
فى كل عمل درامى أو سينمائى، هناك “أبطال الظل”، جيش من الممثلين الصامتين أو ذوى الأدوار الصغيرة، يُعرفون بـ”الكومبارس“.
قد يكون هؤلاء خارج دائرة الأضواء، إلا أنهم جزء لا يتجزأ من أى عمل فنى، فهم من يمنحون المشاهد الحياة والواقعية ورغم التحديات، فإن بعضهم قد يجد طريقه إلى النجومية، بينما يظل الآخرون فى الظل مخلصين لدورهم.
التقت جريدة “اليوم” واحدة من أبطال الظل، حيث ستدخلنا إلى عالمهم، إنها “أم سعيد”، السبعينية التي قضت أكثر من نصف عمرها في هذه المهنة، لم تعرف القراءة أو الكتابة، لكنها امتلكت موهبة وحبًا للفن منحاها الاستمرار.
كان اللقاء في مقهى “بعرة“، الذي لعب دورًا هامًا في حياة الكثيرين من أصحاب أدوار الكومبارس ونجوم الصف الثاني، حتى أصبح بعضهم من المشاهير، وقد ارتاده قديمًا جميع صناع ونجوم السينما.
كيف بدأتي العمل في هذا المجال؟
بدأت الشغلانة دى بالصدفة مع محمود ياسين فى فيلم “قشر البندق”، ساعتها كانوا طالبين مجاميع وأنا ساكنة فى إمبابة والشارع كله راح، روحت فضول اشوف بيعملوا ايه ومن ساعتها وأنا فى الشغلانة دى من أكتر من 35 سنة وحبيتها.
ماذا تغير في شغلانة الكومبارس؟
شغل الكومبارس كان مرتبط بمكاتب الريجسير الموجودة فى شارع عماد الدين ذى مكتب محمود وجدى ومنجى محمد منجى وشميس وأحمد ترك، والشغلانة دلوقت اتغيرت كتير جدًا، لأنها بقت شغلانة لأى حد عايز يأكل عيش مع ضيق الأحوال، مش بس اللى غاويها وفى ستات بياخدوا أطفالهم معاهم فى المجاميع، زمان كنا نستخبى وأحنا راجعين متأخر لكن دلوقت فى حرية والناس فاهمة أن دا شغل.
شاركتى فى أعمال مع فنانين كبار وجمعتك بهم مواقف ماذا تتذكري منها؟
السبب فى أنه يتم اختيارى من المجاميع للمشاركة فى مشاهد ناطقة هو إجادة اللهجة الصعيدى بأداء حقيقى غير مصطنع بعد فشل أكتر من واحدة فى تقديم الجملة بشكل صحيح والمخرج وقتها حياني لأنى قدمت المشهد من أول مرة.
وفي مرات كتيرة تم اختيارى من بين المجاميع لتقديم مشهد ومنها مسلسل “شيخ العرب همام” تم اختيارى لتقديم مشهد مع الفنان الكبير يحيى الفخرانى، وهو دور سيدة فقدت أولادها الثلاثة فى معارك شيخ العرب همام، ولما جاء يقدم العزاء وسط بكائى وحزنى غضبت وطردته.
بعد ما خلصت المشهد من المرة الأولى دون أى رهبة أو ارتباك أشاد الفنان بى ولما أعتذرت له عن توجيه الشتائم له أثناء المشهد، قالى بالعكس أحسنتى وشعرت بسعادة شديدة وكُتب على التتر قدمت دور المرأة العجوز لأنها لن تنجب مرة أخرى وهو دا اللى طلب منى المخرج احس به فى المشهد.
الدور لم يكن لى طُلب من زميلة اسمها الحاجة زينب لم تسطيع تقديم المشهد، ولما عملته منحوني 300 جنيه أصريت اتقاسمهم معاها ولما رفضت قولتها لا انتى اللى رشحتيني.
متى استشعرتي أن الجمهور بدأ يعرفك؟
أول مشهد عرفنى بيه الناس كان مشهد فى فيلم “بوحه”، وبعدها بقوا يطلبوني بالاسم وكل الوسط عارفني ب أم سعيد بالرغم أنى لم انجب ودا اسم ابن أختى، أنا شاركت فى كل مسلسلات محمد رمضان “الأسطورة” و”زلزال” و”المشوار” و”موسى” قدمت دور (معدده) فى جنازة، اندمجت فى الدور والمخرج أشاد بى وخد مشهد طويل أنا من محافظة قنا وعشت أغلب عمرى فى القاهرة لكن احتفظت باللهجة الصعيدي من أمى كانت صعيدية شديدة.
حدثينا عن مشاركتك فى مسلسل الكبير وتصدر الترند؟
أحمد مكى ربنا يخليه ويحميه وجدت منه أفضل معاملة من أول لحظة فى اللوكيشن، كلمنى مكتب الريجيسير وقالوا لى مكى عايزك تشتغلى معاه فى “الكبير أوى”، روحت طبعا وأول لما قابلني قالى هنشتغل سوا، وكان مشهد الغيط كنت حاطة كالونا فى أيدى وولعت سيجار وبلعب على اللاب توب، الأغنية كسرت الدنيا وخدت أعلى أجر لى فى المسلسل دا، ومكى أعطانى مكافأة خاصة منه.
وبشارك فى مسلسلات رمضان السنة دى فى مسلسل “نص الشعب اسمه محمد” ومسلسل “الخلانجى” مع محمد رجب و”حكيم باشا”، أكتر شىء بيعجب المخرجين أنى بنفذ المشهد من أول مرة وبحفظ المطلوب منى وأنا مش بعرف أقرأ ولا اكتب.
ما هى المصاعب التي تواجهكم فى مهنة الكومبارس؟
كتير.. أحيانا بعد ما يطلبونا يلاقوا العدد كبير فيمشوا ناس وأحنا بنشتغل باليومية، كمان مفيش مواعيد محددة، لو عايزنا الساعة 11 الصبح بننزل من الفجر عشان نتجمع فى الاتوبيسات ونستنى التجهيز لبدء التصوير.
هل فكرتي تطالبي بالقيد فى نقابة المهن التمثيلية؟
لا لم افكر فى ذلك وأنا من خبرتى فى المهنة دى 35 سنة عارفة أن دا مش هيحصل، وفى زميلة لنا اسمها برنسة حاولت ووصلت لـ أشرف زكى وشرحت كل ظروفها ومحصلش حاجة، غير مساعدات من فنانين حسب ما سمعت.
وقناعتي أن دا مش هيحصل لأن الكومبارس مفيش عدد معروف ليهم وهى شغلانة غير منتظمة وصعب يتقيدوا فى النقابة، واللى بطالب به زيادة الأجر لأنه ضعيف جدًا واحنا بنشتغل ساعات طويلة توصل لـ14 ساعة والأجر لا يتجاوز 250 جنيه والشغل مش كل يوم.
هل فكرتي في ترك هذا العمل؟
أبدًا.. أنا بحب الشغلانة دى وعمرى ما فكرت ابطلها بكون تعبانة ويقولوا لى ما تخرجيش واحنا متكفلين بيكى، برفض ولما بنزل الشغل بتحسن، وبلاقى محبة من الفنانين والمخرجين منهم كاملة أبو زكرى بالرغم أنهم بيقولوا عليها شديدة لما بتلاقينى تعبانة بتقولى ارتاحى.
فى اللوكيشن بلاقى دعم ومحبة من كل الفنانين وعمر ما حد فيهم اتكبر عليا بالعكس بيقولوا لى ادعيلنا وروحهم حلوة، وأنا متفهمة أن هم عندهم ضغط وأن هم فى شغل وارتباط لازم يخلصوا.
هل لكي مطالب يا أم سعيد؟
بحلم أن أنا احج ودا كل اللى عايزاه من الدنيا، ومش عايزة اطلب دا من أى حد أنا عايزة احج من فلوسى عشان أخد ثواب أكبر، وأن شاء الله هعمل جمعية واقدر أزور النبى وبعدها أموت.