هانم فتحي الأم المثالية بالدقهلية.. امرأة صنعت من الألم مجدًا وأصبحت نموذجًا

حصلت هانم فتحي أحمد بمحافظة الدقهلية على لقب الأم المثالية فى المسابقة التى أعلنت عنها وزارة التضامن الاجتماعي اليوم وهى الأمهات المثاليات لعام 2025.
النشأة
في زاوية صغيرة بقرية كفر الوزير، التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، تقف هانم فتحي أحمد محمد، شامخة كالشجرة التي ضربت جذورها في الأرض على الرغْم من العواصف، لتحصد في النهاية ثمار كفاحها. 53 عامًا من العمر، لكن قلبها مفعم بروح العطاء، ووجهها يروي قصة أم مثالية لم تستسلم لليتم والفقر، بل حوّلتهما إلى وقود يدفعها نحو المجد.
تركها زوجها مبكرًا
“عندما تزوجت هانم عام 1996، كانت فتاة يافعة في الخامسة والعشرين، تحلم بحياة بسيطة إلى جانب زوجها الذي كان يعمل أرزقيًا، يتقاضى أجره يومًا بيوم. أنجبت ابنتها الأولى إيمان عام 1997، ثم وضعت طفلها أحمد عام 1999، وكانت حياتها تسير بإيقاع هادئ حتى جاء الخبر الصادم: “توفي زوجي فجأة، تاركًا لي طفلين، لم تكن إيمان قد تجاوزت عامًا ونصف، بينما كان أحمد مجرد رضيع لا يتعدى عمره الأسبوعين”.
“في تلك اللحظة، شعرت هانم وكأن الأرض انشقت وابتلعتها لم يكن لديها أي مصدر دخل سوى معاش تأميني لا يتجاوز 35 جنيهًا، وكان عليها اقتسامه مع والدة زوجها. كانت المعادلة مستحيلة، لكنها لم تفكر أبدًا في الاستسلام”.
رفضت الزواج من أجل أطفالها
في مجتمع ريفي، كان الزواج الثاني الحل الأسهل، لكن هانم اتخذت قرارها الحاسم: “رفضت الارتباط برجل آخر، كنت لا أزال شابة، لكنني لم أرَ أمامي سوى أطفالي. كان يجب أن أكون لهم الأب والأم معًا”.
ومع ضيق ذات اليد، قررت أن تعتمد على نفسها. حصلت على قرض صغير وافتتحت محل بقالة لتأمين قوت يومها، ثم استثمرت ميراثًا بسيطًا من والدها في شراء قطعة أرض صغيرة وبناء منزل متواضع من طابق واحد، ليكون لها ولأطفالها ملاذًا آمنًا.
العلم كان بوابتها لمستقبل أبنائها
لم يكن كفاح هانم مجرد تأمين لقمة العيش، بل كان هدفها الأكبر أن يصل أبناؤها إلى أعلى المراتب العلمية. تقول: “منذ طفولتهما، كنت أردد دائمًا أن السلاح الحقيقي في الحياة هو العلم. حرصت على تعليمهم في أفضل المدارس، رغم الظروف القاسية”.
كبرت إيمان، وحصلت على ليسانس الآداب، ثم دبلومة في الإرشاد وعلم النفس الإكلينيكي، وأصبحت أخصائية نفسية في إحدى العيادات الخاصة. واليوم، هي مسجلة للحصول على درجة الماجستير، تتابع دراستها بنفس العزيمة التي غرستها والدتها فيها.
أما أحمد، فقد سار على خطى النجاح، حصل على بكالوريوس العلوم المالية والإدارية، وتم تعيينه معيدًا بجامعة الزقازيق. لم يتوقف عند ذلك، بل أكمل دراسته، وحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، مع توصية بتداول رسالته في الجامعات الأجنبية. واليوم، هو في طريقه للحصول على الدكتوراه.
المفاجأة التي لم تتوقعها
في العام الماضي، وبينما كانت هانم تواصل حياتها بهدوء، فاجأها أبناؤها بخبر غير متوقع: “أمي، لقد قدمنا لك في مسابقة الأم المثالية!”، لم تستطع تصديق الأمر في البداية، لكن الفرحة غمرتها عندما جاءها التكريم الذي تستحقه عن جدارة.
تقول هانم: “شعرت بسعادة لا توصف، لكنني أعلم أن هناك آلاف الأمهات اللاتي يستحققن هذا اللقب. أنا فخورة، ليس فقط لأنني حصلت على الجائزة، ولكن لأنني أنجزت مهمتي كأم، ونجحت في تربية أبنائي رغم كل الصعوبات”.
تختتم حديثها بابتسامة ملؤها الرضا: “أبنائي هم كنز حياتي. ولو عاد بي الزمن، لقدّمت لهم أضعاف ما فعلت، لأنهم يستحقون كل جميل”.
“هانم فتحي”.. قصة امرأة لم ترفع الراية البيضاء أبدًا، فأصبحت نموذجًا للأمومة الحقيقية.