في ذكرى نصر أكتوبر..”المزرعة الصينية” تتحول إلى مقبرة عربات وجنود إسرائيليين
المشير طنطاوي يفتح النيران لمدة ساعتين ونصف في وجه القوات الإسرائيلية

احتوت حرب أكتوبر المجيدة على العديد من المعارك الفرعية، والتى كان لها بالغ الأثر فى كتابة النصر والمجد، ولعل ما لا يعرفه الكثيرون أن معركة المزرعة الصينية كانت من أشرس المعارك، قدمت خلالها الكتيبة 18 مشاة بقيادة المقدم أحمد إسماعيل عطية دورًا بطوليا أثناء المعركة، سانده خلالها المشير محمد حسين طنطاوي قائد الكتيبة 16، والذي كان له دور بارز وسبب أصيل من أسباب نجاح المعركة.
سبب تسميتها بالصينية
يشكل اسم المزرعة الصينية تساؤلات كثيرة حول علاقة الصين بهذا الاسم، ويعود سبب ذلك إلى أنه حينما وقعت المزرعة تحت أيديهم في عام 1967 رأى جنود إسرائيل حروفًا باللغة اليابانية فظنوا أنها صينية، فأطلقوا عليها هذا الاسم منذ ذلك الحين، وهي كانت في الأصل لا تعدو سوى قطعة أرض أجريت عليها عدة اختبارات لاستزراع أراضي سيناء، وذلك في فترة الخمسينيات.
بداية المعركة ووصف المشهد
جاءت بداية المعركة في هذه المنطقة عندما قامت القوات الإسرائيلية بهجمات متتالية وضربات مضادة نحو رؤوس الكباري، وفي سبيل اختراق غرب القناة اتجهوا إلى ضرب قطاع محدد، فقاموا بتكثيف جميع الجهود النيرانية والقتالية، وبعد مشاورات بين القيادة الإسرائيلية اتفقوا على أن يكون الهجوم صوب الفرقة 16 مشاة في الجانب الأيمن للجيش الثاني، وعلى وجه التحديد في اتجاه محور الطاسة والدفرسوار، وعلى ذلك كان هدف القوات الإسرائيلية “المزرعة الصينية”، في اتجاه قناة السويس. كان للقوات الإسرائيلية هدف من ضرب هذه المنطقة بكل وسائل النيران، وهي تدمير الكتيبة 18، أو حتى زحزحتها في اتجاه الشمال بعيدا عن هذا المكان.
تمويه وخداع
يوم 15 أكتوبر كانت بداية معركة المزرعة الصينية، قامت القوات الإسرائيلية آنذاك بشن حملات هجومية على جميع الخنادق، ومع كون الضرب كان دقيقا ومركزا واستمر حتى غروب الشمس، إلا أنه لم يصب هذا الضرب إلى 3 جنود فقط، وذلك بسبب الخطة التي اتبعتها الكتيبة، حيث إن القوات الإسرائيلية كانت تبعث بطائرات لتصوير الكتيبة، ولكن بعد أن تذهب الطائرات تقوم الكتيبة بعملية انتقال سريعة إلى مكان آخر، وعلى إثر ذلك يتم ضرب مواقع ليس بها جنود.
هجوم متكامل
في يوم 15 أكتوبر وفي تمام الثامنة إلا الربع جاءت أعداد كبيرة من الدبابات قادمة من اتجاه الطاسة، وشنت القوات الإسرائيلية هجوما مفاجئا على الجانب الأيمن للكتيبة من اتجاه تل سلام، وكان الهجوم مستخدما 3 لواءات مدرعة بقوة 280 دبابة ولواء من المظليين ميكانيكي على طريق 3 محاور الأول على طريق الشط واتجاه الشمال، والثاني الأسفلت المتجه إلى النقاط القوية بالدفرسوار، والآخر على المدق الموازي للبحيرات المرة. وكان القائد الإسرائيلي أدان على رأس فرقته 300 دبابة، بينما فرقة ماجن القائد 200 دبابة ولواء مشاة ميكانيكي، وتبع ذلك دعم كبير وتعزيزات من كل جهة حتى أصبحت تشكل نصف قوة شارون.
اشتباك ومواجهة
قامت القوات الإسرائيلية هجومها عن طريق الجانب الأيمن للكتيبة، وبدأت القوات المصرية تشتبك معهم عن طريق الأسلحة المضادة والدبابات المخندقة، بجانب تحريرك باقي الدبابات بشكل سري، وبرغم ما تم حشده من دبابات وأسلحة ودعم من جميع الجوانب أنه تم تدمير 12 دبابة، ولم تتعرض دبابة مصرية لأي سوء، ثم بعد ذلك تم استدعاء مجموعة قنص مت السرايا عددهم 15 دبابة، معها الأفراد حاملي الآربجي، ومعها ضابط استطلاع، وضباط السرايا، وبدأ الاشتباك بشكل متلاحم لم يهدأ من الليل وحتى السادسة صباحا، وكانت النتيجة أن تم تدمير عدد 60 دبابة من دبابات الجيش الإسرائيلي.
المشير طنطاوي يفتح النيران
المشير طنطاوي يفتح النيران قامت القوات الإسرائيلية بمعاودة هجومها مرة أخرى في مواجهة الكتيبة 18، وذلك في الساعة الواحدة من صباح يوم 16 أكتوبر، ولكن القوات المصرية تصدت لها الهجوم، فتم تدمير 4 عربات نصف مجنزرة، و10 دبابات..ثم امتد الهجوم نحو الكتيبة 18 مشاة، والذي كان قائدها آنذاك المقدم محمد حسين طنطاوي، والذي بدوره ألقى تعليماته بفتح جميع نيران أسلحة الكتيبة في مواجهة القوات المتقدمة، حتى استمرت المعركة لمدة ساعتين ونصف.
ضباب منقذ
جاء الجو ملبد بالغيوم والضباب في الساعات الأولى من اليوم التالي، وهذا ما ساعد القوات الإسرائيلية على تسحب خسائرها من القتلى والجرحى، ولكن الدبابات التي تكبّدوا خسارتها لم يتوقف الدخان المتطاير منها لمدة يومين كاملين.