مخرجات اجتماع العقبة..سناريوهات انتشار الذئاب المنفردة في سوريا
هل يتراجع النفوذ الإيراني ليحل محله التركي؟

اختتمت أمس السبت اجتماعات لجنة الاتصال الوزارية العربية في مدينة العقبة الأردنية، التي ركزت على أزمة سوريا وسبل دعم عملية انتقالية سلمية. والاجتماع جاء بمشاركة عدد من الدول العربية والأعضاء في المجموعة المصغرة حول سوريا، حيث أكد الحضور على أهمية تحقيق توافق عربي ودولي حيال المرحلة المقبلة.
وفي تصريحات له بعد الاجتماع، قال اللواء محمد عبد الواحد، الخبير في العلاقات الدولية وشؤون الأمن القومي، إن اجتماع العقبة الأخير بشأن سوريا حمل أهمية كبيرة سواء من حيث مخرجاته أو دلالاته السياسية، مؤكدًا أنه أظهر توافقًا عربيًا ودوليًا لدعم المرحلة الانتقالية القادمة في سوريا.
وأوضح لموقع “اليوم” أن الاجتماع أكد على سيادة وسلامة الأراضي السورية، ورفض استخدام العنف كوسيلة لحل النزاعات، وهو ما يعكس إرادة دولية لتوحيد الجهود لإنهاء الصراع الممتد منذ أكثر من عقد.
التوافق العربي والدولي
وأشار اللواء عبد الواحد إلى أن اجتماع العقبة شهد حضورًا دوليًا لافتًا، بما في ذلك ممثلين عن الولايات المتحدة وأوروبا، مما يعكس إرادة دولية مشتركة لدعم المرحلة الانتقالية في سوريا.
وأضاف أن هذا الحضور يعزز التوجه نحو تغيير خريطة النفوذ السياسي في المنطقة، مع التمهيد لتراجع الدور الإيراني والروسي لصالح رؤية إقليمية ودولية أكثر اتساقًا.
الازدواجية الأمريكية
وعن المخاوف الحالية، شدد اللواء عبد الواحد على أن هناك قلقًا حقيقيًا من عودة نشاط الجماعات الإرهابية في سوريا، لا سيما أن تنظيم “داعش” لا يزال ينشط في بعض المناطق، إلى جانب هيئة تحرير الشام، المدرجة على قوائم الإرهاب الدولية. وأوضح أن التعامل الغربي مع هذه الجماعات يتسم بازدواجية واضحة؛ حيث يتم تصنيفها كإرهابية في بعض السياقات أو كمعارضة معتدلة عندما تخدم المصالح الغربية.
وقال اللواء عبد الواحد: “الولايات المتحدة تُظهر تناقضًا في مواقفها. فهي على المستوى الرسمي تعتبر هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية، ولكن على المستوى شبه الرسمي تتعامل معها بمرونة، ما يعكس استخدام الإرهاب كأداة لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية في المنطقة.”
دعم الجماعات المسلحة
وتحدث اللواء عبد الواحد عن البيئة المهيئة في سوريا لتنامي الإرهاب نتيجة استمرار الصراعات وانهيار البنية التحتية، مشيرًا إلى أن هذه الجماعات غالبًا ما تكون مدعومة من قوى إقليمية ودولية تسعى لتوظيفها كبديل عن الحروب التقليدية. وأكد أن استخدام الإرهاب كأداة سياسية بات وسيلة تلجأ إليها بعض الأطراف الإقليمية لتعزيز نفوذها في الساحة السورية.
تراجع النفوذ الإيراني والروسي
وفيما يتعلق بخريطة النفوذ في سوريا، أوضح اللواء عبد الواحد أن الاجتماع يمثل بداية مرحلة جديدة ستشهد تراجعًا للدور الإيراني والروسي. وقال: “تراجع النفوذ الإيراني يبدو واضحًا في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية المتزايدة، كما أن انشغال روسيا بالحرب الأوكرانية يضعف قدرتها على الحفاظ على نفوذها في سوريا.”
وفي المقابل، يتوقع أن يشهد الدور التركي صعودًا ملحوظًا، حيث تستغل أنقرة الفراغ الناتج عن تراجع اللاعبين الآخرين لتعزيز وجودها في الشمال السوري.
القلق والترقب
اختتم اللواء عبد الواحد حديثه بالإشارة إلى أن الوضع في سوريا ما زال محفوفًا بالمخاطر. فعلى الرغم من التوافق الدولي المعلن، إلا أن عودة الإرهاب وانتشار “الذئاب المنفردة” تظل تهديدًا قائمًا. كما أكد على أن التحدي الأكبر يكمن في إيجاد حلول شاملة تعيد الاستقرار إلى سوريا وتحافظ على وحدتها وسلامة أراضيها.
وأبرز مخرجات الاجتماع:
- دعم وحدة وسيادة سوريا: التأكيد على الحفاظ على سلامة الأراضي السورية، ورفض أي محاولات للتقسيم أو التدخلات الخارجية.
- إدانة الاحتلال الإسرائيلي: انتقد البيان الختامي التوغل الإسرائيلي في المنطقة العازلة والجولان المحتل، داعيًا مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات صارمة لوقف هذه الانتهاكات.
- نبذ العنف والإرهاب: شدد المجتمعون على ضرورة مواجهة تهديدات الجماعات الإرهابية مثل “داعش” و”هيئة تحرير الشام”، التي لا تزال تشكل خطرًا على الأمن الإقليمي والدولي.
مشاركة واسعة
ضم الاجتماع ممثلين عن دول عربية مثل الأردن، السعودية، مصر، ولبنان، إلى جانب تركيا ودول غربية من المجموعة المصغرة بشأن سوريا، مثل الولايات المتحدة، ألمانيا، وفرنسا. كما حضر المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا والممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي.
تعليق واحد