهال أبو السعد المغربية الجنسية، ظهرت في الفيديو الذي انتشر بشكل واسع، وهي تتحدث بصوت عالٍ مع سليمان قائلة: “عيب عليكم! أنتم تستغلون الحروب، توقفوا عن استخدام الذكاء الاصطناعي للإبادة الجماعية في منطقتنا.
أضافت بصوت رافض لإساءة استغلال للتكنولوجيا العسكرية: أيديكم ملطخة بالدماء؛ كيف تحتفلون بينما مايكروسوفت تساعد في قتل الأطفال؟”.
وقبل إخراجها من الفعالية، أرسلت رسالة إلكترونية إلى مجموعة كبيرة من زملائها في الشركة تشرح فيها دوافع احتجاجها، ومن خلالها كشفت أبو سعد عن الأسباب التي دعتها لاتخاذ هذا الموقف الجريء.
أوضحت “ابتهال” في الرسالة التي نشرتها وسائل الإعلام: أنها كانت تعمل كمهندسة برمجيات ضمن منصة الذكاء الاصطناعي لمايكروسوفت لمدة تجاوزت ثلاث سنوات.
وأشارت إلى قرارها بمواجهة ما وصفته بتورط الشركة في عمليات الإبادة للشعب الفلسطيني. كما شاركت في رسالتها تفاصيل عن الضغوط الترهيبية التي يواجهها الموظفون العرب والفلسطينيون داخل الشركة، مؤكدة أن هؤلاء الذين حاولوا الاعتراض تعرضوا للتخويف والتشهير دون أي تدخل يذكر من الإدارة.
“أبو سعد” سلطت الضوء على الانتهاكات المستمرة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني بسبب سياسات الجيش الإسرائيلي، والتي وصفتها بالإبادة الجماعية استنادًا لشهادات وتقارير موثوقة صادرة عن الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية.
وتطرقت إلى العقود التجارية التي تربط مايكروسوفت بوزارة الدفاع الإسرائيلية، مشيرة إلى استخدام تقنيات الشركة في عمليات المراقبة والتجسس التي تُمارس بحق الفلسطينيين.
ووفقًا لما ذكرته أبو سعد، هذه التكنولوجيا تسهل جمع بيانات دقيقة عن المدنيين الفلسطينيين، مما يدعم العمليات العسكرية بشكل مباشر.
كما أبرزت أن العقد الذي أبرمته مايكروسوفت مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، والذي بلغت قيمته 133 مليون دولار، أُثار جدلًا كبيرًا في الإعلام العالمي. حيث تركز الانتقادات على دور الشركة في تطوير أدوات تقنية تساهم في تعميق الأزمة الإنسانية وإدامة الصراع بالمنطقة.
مايكروسوفت تحت المجهر: كيف تواطأت مع الاحتلال
وفقًا للتقارير، استغلت القوات الإسرائيلية تقنيات مايكروسوفت لمراقبة الفلسطينيين وتوسيع نطاق البيانات المخزنة على خوادم الشركة. هذا الاستخدام أثار انتقادات لاذعة تجاه الشركة، التي زودت الجيش الإسرائيلي بأنظمة لتحديد الأهداف، مما أدى إلى تفاقم الأضرار الناجمة عن العمليات العسكرية في غزة.
مايكروسوفت ليست بعيدة عن الاتهام؛ فقد شهدت سابقًا حالات مشابهة أدانت فيها الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية استخدام التكنولوجيا في الحروب. هذه الأحداث وضعت الشركة في موقع يواجه ضغوطًا كبيرة من الرأي العام، حيث تصاعدت دعوات الناشطين والشركات لمقاطعتها بسبب مشاركتها المزعومة في تعزيز العنف.
التغير يبدأ من الداخل: دعوة للعمل
في خطابها للموظفين، شددت أبو سعد على أهمية التصدي لهذه السياسات، معتبرة أن الصمت يعادل التواطؤ، ودعت الجميع إلى توقيع عريضة تطالب بوقف بيع تكنولوجيا مايكروسوفت للجيش الإسرائيلي، مؤكدة أن التحرك الآن ضرورة لوقف مساهمة الشركة في الانتهاكات الإنسانية.
كما وجهت نداء مباشرًا للموظفين قائلة: “حتى لو لم يكن عملك مرتبطًا بشكل مباشر بالسحابة المخصصة للاستخدام العسكري، فإن دورك يساهم في تمويل هذه العمليات. علينا جميعًا أن نتحد للتوقف عن دعم هذه السياسات المدمرة.”
عالم التكنولوجيا ملطخ بالدماء
تعكس هذه القضية تحديًا محوريًا أمام شركات التقنية الكبرى، خاصة فيما يتعلق بدورها في الصراعات المسلحة. بينما تتزايد المطالبات بالمساءلة والمقاطعة.
وهنا يظل السؤال مفتوحًا: هل ستتفاعل مايكروسوفت مع هذه الاحتجاجات وتتخذ خطوات لإنهاء علاقتها مع الجهات المتورطة في الانتهاكات؟ أم ستواصل تجاهل الأصوات المطالبة بالتغيير داخل الشركة ومن المجتمع الدولي؟
وحال استمرار هذا، يعد التورط في جرائم الحرب وصمة عار على التطور التكنولوجي الذي يزعم مطوروه مساعدة البشرية في مهام أعمالهم وتطوير الحياة المعيشية وأساليب الابتكار.