الأزهر الشريف في مواجهة الإلحاد والتحديات الفكرية

في ظل التحديات الفكرية التي يواجهها العالم، تتصدر مؤسسة الأزهر الشريف، برئاسة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، المشهد في تعزيز الوعي الفكري والإيماني لدى الشباب من مختلف أنحاء العالم.
وفي هذا السياق، نظمت كلية العلوم الإسلامية والعربية للوافدين بالتعاون مع مركز تطوير تعليم الطلاب الوافدين والأجانب، دورة تثقيفية مكثفة تستمر حتى 25 يناير الجاري.
رسالة عالمية للتصدي للفكر الإلحادي نطلاقًا من دور الأزهر الشريف كجامع وجامعة يحمل رسالة الإسلام الوسطية إلى العالم، تأتي هذه الدورة التثقيفية كجزء من سلسلة أنشطة تعليمية تهدف إلى معالجة ظاهرة الإلحاد التي تمثل واحدة من أخطر التحديات الفكرية في العصر الحديث.
محاضرات علمية مكثفة لمواجهة الإلحاد
شهدت الدورة محاضرات علمية قدمها نخبة من كبار العلماء بالأزهر الشريف، على رأسهم:
الدكتور حسن الشافعي، رئيس المجامع اللغوية وعضو هيئة كبار العلماء: ركزت محاضرته على تعريف الإلحاد وأنواعه ومذاهبه الفكرية المختلفة.
تناول فضيلته جذور الظاهرة وأسباب انتشارها، مبينًا آثارها السلبية على المجتمع والأسرة. وأكد أن المواجهة تتطلب فهمًا واعيًا ومنهجيًا يعتمد على الحجة العقلية والدليل العلمي.
الدكتور محمود توفيق سعد، عضو هيئة كبار العلماء: ناقش إحدى الشبهات الفكرية الكبرى المتعلقة بوجود الشر في العالم، حيث قدّم تفسيرًا فلسفيًا ودينيًا لهذه المسألة. استخدم أمثلة من التراث الإسلامي لبيان أن وجود الشر لا يتعارض مع حكمة الله ورحمته، بل يُظهر الجوانب العميقة للتجربة الإنسانية والإرادة الحرة.
أهداف الدورة: بناء وعي فكري رصين
أوضحت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشارة شيخ الأزهر لشؤون الوافدين وعميدة كلية العلوم الإسلامية والعربية، أن الهدف الرئيسي من الدورة يتمثل في إعداد جيل من الطلاب الوافدين يمتلك المهارات الفكرية والحوارية التي تمكنه من التصدي للشبهات الفكرية، وخاصة الإلحادية منها. وأكدت أن الأزهر يحرص على تحصين الطلاب من خلال تأصيل العلاقة بين الإيمان والعلم، بما يعزز دورهم كسفراء للفكر الوسطي في مجتمعاتهم.
الإلحاد: أسباب وانتشار
سلطت المحاضرات الضوء على الأسباب المتعددة التي تدفع البعض نحو الإلحاد، ومنها:
1. الأسباب الفلسفية: تأثر البعض بالفكر المادي الذي ينكر الغيبيات.
2. الأسباب النفسية والاجتماعية: مثل الصدمات الشخصية أو الظلم الاجتماعي.
3. التطور التكنولوجي والإعلام: الذي أتاح انتشار الأفكار الإلحادية بسهولة بين الشباب.
مواجهة الشبهات: الحوار العلمي كأداة أساسية
أكد العلماء المشاركون أن الرد على الأفكار الإلحادية يتطلب منهجية قائمة على الحوار العلمي، باستخدام الأدلة العقلية والنقلية. تم خلال المحاضرات تقديم نماذج عملية لكيفية الرد على الشبهات الأكثر شيوعًا، مثل إنكار وجود الله أو الاعتراض على بعض الأحكام الشرعية.
تعزيز دور الطلاب الوافدين في مجتمعاتهم
أوضحت الدكتورة نهلة الصعيدي أن هذه الدورة ليست مجرد نشاط علمي، بل هي مشروع فكري متكامل يهدف إلى إعداد الطلاب ليكونوا سفراء للفكر الوسطي المعتدل.
وأشارت إلى أهمية تعزيز روح التعاون والتفاهم الثقافي بين الطلاب من مختلف الجنسيات، بما يسهم في نشر قيم الحوار والتسامح في مجتمعاتهم.
شهادات المشاركين: تجربة تعليمية مميزة
عبّر الطلاب الوافدون عن تقديرهم لهذه الدورة، مؤكدين أنها أضافت لهم معرفة قيمة وساعدتهم على مواجهة الكثير من الأسئلة التي قد يواجهونها في حياتهم اليومية. وأشار أحد الطلاب إلى أن أسلوب الشرح العلمي الذي اعتمده العلماء ساعده على فهم القضايا الفكرية بوضوح.
الأزهر في مواجهة التحديات الفكرية
تمثل هذه الدورة التثقيفية جزءًا من استراتيجية الأزهر الشريف الشاملة لتعزيز الوعي الفكري ومواجهة التحديات المعاصرة. تشمل هذه الاستراتيجية العديد من الأنشطة مثل الندوات، وإعداد المحتوى العلمي، والدورات التدريبية التي تستهدف فئات متنوعة من المجتمع.
رسالة الأزهر العالمية
تؤكد هذه المبادرة على التزام الأزهر الشريف بدوره كمنارة علمية وفكرية تنير الطريق للشباب، وتساعدهم على التصدي للأفكار المتطرفة والإلحادية. ومن خلال هذه الدورات، يواصل الأزهر تحقيق رسالته العالمية في نشر الإسلام الوسطي وترسيخ قيم الإيمان والعلم.