تقارير-و-تحقيقات

الشرق الأوسط على صفيح ساخن: التحالفات المتقاطعة بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل تنذر بحرب ممتدة

المنطقة على حافة الانفجار: حرب التحالفات الكبرى بين إيران وإسرائيل وأمريكا

 تقرير – محمود عبد العظيم:

في وقتٍ يشهد فيه الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، تتزايد المخاوف من اتساع رقعة الحرب إلى دول إقليمية، وتحوّل المواجهة إلى صراع مفتوح تتداخل فيه السياسة والدين والاقتصاد.

في التقرير التالي، تُحلل صحيفة “اليوم” بعمق الخلفيات التي تقوم عليها هذه التحالفات، وتستشرف سيناريوهاتها القادمة.

أولًا: الخلفية السياسية للصراع

تُعد إيران لاعبًا محوريًا في معادلة الشرق الأوسط، إذ تسعى منذ سنوات لترسيخ نفوذها في المنطقة عبر دعم ميليشيات متحالفة معها، أبرزها حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، والحشد الشعبي في العراق.

في المقابل، تواصل إسرائيل بالتنسيق مع الولايات المتحدة استراتيجيتها في استهداف البنية العسكرية الإيرانية، خاصة المنشآت النووية ومراكز التصنيع العسكري، سعيًا لمنع طهران من تطوير قدرات تهدد أمنها القومي.

الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية والإمارات، تميل إلى الحذر، وتوازن علاقاتها بين واشنطن وطهران، مدفوعة بالقلق من تداعيات مباشرة على أراضيها.

ثانيًا: البُعد الاقتصادي – صراع على مصادر الطاقة والنفوذ

تملك إيران ثاني أكبر احتياطي غاز في العالم، ورابع أكبر احتياطي نفطي. هذا الموقع الجيو-اقتصادي يجعلها هدفًا دائمًا للغرب الذي يسعى لإبقاء تدفّق الطاقة العالمي دون تهديد.

كما تعتمد طهران على تصدير النفط غير الرسمي عبر دول مثل الصين وتركيا، لتمويل تحركاتها الإقليمية وتجاوز العقوبات الأميركية.

تقول الدكتورة حنان أبوسكين، أستاذ العلوم السياسية ورئيس قسم بحوث وقياسات الرأي العام بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية و محاضر من الخارج بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، لـ” صحيفة اليوم”، إن العقوبات الأمريكية، أثرت على الاقتصاد الإيراني، خاصة في مجالات، مثل النفط والغاز، والنظام البنكي والمالي، وأيضًا أثرت سلبًا على حركة التجارة العالمية.

و تؤكد أبو سكين، على أنه على الرغم من الحصار الاقتصادي، لكن إيران تحتل مركزا هاما في أمن الطاقة الدولية والاقتصاد العالمي بسبب احتياطاتها الكبيرة من النفط والغاز الطبيعي.

من جانب آخر، فإن أي توتر في مضيق هرمز – الشريان الذي تمر عبره ثلث إمدادات النفط العالمية – يُشكّل خطرًا وجوديًا على أسواق الطاقة العالمية، وعلى الاستقرار المالي لدول الخليج التي ترتبط اقتصاداتها عضويا بأسعار النفط.

2

 ثالثًا: البُعد الديني (تشكّل التحالفات عبر المذهبية)

يرتكز الصراع على خلفية مذهبية قديمة تتجدد، إذ تمثل إيران مركزًا للتشيّع السياسي عبر مبدأ “ولاية الفقيه”، الذي يربط القوى المتحالفة معها بروابط دينية-عقائدية.

بالمقابل، فإن تحالف إسرائيل مع قوى سنّية عربية جاء كامتداد لمواجهة النفوذ الإيراني لا سيما بعد اتفاقيات التطبيع (إبراهيم).

النتيجة هي خارطة تحالفات لا تقوم فقط على المصالح الاستراتيجية، بل أيضًا على انقسامات مذهبية تعزز الاستقطاب في المنطقة.

ترى أبو سكين، أن البعد الأيديولوجي في السياسة الخارجية الإيرانية، لا ينحصر في البعد الديني الطائفي المذهبي فقط، إنما يمتد إلى البعدين الوطني والقومي على اعتبار أن البعد الديني أحد مكونات شخصية الدولة الإيرانية، لكنه ليس الوحيد، هذا ما يتيح الفرصة أمام صانع السياسة الخارجية للتعامل مع بعض جوانب الواقع الدولي بدون الالتزام بالقيود الدينية.

رابعًا: توسّع الصراع – من يربح ومن يخسر؟

مع تصاعد التوترات، تلوح في الأفق احتمالات دخول أطراف جديدة في النزاع، سواء بدعم مباشر أو عبر وسطاء:

حيث أن تركيا قد تُستخدم كممر لوجستي إيراني رغم علاقتها المعقدة مع واشنطن، لكن مصر قد تلجأ إلى تهدئة الأوضاع دبلوماسيًا، مستفيدة من علاقتها المتوازنة مع الخليج وإيران، وبالنسبة لعمان وقطر يمكن أن تلعبا دور الوسيط لاحتواء الأزمة.

وتشير الدكتورة حنان أبوسكين، أستاذ العلوم السياسية إلى أنه في الحالة الإيرانية نجد أن البعد الأيديولوجي كبير التأثير في سياستها الخارجية، هذا ما يجعل صانع السياسة الخارجية أسيراً لهذا البعد عند اتخاذ القرارات، إلى جانب تأثر العلاقات والتحالفات السياسية الإيرانية بهذا المحدد.

وتضيف أن السياسة الإيرانية ركزت على محور الأمن من خلال مفهومها الثوري في المرحلة الأولى من عمر الثورة الإسلامية “عهد الخميني”. إلا أن الدور بات أكثر واقعية في سياسة إيران الخارجية لتكون أكثر توازناً في المرحلتين الثانية والثالثة، خاصة و أن المحدد الأمني دفع بإيران لفتح آفاق جديدة في علاقاتها الإقليمية والدولية بعد أن أعلنت واشنطن استهدافها لإيران على ضوء ما يسمى بـ “محور الشر”.

وفي النهاية فإن الحرب الدائرة ليست فقط بين جيوش ودبابات، بل بين رؤى وأيديولوجيات ومصالح اقتصادية، وبينما تستمر الضربات الجوية والدبلوماسية، يبقى مستقبل الشرق الأوسط رهينًا بتوازنات دقيقة يصعب التنبؤ بمآلاتها.

فهل نشهد تحوّلًا نحو تفاوض يضبط النفوذ الإيراني، أم امتدادًا لحرب لا تُبقي ولا تذر؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights