
وسط أزمة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة، كشفت تقارير دولية عن خطة أمريكية جديدة لتوزيع المساعدات على الفلسطينيين، لكن هذه المرة وفق نظام صارم ومراقب بدقة، أثار انتقادات واسعة من الأمم المتحدة ومؤسسات الإغاثة.
وتستند الخطة إلى تأسيس منظمة جديدة تحمل اسم مؤسسة غزة الخيرية (GHF)، ومقرها جنيف، تم تسجيلها في فبراير 2025.
ورغم أنها تُسوّق كبديل آمن وفعّال للمنظمات الأممية التي تعرّضت لهجمات وانتقادات من إسرائيل، إلا أن الكثيرين يرون أنها جزء من مشروع أكبر لإخضاع سكان القطاع وإدارتهم عبر “حصص غذائية محسوبة”.
أربعة مواقع توزيع.. ووجبة واحدة يوميًا
بحسب ما أوردته صحيفة يديعوت أحرونوت، عرض المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أمام مجلس الأمن تفاصيل خطة توزيع المساعدات التي ستعتمد على أربع نقاط رئيسية جنوب قطاع غزة، تخدم كل واحدة منها نحو 300 ألف شخص، على أن يتم تقديم وجبة واحدة يوميًا تحتوي على 1750 سعرة حرارية للفرد.
والمواقع الثلاثة المتفق عليها حتى الآن تشمل محور موراج ومنطقة كيسوفيم ومنطقة نتساريم الجنوبية، فيما لا يزال هناك خلاف حول نقطة رابعة في الشجاعية، إذ تسعى إسرائيل إلى دفع سكان غزة وشمالها إلى النزوح جنوبًا.
شخصيات أمريكية تدير المشهد.. دون فلسطينيين
تتولى إدارة مؤسسة غزة الخيرية مجموعة من الشخصيات الأمريكية والدولية البارزة، أبرزهم:
- جيك وود: المدير التنفيذي ومؤسس فريق روبيكون، المخضرم في مشاة البحرية الأمريكية.
- ديفيد بيرك: مدير العمليات الرئيسي وخبير في العمليات الاستراتيجية.
- جون أكري: رئيس البعثة والمسؤول السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).
- ديفيد بيزلي: الحاكم السابق لكارولينا الجنوبية والمدير السابق لبرنامج الغذاء العالمي، المعروف بولائه لإسرائيل.
وبحسب الوثائق، لا يوجد أي تمثيل فلسطيني في هذه المؤسسة أو في مجلسها الاستشاري، ما يثير انتقادات واسعة بشأن غياب الأصوات المحلية عن إدارة شؤون المساعدات في غزة.
رقابة أمنية مشددة
تشير الخطة إلى إنشاء كشوفات مسبقة للمستفيدين تخضع للفحص الأمني من قبل الجيش الإسرائيلي، مع استخدام تقنيات التعرف على الوجوه عند التسليم.
وستتحرك الشاحنات عبر الممرات الإنسانية الأربع تحت حماية شركات أمنية خاصة، تشمل أفرادًا سبق لهم تأمين ممر نتساريم خلال الهدنة الأخيرة.
رغم أن الجيش الإسرائيلي لن يتواجد داخل نقاط التوزيع، إلا أن تنسيق إدخال المساعدات سيكون عبر مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق (COGAT)، وبمشاركة 12 مؤسسة خيرية أمريكية.
تحذيرات دولية
أثارت الخطة موجة انتقادات حادة من مؤسسات الإغاثة الأممية، إذ اعتبرها مسؤول في الأمم المتحدة وسيلة “لاستخدام المساعدات كسلاح” من خلال فرض قيود مشددة على من يحق له الحصول عليها.
بدورها، قالت تمارا الرفاعي، مديرة الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إن الخطة “غير قابلة للتنفيذ لوجستيًا”، محذرة من أنها تمثل سابقة خطيرة تُمكن الدول من استخدام الحصار كتكتيك حرب لتدمير الهياكل الإنسانية القائمة.
بينما يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من الجوع ونقص المواد الأساسية بسبب إغلاق المعابر، يرى محللون أن الخطة الأمريكية – الإسرائيلية الجديدة لن تكون سوى وسيلة للسيطرة السياسية تحت غطاء إنساني، خاصة مع فرض آليات تمويل خاضعة لرقابة شركات تدقيق كبرى وبنوك أمريكية كـ JPMorgan Chase.