أخبار

فتح مكة.. دروس في التسامح والانتصار في رمضان

شهد مسجد السيدة زينب بالقاهرة احتفال وزارة الأوقاف بذكرى فتح مكة، بمشاركة عدد من كبار العلماء والشخصيات الدينية، على رأسهم وزير الأوقاف ووكيل الأزهر ونقيب الأشراف وألقى الدكتور محمد الجندي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، كلمة استعرض فيها الدروس المستفادة من هذا الحدث التاريخي مؤكدًا أن فتح مكة كان بمثابة نداء للكون كله ليشهد أرقى صور التسامح والعدل في الفتح والانتصار.

صلح الحديبية.. خطوة نحو الفتح العظيم

استهل الدكتور الجندي كلمته بالتذكير بصلح الحديبية، الذي أُبرم في السنة السادسة من الهجرة بين المسلمين وقريش، مشيرًا إلى أنه كان اتفاقًا تاريخيًا نظم العلاقة بين الطرفين لمدة عشر سنوات حيث منح القبائل العربية حرية الانضمام لأي من الطرفين فانضمت قبيلة خزاعة إلى المسلمين بينما تحالفت قبيلة بني بكر مع قريش.

وأوضح الجندي أن هذا الصلح شكَّل نقطة تحول في ميزان القوى بين المسلمين وقريش حيث أدى إلى تغيرات سياسية وعسكرية لصالح المسلمين.
وأكد أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان حريصًا على الوفاء بعهوده، لكن التطورات السياسية والميدانية دفعت قريش إلى انتهاك الهدنة عندما ساندت قبيلة بني بكر في اعتدائها على خزاعة مما أدى إلى نقض المعاهدة وإعطاء المسلمين الحق في الرد.

التحرك نحو مكة.. جيش الرحمة

وأضاف الجندي أن رد النبي، صلى الله عليه وسلم، على هذا الخرق كان متزنًا وحكيمًا حيث قرر التحرك عسكريًا نحو مكة في العاشر من رمضان من العام الثامن للهجرة بجيش قوامه عشرة آلاف مقاتل.

مشيرًا إلى أن هذا التحرك لم يكن انتقامًا وإنما كان خطوة لإرساء السلام وإنهاء حالة العداء والاضطهاد التي تعرض لها المسلمون على مدار سنوات.

ولفت إلى أن النبي، صلى الله عليه وسلم قابل في طريقه إلى مكة عمه العباس الذي كان قد أسلم سرًا وعمل على نقل الأخبار من مكة إلى المدينة موضحًا أن العباس خرج للقاء النبي إما استجابةً لدعوة منه أو هروبًا من بطش قريش بعد شعوره بقرب سقوطها.

فتح مكة.. نموذج فريد في العفو والتسامح

أكد الجندي أن فتح مكة يُعد من أعظم انتصارات التاريخ ليس فقط بسبب نجاح المسلمين في استعادة مدينتهم وإنما بسبب القيم الإنسانية الرفيعة التي جسدها النبي صلى الله عليه وسلم، في هذا الفتح فبالرغم من اضطهاد قريش له ولأصحابه، وطردهم من ديارهم وتعذيبهم وقتلهم لبعض الصحابة إلا أن النبي دخل مكة متواضعًا، متجسدًا في صورة الرحمة التي بُعث بها، فكان يوم الفتح يوم المرحمة وليس يوم الانتقام.

وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم، دخل مكة خاشعًا، حيث انحنى على راحلته تواضعًا لله عز وجل معلنًا العفو العام عن أهل مكة بقوله الشهير: “اذهبوا فأنتم الطلقاء” ليُقدم بذلك درسًا خالدًا في العفو عند المقدرة مشيرًا إلى أن هذا التصرف الإنساني جعل قلوب أهل مكة تنفتح للإسلام وكان فتح القلوب سابقًا لفتح المدينة ذاتها.

شهر رمضان.. شهر الانتصارات والفتوحات

أوضح الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن فتح مكة يثبت أن شهر رمضان لم يكن شهر صيام وعبادة فحسب بل كان أيضًا شهر الجهاد والانتصارات فقد وقعت فيه معارك كبرى غيرت مجرى التاريخ الإسلامي مثل غزوة بدر الكبرى وفتح مكة.

وشدد على أن هذا الفتح التاريخي لا يزال يحمل في طياته الكثير من الدروس التي يحتاج المسلمون إلى استلهامها اليوم وفي مقدمتها قيمة التسامح والعفو، وأهمية الوفاء بالعهد إلى جانب ضرورة الاستعداد والتخطيط الجيد لتحقيق النصر.

ختام الاحتفال.. دعوة للسلام والتأمل

اختتم الدكتور محمد الجندي كلمته بالتأكيد على أن فتح مكة ليس مجرد حدث تاريخي، وإنما هو درس خالد في التعايش والتسامح ودعوة إلى الإنسانية كلها لفهم معاني العدل والسلام في الإسلام.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى