مؤتمر الحوار الإسلامي: دعوات لتجاوز التعصب وتعزيز الوحدة بين المذاهب

أكد سماحة السيد علي السيد الحكيم، الأمين العام لمؤسسة الإمام الحكيم في لبنان، أن الاختلاف بين البشر حقيقة فطرية مرتبطة بالابتلاء والتكليف الذي يقوم عليه وجود الإنسان في الأرض، مشيرًا إلى أن هذا الاختلاف لا ينبغي أن يكون سببًا للنزاع أو التفرقة بين مكونات المجتمع الواحد أو بين المجتمعات المتعددة، بل يجب أن يكون دافعًا للتعاون والتفاهم في إطار المشترك الإنساني أو الوطني.
جاء ذلك خلال كلمته في مؤتمر الحوار الإسلامي-الإسلامي، الذي تستضيفه العاصمة البحرينية المنامة يومي 19 و20 فبراير الجاري تحت شعار “أمة واحدة ومصير مشترك”، والذي يهدف إلى تعزيز الحوار بين المذاهب الإسلامية وإيجاد آليات دائمة للتفاهم بين المرجعيات والعلماء.
وأوضح السيد الحكيم خلال الجلسة الافتتاحية التي أدارها الدكتور عبد الله الشريكة، مدير مركز الوسطية بالكويت، أن من أخطر أشكال العنف هو ذاك الذي يستخدم الدين كغطاء لشرعنة ممارساته، إذ لا تكمن خطورته في القتل أو التخريب فقط، بل في محاولته منح هذه الأعمال صبغة قدسية، مما يحوّلها إلى واجب إلهي في نظر مرتكبيها، ويؤدي إلى إقصاء الآخر ليس فقط من دائرة المقدس، بل حتى من دائرة الإنسانية.
تحرير الأمة من التعصب المذهبي
من جانبه، شدد الدكتور سعيد شبار، أستاذ التعليم العالي بجامعة السلطان مولاي سليمان بالمغرب، على أهمية وعي العلماء والمرجعيات الدينية بوظيفتهم الأساسية في تحقيق وحدة الأمة وانسجامها، معتبرًا أن بناء الوعي الجمعي يمر عبر قنوات متعددة، إلا أن البعد الديني يظل الأكثر تأثيرًا.
وأشار شبار إلى أن التاريخ الإسلامي شهد انحرافًا عن الأصول الكلية، حيث طغى الاهتمام بالفروع والجزئيات، مما أدى إلى انتشار النزاع والخلاف بين المسلمين.
وأكد أن العلماء مطالبون اليوم بإعادة الاعتبار للمفاهيم الكلية في الدين، وتجديد العلوم الإسلامية، وتقويم الأفكار والسلوكيات التي تسربت من ثقافات أخرى فأضعفت الروابط الداخلية للأمة.
وفي حديثه عن سبل تجاوز عوائق التفاهم بين المذاهب الإسلامية، دعا الدكتور شبار إلى ضرورة الفصل بين المذاهب كمذاهب فقهية وعقدية محترمة، وبين التعصب المذهبي الذي نشأ عبر التاريخ وأدى إلى فرقة المسلمين.
وأوضح أن المذاهب الإسلامية الكبرى لم تكن يومًا عقبات أمام الوحدة، بل إنها وفرت أرضية واسعة للتفاهم والتعاون، إلا أن بعض الممارسات التاريخية حولت الخلافات الفقهية إلى صراعات عقائدية، ما يستوجب اليوم التحرر من آثار هذه العصبيات والانفتاح على كل ما يخدم مصلحة الأمة الإسلامية.
الحوار الإسلامي أداة لترجمة آمال الأمة
أكد الشيخ سيد محمد المختار، عضو رابطة الأمة بالسنغال، أن الحوار بين المسلمين ليس مجرد نقاش فكري، بل هو التزام حقيقي يعكس إرادة الأمة في تحقيق التفاهم والتكامل، مشيرًا إلى أن الحوار البناء هو السبيل الأنجح لحل الأزمات الداخلية والخارجية التي تواجه العالم الإسلامي.
وأضاف أن تحقيق الاستقرار والتقدم للأمة الإسلامية لا يمكن أن يتم إلا من خلال تعزيز التعاون المشترك بين مكوناتها، متوجهًا بالشكر لمملكة البحرين على استضافتها لهذا المؤتمر المهم، الذي يمثل خطوة كبيرة نحو ترجمة تطلعات المسلمين في الوحدة والتضامن على أرض الواقع.
وأعرب المختار عن أمله في أن يكون المؤتمر نقطة انطلاق لجهود مستدامة في تعزيز الحوار بين المذاهب الإسلامية، وبناء جسور من التفاهم والتعاون، بما يحقق المزيد من الوحدة والتضامن بين الدول الإسلامية.