تقارير-و-تحقيقات

حلوى المولد النبوي..من أداة سياسية إلى تقليد ديني واجتماعي

في مثل هذه الأيام من كل عام، يترقب المصريون لاستقبال المولد النبوي الشريف بكل معاني الفرحة والبهجة، حيث إن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم يمثل فرحة عارمة لجموع المسلمين في مصر والعالم العربي، ومن أهم مظاهر الاحتفال هي حلوى المولد النبوي، والتي ينتظرها الكثيرون كل عام، حيث تمتلئ المحلات بالأنواع المختلفة من الحلوى.

وفي هذا الصدد نستعرض لكم في هذا التقرير الجذور التاريخية لحلوى المولد النبوي الشريف.

بداية صناعة الحلوى

قبل حوالي ألف عام، كانت بداية صناعة حلوى المولد النبوي، حيث العصر الفاطمي آنذاك، فلقد كان الدولة تسعى إلى الربط بين السياسة والدين بطرق متباينة، وكان من أهم هذه الطرق إحياء المناسبات الدينية، وعلى رأسها “المولد النبوي الشريف”.

كان الاحتفال يتأتّى عن طريق تنظيم الاحتفالات، وكانت أثناء الاحتفال توزع الحلوى، كنوع من أنواع الولاء للحاكم، والقرب من السلطة الحاكمة، إذ إن حلاوة المولد كانت لا تعدو سوى أكلة موسمية وانتهى الأمر، بل إنها كانت تلعب دورا سياسيًّا بارزًا آنذاك، حيث كانت تُستخدم كوسيلة لتكريس حكم الدولة بين الشعب، الفاطميون، الذين كانوا يحكمون مصر ويواجهون تحديات من مختلف القوى السياسية والدينية، وجدوا في هذه الحلوى أداة فعّالة لربط الناس بالمناسبات الدينية التي ترعاها الدولة، وبالتالي تعزيز نفوذهم بين المصريين.

عادة دينية واجتماعية

بعد أن كانت حلوى المولد أداة سياسة، تطورت مع مرور الزمن إلى عادة دينية اجتماعية، حافظ عليها المصريون عليها، وبدت أمامهم عادة موسمية لا يمكن الاستغناء عنها، وبرغم انتهاء حكم الفاطميين إلى أنها لا زالت موجودة، بل وتزداد أهميتها كل عام، وبأنواع مختلفة من الحلوى؛ كانت الفرحة والسعادة تغمر المصريون في هذه المناسبة من كل عام.

أهمية الحلاوة عند المصريين

مما يميز حلوى المولد النبوي أنها لا تتأثر بالتحولات الاقتصادية، ولا عدم المقدرة المالية، بل إنها جزء لا يتجزأ من مظاهر الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، حيث تكتظ الأسواق بالأنواع المختلفة التي يحرص الكثيرون على شرائها مبكرا سواء أكان لأسرتهم، أم يهادون بها غيرهم.

حكم شراء الحلوى وأكلها

سؤال يتبادر إلى أذهان الكثيرين حول حكم الاحتفال وشراء حلوى المولد، وفي هذا قال مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية: سنَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه جنسَ الشكر لله تعالىٰ علىٰ ميلاده الشريف؛ فقد صحَّ أنه كان يصوم يوم الاثنين، فلما سُئل عن ذلك قال: «ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه» رواه مسلم، وإذا ثبت ذلك وعُلم فمن الجائز للمسلم – بل من المندوبات له – ألا يمرَ يومُ مولدِه من غير البهجة والسرور والفرح به ﷺ، وإعلانِ ذلك، واتخاذِ ذلك عُنوانا وشعارًا، وقد تعارف الناسُ واعتادوا علىٰ أكل وشراء أنواعٍ من الحَلوىٰ التى تُنسب إلىٰ يوم مولدِهِ ﷺ ابتهاجًا وفرحةً ومسرَةً بذلك، وكلُّ ذلك فضلٌ وخير، فما المانع من ذلك؟!، ومن يجرؤ علىٰ تقييد ما أحله الله تعالىٰ لخلقه مطلقًا؟! والله تعالىٰ يقول: {قُلْ مَنْ حَرَمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ والطَّيِبَاتِ مِنَ الرِزْقِ…}.

وأضاف المركز: ما وجه الإنكار علىٰ إعلان يوم مولده شعارًا يتذكَّر المسلمون فيه سيرته، ويراجعون فضائلَه وأخلاقه، ويَنْعَمون فيما بينهم بصلة الأرحام، وإطعام الطعام التى حثَّ عليها صاحبُ المولِدِ الأنورِ صلى الله عليه وسلم وعليه؛ فلا بأس بشراء وأكل حلوىٰ المولِد النبويِ الشريف، والتوسعة علىٰ الأهل فى هذا اليوم من باب الفرح والسرور بمقدِمه ﷺ للدنيا، وقد أخرج اللهُ تعالىٰ الناسَ به من الظلمات إلىٰ النور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights