مقالات

أنفاس إلى طريق الموت

في مشهد بات مألوفًا في شوارعنا، تتكدس المقاهي بروّادها من مختلف الأعمار، يجلسون لساعات طويلة يطاردون “الكيف” بأنفاس من الشيشة، وكأنها طوق نجاة من ضغوط الحياة، بينما هي في الحقيقة حبل يلتف حول أعناقهم ببطء.

ظاهرة انتشرت بشكل لافت، خاصة بين فئة الشباب والمراهقين، الذين وجدوا في الشيشة متنفسًا مزيفًا، يفرغون فيه طاقاتهم السلبية دون وعي بخطورتها. البعض يراها عادة اجتماعية، وآخرون يعتبرونها وسيلة للهروب من واقع ضاغط، ولكن الحقيقة المؤلمة أنها تحوّلت إلى عادة مدمّرة نفسيًا وصحيًا وماديًا.

السمّ في أنفاس ملوّنة

الدراسات الطبية لم تعد تُخفي الأمر؛ فكل “نفس” من الشيشة يحتوي على مواد سامة تفوق ما في السجائر، بل ويتسبب في مضاعفة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والرئة، فضلًا عن تأثيراته النفسية التي تقود للإدمان، والعزلة، واللامبالاة.

روتين يومي… نحو الهاوية

المؤسف أن هذه العادة تحوّلت إلى جزء من الروتين اليومي لدى كثير من الشباب. فالمقهى صار ملتقى رئيسيًا بعد العمل أو الدراسة، والشيشة صارت جزءًا من “الترفيه”. حتى أن بعضهم لا يستطيع إنهاء يومه دون جلسة “كيف”، وكأنها مكافأة على صبره في الحياة.

هل نلوم الشباب؟ أم المجتمع؟ أم غياب البدائل الصحية والثقافية؟

في ظل ضعف الوعي وغياب البرامج التوعوية الجادة، ومع الانتشار الواسع لمقاهي الشيشة كأنها منتجعات للراحة، يبدو أننا أمام تحدٍ كبير يتطلب وقفة مجتمعية جادة، تبدأ من الأسرة ولا تنتهي عند حدود السياسات الصحية.

صرخة في وجه الدخان

أنفاس الشيشة ليست فقط دخانًا يتصاعد في الهواء، بل هي رسائل استغاثة مكتومة من شباب فقدوا البوصلة. إنها ليست تسلية بريئة، بل طريق هادئ نحو الموت… ببطء.

فهل نصحو قبل أن تبتلعنا تلك الأنفاس الأخيرة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى