حلوى المولد النبوي: تقليد شعبي يتجدد كل عام في أجواء من الفرح والاحتفاء..صور
يحتفل المسلمون في مصر وفي أنحاء العالم الإسلامي بذكرى المولد النبوي الشريف في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول بكل عام، وهو اليوم الذي ولد فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث تمثل هذه المناسبة فرصة للاحتفاء بذكرى مولد النبي، وتعزيز لقيم المحبة والخير والتسامح التي جاء بها، وتتسم الاحتفالات في مصر بطابع خاص، يجمع بين الفرح الديني والعادات الشعبية المتوارثة منذ مئات السنين.
ومع اقتراب حلول ذكرى المولد النبوي الشريف، تبدأ مظاهر الاحتفال في مصر والعديد من الدول العربية والإسلامية، وتتصدر “حلوى المولد” المشهد كواحدة من أبرز التقاليد الشعبية المتوارثة التي تحظى بإقبال كبير من جميع الفئات العمرية.
مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في مصر
تتنوع مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي في مصر لتشمل جوانب دينية واجتماعية وثقافية، ومن أبرز هذه المظاهر: الإنشاد الديني والمدائح النبوية، حيث تقام العديد من الفعاليات والاحتفالات في المساجد والساحات العامة، ويتجمع الناس للاستماع إلى المدائح النبوية والإنشاد الديني، كما يشهد في هذا النوع من الاحتفالات مشاركة واسعة من فرق الإنشاد الصوفية، التي تقدم قصائد تمدح النبي، وتروي سيرته العطرة.

جانب من مظاهر احتفالات المسلمين بمولد النبي _ العام الماضي في محافظة قنا وسوهاج

وتظهر المواكب والاحتفالات الشعبية في عدد من محافظات الصعيد، خاصة في محافظة سوهاج وقنا، ينظم العديد من أبناء المحافظتين المواكب الشعبية في الشوارع، ويرتدي المشاركون الملابس التقليدية، حيث يحملون الأعلام والرايات ويرددون الأناشيد الدينية، وتعتبر هذه المواكب جزءاً من الموروث الشعبي الذي يعكس ارتباط المصريين بمناسبة المولد النبوي.
الخطب والدروس الدينية
تقوم المساجد في مصر بتنظيم دروس دينية وخطب تتناول سيرة النبي محمد صلى، وتعاليمه، وذلك بهدف نشر الوعي الديني وتعميق المحبة للنبي في قلوب الناس، وتتضمن هذه الدروس التذكير بأخلاق النبي ومواقفه العظيمة في مختلف مراحل حياته.
حلوى المولد
يقول ضاحي سيد، 50 عاما : ” حلوى المولد النبوي تعد جزءاً أساسياً من الاحتفالات في مصر”، مشيراً إلى حرص المصريين على شراء وتوزيع حلوى المولد، يعد عادة تقليدية تعبر عن الفرح بالمناسبة وترسخ الروابط الاجتماعية.
وأضاف يحتفل المصريون بهذه المناسبة من خلال الزيارات الأسرية وتبادل التهاني، ويجتمع الأقارب والأصدقاء في أجواء من المحبة والمودة، كما تكون هذه الاجتماعات فرصة لتناول الطعام والحلوى، والتذكير بالقيم النبيلة التي جاء بها النبي صلى.

تاريخ حلوى المولد
يرجع تاريخ حلوى المولد إلى العصر الفاطمي في مصر، حيث كانت الدولة الفاطمية تهتم بالاحتفال بالمناسبات الدينية المختلفة، وكان الاحتفال بالمولد النبوي يشمل تقديم أنواع مختلفة من الحلوى كنوع من التقرب إلى الشعب ومشاركته في الأفراح، واستمرت هذه العادة حتى أصبحت جزءاً من الثقافة الشعبية.
أنواع حلوى المولد

تتنوع حلوى المولد بين أنواع متعددة مثل: السمسمية، والفولية، والحمصية، والبندقية، واللوزية، والملبن، والجوزية، والعديد من الأنواع الأخرى التي تصنع من المكسرات والعسل والسكر، وتختلف هذه الحلوى من حيث المكونات والأشكال، مما يتيح تنوعاً واسعاً يناسب جميع الأذواق، وتأتي العروسة والحصان في مقدمة أشهر رموز حلوى المولد في مصر، حيث تُصنع من السكر الملون وتشكل على هيئة عروسة أو حصان، وتُهدى للأطفال كجزء من الاحتفالات بالمولد.
الحلاوة والاقتصاد
بالرغم من الوضع الاقتصادي الذي تمر به بعض الدول، تبقى حلوى المولد جزءاً أساسياً من الاحتفالات، ويحرص الناس على شرائها، وعلى الرغم من التغيرات في الأسعار، تعد صناعة هذه الحلوى موسماً مهماً للتجار والصناع، حيث تنشط حركة البيع والشراء في هذه الفترة من كل عام.
وتجولت عدسة« اليوم الإخباري» داخل منطقة المرج لمعرفة أسعار حلوى المولد، والتي جاءت مرتفعة عن العام الماضي بنسبة 15% تقريباً، وبسؤال أحد البائعين عن الأسعار، قال أحمد علي29 عاما، ” متوسط أسعار علب الحلوى لهذا العام ما بين 65 جنيه للعلبة صغيرة الحجم و130 جنيه للعلبة متوسطة الحجم”، في حين يأتي سعر كيلو الحلاوة المشكل 100 جنيه تقريباً.
الأهمية الدينية والاجتماعية للمولد النبوي في مصر
يمثل المولد النبوي مناسبة دينية واجتماعية كبيرة للمصريين، حيث يعزز من الروح الجماعية ويربط الناس بتاريخهم وهويتهم الدينية، وتُعتبر هذه المناسبة فرصة لتعزيز القيم الإسلامية، مثل المحبة والتسامح والتكافل، وتقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين.
وتمثل حلوى المولد جزءاً من التراث الشعبي والثقافة المحلية، فهي ليست مجرد حلوى عادية، بل تحمل معاني كثيرة من الفرح والتلاحم الاجتماعي، كما تُعد وسيلة لتعريف الأجيال الجديدة بالتقاليد المرتبطة بالمناسبات الدينية.

أهمية حلوى المولد ثقافياً واجتماعياً
لا تقتصر أهمية حلوى المولد على كونها مجرد تقليد شعبي، بل تحمل معاني أعمق ترتبط بالتاريخ والثقافة والهوية الدينية، وتمثل الحلوى رمزاً للفرح والاحتفال بذكرى مولد النبي محمد، كما أنها تعزز الروابط الاجتماعية والعائلية، حيث يجتمع أفراد العائلة لتبادل الحلوى والتهاني.
يظل المولد النبوي في مصر حدثاً مميزاً، يُعبر فيه المصريون عن حبهم للنبي الكريم، ويحيون فيه تراثهم الديني والثقافي، وبالرغم من التحديات التي يمر بها المجتمع، تبقى هذه الاحتفالات رمزاً للوحدة والإيمان، ورمزاً للفرح والبهجة، تتوارثه الأجيال ويستمر عبر الزمن كتقليد محبب يعبر عن الهوية الثقافية والاجتماعية للشعوب.