📢 أعلن على موقع اليوم الإخباري الآن – واجهتك المثالية للوصول إلى آلاف الزوار يوميًا 🔥 تواصل عبر واتساب +20 100 244 0441   |   أعلن الآن
أخبار

مفتي الجمهورية: الفطرة تهدي الإنسان إلى الإيمان

قال الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن قضية الإلحاد والانحراف عن الإيمان لم تعد مسألة هامشية، بل أصبحت تحديًا يستوجب المواجهة الفكرية والعلمية الرصينة.

جاء ذلك خلال كلمته في الندوة التثقيفية الأولى لعلوم الوافدين، التي نظمتها كلية العلوم الإسلامية للوافدين بجامعة الأزهر، تحت عنوان «مواجهة الشبهات الإلحادية»، حيث شدد فضيلته على أهمية التصدي لهذه الظاهرة بأسلوب علمي يعتمد على الأدلة العقلية والتجريبية والنقلية.

وجود الله.. حقيقة لا يعتريها الشك

استهل فضيلة المفتي كلمته بالتأكيد على أن وجود الله حقيقةٌ أزليةٌ راسخة لا يعتريها شكٌ أو ظن، مشيرًا إلى أن جميع الرسالات السماوية جاءت لتأكيد وحدانية الله، وأن الإيمان بهذه الحقيقة لا يحتاج إلى جدال عقيم أو سفسطة فكرية، بل هو أمر تدركه العقول السليمة والفطر المستقيمة. واستشهد فضيلته بقول الله تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، مؤكدًا أن الإنسان بفطرته يدرك وجود الله دون الحاجة إلى أدلة معقدة، لكنه قد يتأثر بالبيئة والمجتمع مما قد يطمس هذه الفطرة لفترة مؤقتة.

وأوضح فضيلته أن العقل البشري يقضي بأنه لا بد لكل بناء من بانٍ، ولابد لكل خلق من خالق، مستشهدًا بعهد الله على بني آدم في عالم الذر، كما جاء في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} [الأعراف: 172]، مشيرًا إلى أن هذا العهد الإلهي يؤكد إقرار البشر بوجود الله منذ الأزل.

الفطرة السليمة.. مرشد الإنسان إلى الإيمان

أكد فضيلته أن الفطرة السليمة هي النور الكامن في أعماق الإنسان، والذي يرشده إلى الإيمان بوحدانية الله، موضحًا أنه عند اشتداد الأزمات وضيق الحيل تتجرد الفطرة من المؤثرات الخارجية وتنطق بنداء التوحيد فالعقل البشري، عندما يتحرر من الشبهات والانحرافات الفكرية، يهتدي إلى برهان اليقين بوجود الله.

وأشار فضيلته إلى أن البيئة والمجتمع قد يؤثران على الفطرة، إلا أن جوهرها يبقى سليمًا، مما يمكن الإنسان من العودة إلى الإيمان مهما انحرف عنه لفترة. وأضاف أن الفطرة تدفع الإنسان إلى البحث عن الحقيقة والعدالة، وتجعله يشعر بالطمأنينة عندما يقترب من الحق، وبالاضطراب عندما يبتعد عنه.
في أشد لحظات اليأس، يلجأ الإنسان إلى الله دون أن يكون هناك من يدفعه إلى ذلك سوى نداء الفطرة.

الأدلة العقلية والتجريبية على وجود الله

تطرق فضيلة المفتي إلى الأدلة العقلية التي تثبت وجود الله، مشيرًا إلى ما ذكره الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه اللمع حول مبدأ الحدوث، حيث أكد أن التغير المستمر في الإنسان والمخلوقات الأخرى يدل على أنها ليست أزلية، بل لها خالق أوجدها.

كما استشهد بقول الفيلسوف الكندي الذي أكد أن حركة الليل والنهار، وتغير المادة بين الحركة والسكون، لا بد لها من منظم حكيم.

كما أوضح فضيلته أن الأدلة الحسية على وجود الله واضحة وجلية، فالنظام الدقيق الذي يسير عليه الكون، ودوران الأفلاك بانسجام بديع، وتناغم العناصر في الطبيعة بإحكام دقيق، كلها شواهد ناطقة بعظمة الصانع وحكمته. واستدل بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21]، مؤكدًا أن تسخير الكون للإنسان دليل على وجود الله ووحدانيته.

وأضاف فضيلته أن تعقيد بنية الإنسان، وما تحتويه من نظم حيوية دقيقة، يشير إلى تصميم متقن لا يمكن أن يكون وليد الصدفة فالتوازن الكيميائي الدقيق في الكون، وتنوع العناصر بنسب محسوبة، كلها شواهد على قدرة الله وحكمته.
كما أشار إلى ظاهرة الموت باعتبارها أحد الأدلة على وجود الله، حيث إنها مفارقة عجيبة للحياة لا يمكن تفسيرها إلا بإرادة خالق عظيم.

ضرورة التصدي للشبهات الإلحادية بأساليب علمية

أكد فضيلة المفتي في ختام كلمته أن تعدد الأدلة على وجود الله ليس من باب التشكيك، بل هو تأكيد على هذه الحقيقة من زوايا متعددة تناسب مستويات الإدراك المختلفة. وشدد على ضرورة مواجهة الشبهات الإلحادية بأساليب علمية تجمع بين الأدلة العقلية والتجريبية والنقلية، مشيرًا إلى أن هذه المواجهة يجب أن تكون بأسلوب حكيم قائم على الحوار والإقناع، وليس مجرد الإنكار والرفض.

حضور رفيع المستوى يؤكد أهمية الندوة

شهدت الندوة حضور عدد من كبار علماء الأزهر، في مقدمتهم فضيلة الأستاذ الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، وفضيلة الأستاذ الدكتور محمود صديق، نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، وفضيلة الأستاذ الدكتور السيد بكري، نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، بالإضافة إلى سعادة الأستاذة الدكتورة نهلة الصعيدي، عميدة كلية العلوم الإسلامية للوافدين، وفضيلة الأستاذ الدكتور خالد راتب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى جانب لفيف من السادة أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر.

واختتمت الندوة بالتأكيد على أهمية دور المؤسسات الدينية والعلمية في نشر الفكر الوسطي، والتصدي للشبهات التي تستهدف زعزعة العقيدة، وضرورة تقديم خطاب ديني يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويعتمد على الحجج العقلية والعلمية في الرد على دعاوى الإلحاد والانحراف الفكري.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights